بعدما تجاوزت خسائرها 5ر2 ترليون ليرة..الصناعة الوطنية على مفترق طرق جديد وتحديات تتطلب تضافر الجهود

بعدما تجاوزت خسائرها 5ر2 ترليون ليرة..الصناعة الوطنية على مفترق طرق جديد وتحديات تتطلب تضافر الجهود

الأزمنة

الثلاثاء، ٢٦ يوليو ٢٠١٦

*أحمد سليمان
ربما رقم الخسائر الذي لحق بالصناعة الوطنية والذي وصل إلى 5ر2  ترليون ليرة رغم ضخامته إلا أنه ليس بالحديث ويعود لأشهر عدة ولا يشمل كل ما أصاب هذه المنشآت من تدمير ونهب وسرقة لآلاتها ومعداتها وتجهيزاتها وحتى بنيتها التحتية أي إن هذا الرقم هو أكثر من ذلك بكثير لصعوبة الوصول إلى بعض المناطق وتقدير الأضرار بدقة وخاصة في ظل استمرار معارك هذه الحرب المدمرة في العديد من المناطق وهذه الخسائر الضخمة التي لحقت بهذا القطاع يتوجب على الحكومة الجديدة الوقوف عندها وإعادة النظر بالسياسات القائمة للتعامل مع القطاع الصناعي بشكل عام
 ودعم الصناعات.
فالسيد الرئيس بشار الأسد وفي كلمته التوجيهية للحكومة الجديدة أكد أن الوضع المعيشي للمواطنين يجب أن يكون من أولويات الحكومة.. والخطوة الأهم في هذا الإطار العمل على ضبط الأسعار بالتعاون مع المجتمع الأهلي المتضرر الأول من التلاعب بالأسعار وفق آليات مشتركة والحفاظ على قيمة الليرة وتعزيز موارد الدولة عبر الاستيراد المدروس وتشجيع التصدير ودعم الصناعات المتوسطة والصغيرة والصناعة الزراعية وتحقيق العدالة في التحصيل الضريبي ما بين القطاعين العام والخاص وضبط وترشيد النفقات بدءاً بالوزراء والمسؤولين مع عقلنة الدعم الحكومي للمواد الأساسية من خلال وصوله إلى مستحقيه وتعزيز دور مؤسسات التدخل الإيجابي.
ما يعني أن الوزارات ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة بالعمل الصناعي أن توحد وتركز جهودها على النهوض بهذا القطاع لما له من أثر اقتصادي .. لكن هذا القطاع الذي يبدو أمام مرحلة إلا أن القطاع الصناعي بشقيه العام والخاص، و الذي استهدف بشكل ممنهج لإضعاف الاقتصاد الوطني، وانهيار الدولة السورية باعتباره كان يشكل أحد عوامل صمود هذا الاقتصاد و الدولة معاً، نظراً لطبيعته  الخاصة المرتبطة بثبات رأسماله وعمالته والقيمة المضافة التي يحققها  وهو ما دفع أطراف الحرب على سورية إلى الدفع بكل قواهم لإخراج هذا القطاع من معادلة الحرب عبر ضرب منشآته وتدميرها وسرقة محتوياتها وآلاتها.
قيمة استبدالية 2551 مليار ليرة
 وكشفت  وزارة الصناعة في تقرير لها  أن حجم الأضرار الإجمالية التي تعرضت لها الشركات وفق القيمة الاستبدالية ما يزيد على 2551 مليار ليرة سورية، منها أضرار مباشرة وأضرار غير مباشرة.. في حين أن قيمة الأضرار المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بمؤسساتها وشركاتها والجهات التابعة نتيجة الأزمة والعقوبات الاقتصادية، منذ بداية الأزمة وفق القيمة الدفترية قد قدرت بنحو 498.6 مليار ليرة سورية منها أضرار مباشرة بقيمة 228 مليار ليرة سورية وأضرار غير مباشرة بنحو 270.5 مليار ليرة. لتبين أن قيمة الأضرار المباشرة المذكورة هي للشركات والمعامل التي تم إحصاؤها فقط في مدينة عدرا بحدود 2.581 مليار ليرة سورية وفي مدينة الشيخ نجار بلغت نسبة الضرر 68% وقيمة الأضرار المباشرة 4.397 مليارات ليرة وبحدود مليارين غير مباشرة وفي حسياء الصناعية أكثر من مليار ليرة.
مئات تعمل
 وإجمالي عدد المنشآت المنتجة- حسب الوزارة- بلغ 2533 منها 665 منشأة منتجة تم نقلها إلى المدينة الصناعية بعدرا بشكل مؤقت نتيجة للظروف الراهنة كما توقفت أعمال التنفيذ والاستثمار في عدد من المناطق الصناعية والحرفية الواقعة في أماكن ساخنة, وحسب التقرير بلغ عدد المنشآت التي تعمل فعليا حدود 1730 منشأة إضافة لذلك هناك نحو 803 منشآت متوقفة عن الإنتاج إضافة إلى أن حجم الأضرار المباشرة وغير المباشرة في المدن الصناعية السورية الأربع الموزعة في المحافظات دير الزور وحسياء وعدرا والشيخ نجار وصلت إلى 2533 مليار ليرة سورية ونسبة الضرر الإجمالية بحدود 32%.
في حمص 30 مليار
أما الأضرار والخسائر التي تعرضت لها المنشآت الصناعية فبلغت 501 مليار و80 مليون ليرة سورية منها في غرفة صناعة حلب التي بلغ حجم الضرر الأكبر في منشآتها البالغ عددها 1100 بحدود 436 ملياراً وفي غرفة صناعة بحدود 2.6 مليار ليرة سورية وفي غرفة صناعة دمشق وريفها بلغ حجم الضرر للمنشأة 59 مليار ليرة سورية والتي يصل عددها إلى 346 منشأة وفي غرفة صناعة حمص البالغ عدد منشآتها 25 وأضرارها بحدود 30 مليار ليرة سورية.

 ويؤكد الاستشاري فؤاد اللحام أن الأزمة الراهنة التي تمر بها البلاد أضافت صعوبات وتعقيدات جديدة على ما كانت تعانيه الصناعة السورية قبل الأزمة نتيجة الانفتاح المتسرع وتحرير التبادل التجاري إضافة إلى هجرة أعداد كبيرة من الصناعيين والفنيين إلى خارج البلاد وأضرار العديد من المنشآت للنزوح إلى الأماكن الآمنة داخل البلاد إلى جانب الصعوبات في التمويل وجدولة القروض وتراجع التسويق وعدم توافر المواد الأولية وصعوبة توريدها ونقلها.
وتكاليف إضافية...!
ويشير  اللحام إلى أن  سيطرة المسلحين على معبر نصيب الحدودي مع الأردن وعدم تأمين معبر بديل له - إضافة إلى خروج المراكز الحدودية الأخرى مع العراق وتركيا عن سيطرة الحكومة الأمر ما أدى إلى صعوبات وتكاليف إضافية على الصناعة الوطنية سواء في مجال استيراد مستلزمات الإنتاج الخارجية أو تصدير المنتجات الجاهزة بسبب اضطرار المستوردين والمصدرين إلى اللجوء للنقل الجوي والبحري لنقل إنتاجهم ومستلزماته من وإلى البلدان الأخرى المستوردة والمصدرة ما أضاف أعباء مالية وزمنية على كلف هاتين العمليتين إضافة إلى الصعوبات الأخرى التي فرضتها الأزمة فيما يتعلق بالمقاطعة والحصار وصعوبات التمويل والنقل والتأمين إلى جانب  توقف العديد من المنشآت والمشاغل المتناهية الصغر والحرفية التي كانت تزود المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة ببعض الخدمات الإنتاجية وتسريح أعداد كبيرة من العاملين فيها أو تخفيض أجورهم إلى جانب خسارة حصة مهمة من السوق المحلية لصالح الاستيراد والتهريب بسبب توقف أو نقص في الإنتاج المحلي وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين وانخفاض قيمة العملة الوطنية وارتفاع الأسعار وانتشار تزوير المنتجات والتلاعب بقيمة المنتجات الصناعية المستوردة نظامياً وحالات الفساد المعروفة فيما يتعلق بتصنيف وتخليص المستوردات أو قيمتها الفعلية إضافة إلى ازدياد التهريب عبر الحدود والحواجز.
بقعة ضوء
 و بالرغم من كل الظروف التي تمر بها الصناعة  إلا أن هناك  العديد من الصناعيين تمكنوا من  التلاؤم مع ظروف الأزمة من خلال إعادة تأهيل وتشغيل منشآتهم بإمكانياتهم الذاتية وبخاصة التي لا تحتاج إلى نفقات كبيرة بهدف إعادتها إلى الإنتاج لافتاً إلى أنه تم تنفيذ نحو 4 آلاف منشأة بين العامين 2011 و 2015 إضافة إلى إعادة تأهيل 22 شركة للقطاع العام الصناعي وتمكن الصناعيين من معاودة التصدير إلى عدد من الأسواق.
بيئة قانونية
 ويشير اللحام إلى متطلبات إعادة تأهيل الصناعة  على المستوى الاستراتيجي إجراءات عديدة من أهمها تحسين بيئة الاستثمار الصناعية وإصدار قانون تشجيع الاستثمار الجديد وتحديث القوانين الناظمة للنشاط الصناعي وإحداث المؤسسات الداعمة الجديدة وتشجيع إقامة الشركات والمكاتب المختصة بالاستشارات الصناعية وإعداد الدراسات التشخيصية للشركات العامة والخاصة المتضررة لتحديد إمكانية الاستمرار بنشاطها الأصلي أو تطويره أو استبداله وإعداد دراسات تفصيلية للنشاطات الصناعية الفرعية ذات الأولوية لوضع التصورات التفصيلية لإعادة تأهيل هذه الأنشطة بما يتكامل مع خطة إعادة تأهيل القطاع الصناعي.
دعم الإنتاج
لكن هذه المتطلبات لا  تحتاج إلى زمن لكن على المستوى  القريب  ونظراً  لأن قدرات الاقتصاد الوطني والعملة الوطنية والصمود والاستمرار  والمقاومة، مرهون بإعادة دوران عجلة الإنتاج كما يذكر رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية المهندس فارس الشهابي  دعا  الحكومة الجديدة  إلى اتباع سياسات داعمة للإنتاج والتصدير وللعمل والتشغيل وللعدالة في توزيع الثروات و للكفاءة في إدارة موارد الدخل والإنتاج.. والعمل على نشر ثقافة ادخارية تأمينية أخرى لا تنهش في موارد الدولة ولا تضعفها معتبراً أن ذلك يعد نوعاً من أنواع المشاركة التي لا بد أن تتكامل بين الحكومة والشعب في الامتناع عن شراء المنتج الأجنبي المستورد وفي تشجيع الصناعة الوطنية وفي تقديس العمل و احترام العملة الوطنية لكونها أحد رموز السيادة والاستقلال.
لا تأجيل...
و يؤكد الباحث اللحام  ضرورة التحضير المسبق والمدروس لما يجب اتخاذه وتنفيذه بخصوص إعادة تأهيل وتحديث وهيكلة الصناعة السورية بشقيها العام والخاص في مرحلة ما بعد الأزمة وعدم تأجيل هذه المهمة لأي سبب كان نظراً لأثرها الإيجابي على كلفة وسرعة وكفاءة هذه العملية مستقبلاً وتحسين بيئة الاستثمار بشكل عام والاستثمار الصناعي بشكل خاص والعمل على الإعداد والدراسات اللازمة للمشاريع الصناعية ذات الأولوية التي يحتاجها الاقتصاد السوري في المرحلة القادمة في مختلف المدن والمناطق وتحقيق التكامل والتنسيق بين إعادة تأهيل القطاع الصناعي وتأهيل القطاعات الإنتاجية  والخدمية الأخرى المرتبطة به في إطار خطة شاملة لإعادة إعمار البلاد.