في درعا.. شر الإيجارات بين النزوح وهبوب الأسعار ...ارتفاع أسعار الإيجارات شيء لا يوصف ... ويارب تعين!

في درعا.. شر الإيجارات بين النزوح وهبوب الأسعار ...ارتفاع أسعار الإيجارات شيء لا يوصف ... ويارب تعين!

الأزمنة

السبت، ٣٠ يوليو ٢٠١٦

محمد العمر
خمس سنوات وأكثر من مرحلة النزوح الداخلي للأسر والعائلات التي تضررت من الظروف الحاصلة والتي فقدت نتيجة ذلك منازلها، فراحت تبحث عن الأماكن الأكثر أمناً، وهم كما يصفون رحلة شاقة ومتعبة لنزوحهم، ذاقوا الأمرين من جراء ذلك، فبات على رب الأسرة تأمين مبلغ يزيد على 150 ألف ليرة سورية شهرياً لأسرته لتعيش بشكل جيد وتومن مكاناً آمنا يقيها شر ما يحصل. اذاً هم تجار الأزمات الذين لم يوفروا شيئاً من طمعهم وضعف نفوسهم، ليستغلوا النازحين المهجرين الهاربين تحت وقع عدم الأمان والسلامة في مناطقهم، تجار ازدادوا ثراء فاحشاً على حساب أسر وعائلات فقيرة لا ذنب لهم، من ظروف سيئة وقفت أمامهم، فـوجدوا أنفسهم أمام بيوت فقيرة بالخدمات لا تسوي شيئاً، دفعوا أجرتها الآلاف من الليرات السورية، لتقيهم من إرهاب المجموعات المسلحة، خاصة بعد قلة المعروض من الإيجارات وازدياد الطلب بعد الرضوخ للأمر الواقع..
 مرارة الإيجار....!
من الواضح أن الأزمة وما ندبته من الظروف المحيطة، قد خلقت عوامل جشع للكثير من ضعاف النفوس لابتزاز واستغلال المهجرين الهاربين من آثار الدمار الذي صنعته المجموعات الإرهابية في مناطقهم، وهذا ما أدى للإثراء السريع لدى تجار الأزمات  خاصة ممن يمتلكون مجمعات ومكاتب أبنية عديدة، وصار من المنطقي القول: إن ما شهدته سوق العقارات اليوم أقرب إلى حالةً من التذبذب والفوضى في الأسعار  سواء كان استئجاراً أو بيعاً، حيث هناك مناطق ومنها الريف لا تبتعد سوى القليل من الكيلو مترات عن العاصمة مثل غباغب والصنمين أكثر من درعا، وفي وقت كانت الأسعار منذ خمسة أعوام  أي قبل الأزمة تعتبر  فيها مقبولة نوعاً ما، لكن على أثر الظروف الحالية من الأزمة باتت الأسعار الآن غير عادية نظراً لما تطلبته من أرقام قياسية كانت أكثر وقعاً على ذوي الدخل المحدود والشريحة الواسعة غير القادرة على تأمين ما يلزم للسكن بهذه المناطق. وتشهد عملية استئجار المنازل في المناطق  الساحنة ارتفاعاً خيالياً في الأسعار، حيث وصل إيجار منزل في إحدى بلدات ريف درعا الشرقية إلى أكثر من 50 ألف ليرة وغيرها أيضاً في المناطق الغربية، ما دفع ببعضهم  إلى نصب خيامهم في العراء أو الاستقرار في المزارع، وحتى في الأبنية غير منتهية البناء، يقول "احمد العدوان ":  إن  انخفاض الدخل المعيشي غير قادر على استئجار  بيت لحجم مثل أسرتي  مكونة من عشرة أشخاص، مضيفاً: سكنت  مع أفراد أسرتي في منزل متواضع، فدخلي لا يسمح بذلك؛ بسبب غلاء المعيشة واستغلال بعض الأشخاص من ذوي النفوس الضعيفة الذين يملكون المنازل في المناطق الأكثر أمناً، حيث يقومون بطلب مبالغ مالية كبيرة ثمناً لاستئجار المنزل، ونظراً للظروف المعيشية والاقتصادية السيئة التي نعيشها وانعدام فرص العمل فإننا لا نملك المال الكافي للعيش في المناطق الآمنة نوعاً ما ولنبقى في خطوط الموت".
أما حسن الصلخدي من النعيمة فقد غير مكان إقامته ثلاث مرات، متنقلاً من مكان لآخر برفقة أسرته هرباً من الموت، يقول: "قطنت في مدينة  درعا  اليوم بعد رحلة طويلة ومشقة  لنزوح متعبة ومرهقة، لعدم تمكننا من مواصلة دفع إيجار المنزل الذي أخذ يرتفع يوماً إثر يوم من أصحابه الحقيقيين، وبالرغم من الخطورة في العيش والقرب من المناطق الساخنة ، إلا أنني أواصل العيش نظراً لانعدام الحلول والبدائل، فالأسعار في مركز المدينة مرتفع أضعافاً كثيرة عما أقطنه الآن، مبيناً بأن العائلات التي بقيت في بلدة "النعيمة" تعاني من نقص كبير في معظم الاحتياجات وخاصة الغذائية المرتفعة الثمن حالياً..
أبو أنس "موظف" أحد المستأجرين في الصنمين: "إن صاحب المنزل رفع سعر الأجار من 25 ألف ليرة سورية إلى 40 ألف ليرة، مشيراً إلى أن المنزل لا يتلاءم مع المبلغ المطلوب، فالكسوة عادية جداً، بالإضافة لعدم وجود الخدمات المطلوبة كالمياه والكهرباء".
وأما أبو محمود أحد المستأجرين في منطقة ازرع فقال: " إن صاحب المنزل يجدد العقد كل ثلاثة أشهر، فقد رفع الأجرة من 130 ألفاً كل 3 أشهر إلى 200 ألف ليرة سورية مع التهديد بالإخلاء إذا لم يتم الدفع، منوهاً بأن فرش هذه الشقة متواضع جداً "مضيفاً": إن ما يحصل عليه المواطن من راتب نهاية كل شهر، لا يكاد يكفي مصاريف العائلة حتى منتصف الشهر، متسائلاً كيف باستطاعته دفع الأجار".
مكاتب عقارية أغلقت أبوابها
لقد بات سوق العقارات بالمحافظة يحمل دلالات خطيرة بعدما ساد نوع من التوقف شبه التام للعمليات العقارية في بعض المناطق والطلب، فإن وجد فقد يكون مقتصراً على الإيجارات فقط وهذه أيضاً تشهدها المناطق والمدن الهادئة. وحسب خبراء العقارات  ومنهم (تاجر- مكتب عقاري) فإن العقارات تعيش أسوأ مرحلة يعيشها القطاع العقاري على مدار أنشطته التي وصلت إلى مراحل متقدمة من الإنجاز وتسجيل أعلى عمليات من التبادلات التي كانت تتم شهرياً بملايين الليرات وبسبب الأوضاع والمتغيرات من الركود وقلة السيولة، تراجعت تبادلات العقار وبشكل كبير وخطير لدرجة أن هناك مكاتب عقارية أغلقت أبوابها أمام الفوضى الحاصلة والإيجار الشخصي بين أصحاب الشقق والمواطنين، وقد فقد أصحاب المكاتب مهنتهم ومصدر معيشتهم بسبب توقف عمليات البيع وغياب الزبائن والراغبين في شراء أي منزل.
أسعار وهمية للعقارات
هناك أمر كما يتحدث عطا الله أبو لطفي  صاحب مكتب عقاري، بأن الكثير ممن كان لا يرغب بالإيجار بات اليوم بعد ارتفاع الأجرة أضعافاً مضاعفة  أكثر ميولاً لإشغال الشقق لديه بالمستأجرين، خاصة أن سنوات مرت ولم يكن يكسو بناءه أو عمارته ، بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء من عامين ، هذا  الوصف للسوق العقاري راح  يتفق مع عدد من خبراء العقارات الذين رأوا أن مواد البناء على ضوء حركة الطلب التي تشهدها الكثير من المناطق في المحافظة ساهمت نوعاً ما بتزايد ارتفاع العقارات ولم تسمح بانخفاضه، مشيرين إلى أن هناك الكثير من العمارات والأبنية الفارغة الكثيرة  من الشقق السكنية ما زالت إلى الآن محافظة على سعرها من دون انخفاض إلا  الشيء بشكل نسبي، في الوقت التي تقدر الأموال المجمّدة في العقارات ملايين الليرات، في ظل ما تشهده أسعار العقارات مجملاً من ركود بالبيع والشراء.
الإيجارات أضعاف مضاعفة.!
الخبير العقاري محمد القاسمي، وصاحب مكتب عقاري، بين أن الأزمة العامين الحالي والماضي، ساهمت في رفع أسعار العقارات للكثير من المناطق بنسبة أكثر من النصف من سعرها الحقيقي ولاسيما  الإيجار منها  الذي ارتفع إلى ثلاثة أضعاف السعر، بينما أصبحت أسعار كثير من المناطق وممن شهدت ظروف الأزمة منخفضة، وهناك من راح  بهذه المناطق ممن يعرض عقاراته (محال- منزل- أرض) للبيع أو الإيجار، لكن لا يوجد هناك من يشتري أو يستأجر، خاصة في هذه المناطق، فالظروف سيئة بهذه الأماكن، وتوقع القاسمي أن تواصل تأجير المساكن  الوحدات السكنية ارتفاعها مع تزايد كبير في بعض الأحياء المكتملة الخدمات والأحياء التي لم تشهد أي أحداث، لذا من الطبيعي كما يضيف أن ترتفع أسعار الإيجارات بعد زيادة الطلب عليها خلال العام الحالي على الرغم من فقدان السيولة التي بدأت جلياً تظهر بسبب مؤشرات الغلاء وحالة التضخم المرتفعة، الأمر الذي  جعل المسكن الواحد  حسب دراسة معينة بهذا الشأن يتحول من سكن لعائلة إلى مسكن لعدة عائلات واتفاق مجموعة من الأقارب على استثمار منزل واحد والإقامة فيه، وتوزع أعباء الإيجار على الجميع، خاصة  أن نسبة هذه الحالة بلغت ما يقارب 40% من مجموع العقارات المؤجرة مع ملاحظة أن هذا النوع من الإيجار قد يتطلب مبالغ كبيرة جداً.
 دور الدولة مفيد الآن..!
كما بين القاسمي أن دور الدولة مفيد جداً في هذه الأثناء لضبط سوق العقارات خاصة إن تدخلت مباشرة ودعمت أكثر جميع الصناعات المرتبطة بهذا القطاع في ضرورة إنهاء المشاريع السكنية بالسرعة القصوى ومنح التسهيلات والامتيازات للمطورين العقاريين، بالإضافة إلى تقديم الأراضي اللازمة لإنجاز المشاريع السكنية، وإيجاد قانون منظم لبيع العقار والإيجار بما يكفل ضغط النفقات والتكاليف على تجار ومتعهدي البناء.