في رصد لبيئة العمل المتردية والشكوى المستمرة لتحسين ظروف العمل
لم تمنع التجار من التفاؤل بواقع العمل الاقتصادي

في رصد لبيئة العمل المتردية والشكوى المستمرة لتحسين ظروف العمل لم تمنع التجار من التفاؤل بواقع العمل الاقتصادي

الأزمنة

الأحد، ٢٤ يوليو ٢٠١٦

*أحمد سليمان
رغم دخول الأزمة عامها السادس بكل منعكساتها السلبية والمشاكل التي خلقتها على صعيد العمل الاقتصادي والتجاري، إلا أن التجار السوريين لا يزالون في كل مواقعهم وتخصصاتهم يصرون على الوقوف إلى جانب دولتهم ومواطنيهم في تأمين كل الاحتياجات من السلع التي ما زالت تنساب في الأسواق المحلية رغم كل ظروف الحصار الاقتصادي وارتفاع سعر الصرف وصعوبة التحويلات المالية وارتفاع أسعار المواد والسلع.. ومع هذا الموقف يبدي هؤلاء تفاؤلاً منقطع النظير إلى النصف الممتلىء من الكأس وليس إلى نصفه الفارغ إلى بقع الضوء التي بدأت تتوضح مع كل ما أصاب مواقع العمل الإنتاجي والخدمي من تدمير بفعل مخلفات هذه الحرب التي جاءت على هذه المواقع
تراجع متوسط الدخل
و يقر التجار أنه بعد أكثر من خمس سنوات من الأزمة المؤلمة والحصار الجائر والعقوبات الاقتصادية الظالمة تعرض خلالها الاقتصاد السوري لتراجع شديد وغير مسبوق وفي جميع المداخيل المادية  الإنتاجية الأساسية للقطاعات الاقتصادية الرئيسية ترافق ذلك مع تسجيل معدلات نمو سلبية أو منخفضة جداً ما أدى لتراجع شديد في متوسط الدخل الفردي ومع ذلك فإن مجرد صمود الاقتصاد السوري وعدم انهياره دليل على امتلاك مقومات البقاء والاستمرار.
 كما أدى تراجع قيمة العملة المحلية تجاه القطع الأجنبي كما يرى التجار في تقرير اتحاد الغرف إلى ارتفاع غير مسبوق لمعدلات التضخم وترافق ذلك بحالة من الركود في أغلب الأنشطة الاقتصادية، ما أدخل الاقتصاد في حالة اقتصادية تعتبر متناقضة هي حال الركود التضخمي أو التضخم الركودي والمتمثلة بارتفاع الأسعار مع ضعف الطلب على السلع والمنتجات والخدمات، ما يؤثر في خلق الحافز على النشاط الإنتاجي عادة وهذه الحالة إن استمرت من دون كسر أحد جوانبها فإن ذلك سينعكس سلبياً على معدلات النمو المتوقعة، أما إذا تم إحداث الاختراق المطلوب من جانب الطلب أو العرض فإن ذلك سيحقق معدلات نمو إيجابية وجيدة تتماشى مع بدء انحسار الأزمة وتحسن الوضع الأمني وبدء مرحلة التعافي المبكر وإعادة البناء.
تدهور الليرة
لقد شهد عام /2015/ارتفاعاً غير مسبوق في سعر القطع الأجنبي مقارنة بالعملة المحلية  استمر هذا الارتفاع مع بدايات عام /2016/حيث فقدت العملة السورية المحلية حوالي 150 بالمئة من قيمتها مقارنة بعام 2014، حيث أدى هذا التراجع الكبير /ومرده أسباب كثيرة منها تداعيات الأزمة والحرب على سورية وتحويلات المهاجرين وتراجع الإنتاج الزراعي والصناعي إضافة لتراجع مداخيل النفط والغاز والفوسفات وتوقفت حركة الترانزيت، إضافة للمضاربة بالعملة الأجنبية إلى تراجع الدخل الفردي الحقيقي.
النصف الممتلئ
 ورغم ما ذكر لبعض المؤشرات الاقتصادية الأساسية يعتبر التقرير أنها بدأت في التحسن ومنها قطاعا الصناعة والتجارة الخارجية، حيث تشير الإحصائيات الرسمية إلى عودة حوالي /2065/ منشأة صناعية للعمل في حلب لغاية شهر تموز 2015 بعد أن كانت متوقفة سابقاً مع تحسن وتزايد الاستثمارات الصناعية في المدن الصناعية في حسيا وعدرا وانتقال العديد من المنشآت إلى أماكن أكثر أمناً مثل اللاذقية  والسويداء، حيث بلغ عند المنشآت الصناعية المنفذة وفق القانون رقم /21/ حوالي 316 منشأة لعام 2015 وعدد المنشآت الحرفية 249 منشأة وحسب قانون الاستثمار  /20/ مشروعاً إضافة إلى إعادة تشغيل 22 شركة من شركات القطاع العام الصناعي المتضررة جزئياً، وانعكس هذا التحسن الصناعي من خلال تحسن أرقام الصادرات بنسبة نمو 6ر28 بالمئة مقارنة بعام 2014 مع ارتفاع الصادرات من السلع الاستهلاكية مشكلة نسبة 36 بالمئة من الصادرات الإجمالية، وهذا يشير إلى وجود تحسن اقتصادي مقبول لعام 2015 ساهم به أغلب القطاعات الإنتاجية والخدمية.
مربط الفرس
أما على صعيد التجارة الداخلية فيجمع العديد من التجار أن حالة الأسوق المحلية اتسمت بالركود للعديد من السلع غير الأساسية وبالوفرة للسلع الأساسية، ولم تشهد السوق رغم الحصار والعقوبات أي فقدان لسلع غذائية أو أساسية مطلوبة، ولم تشهد المحلات رفوفاً فارغة كما حدث في العديد من دول العالم التي شهدت ظروفاً مماثلة لبلدنا، إلا أن الصفة العامة للأسواق اتسمت بارتفاع الأسعار من دون قدرة الدخل الفردي لشريحة كبيرة من المستهلكين على الشراء.
استكمال عوامل الصمود
لقد أكمل عام 2015 ما يمكن أن يسميه الاتحاد سنوات الصمود الاقتصادي وإرادة البقاء والبناء رغم كل الظروف التي مرت على سورية مؤكدين أنه ولضمان انطلاق عملية التعافي واستمرار التطوير التي يحتاجها الاقتصاد السوري في جميع المجالات فإنه من الأهمية البدء باتخاذ جملة من الإجراءات والتدابير الكفيلة بإعادة الثقة للاقتصاد السوري الذي ظل صامداً والتحرك على مستوى الاقتصاد الكلي على صعيد التجارتين الخارجية والداخلية والاستثمار والتمويل والإصلاح الإداري منها  ضبط معدلات التضخم في حدود معقولة والاستفادة من عمليات التمويل بالعجز في البدء بإنجاز مشاريع استثمارية منتجة ذات مردود مرتفع وسريع وقابلة للتصدير الفوري لتعويض القطع الأجنبي وتوسيع دائرة العرض السلعي والخدمي من خلال تمكين المشاريع من إعادة انطلاقها وإعادة دورة الإنتاج لخلق فائض من العرض يتناسب مع الفائض النقدي وتعزيز إقامة المشروعات متناهية الصغر والصغيرة وبخاصة في مجال الصناعات الزراعية والغذائية.
الاستمرار في منح الإجازات
ضرورة الاعتماد في عملية تأمين السوق المحلية من السلع على قائمة  تعد من الأولويات  - حسب تعبير الاتحاد- الذي دعا إلى  منحها التمويل المطلوب وتقديم كافة التسهيلات لمنحها إجازات الاستيراد المستمرة وفق أولويات الأغذية والأدوية مستلزمات الصناعة والمحرف والمواد الأولية مع ربطها بخطة القطع الأجنبي المتاحة وإلى تمكين الأسواق من طرح أقصى ما يمكنها من سلع متاحة محلية أو مستوردة لضمان عدم فقدان السلع من الأسواق وارتفاع أسعارها مع التركيز في عملية تخفيض أسعار السلع المتداولة في الأسواق على كثرة المعروض منها وتخفيض عناصر تكلفة إنتاجها محلياً أو استيرادها ومنها الشحن والنقل والطاقة وغيرها والاستمرار في منح إجازات الاستيراد للسلع ما دامت ضمن سلع الأولويات مع ربطها بخطة القطع الأجنبي المتاحة.
ردم الفجوة
ونظراً لكون الطلب يخلق العرض المقابل له فلابد من ردم الفجوة الحادة والكبيرة التي أصبحت بين الدخل والأسعار من خلال خلق الأعمال الجديدة الصغيرة والمتناهية الصغر مع زيادة رواتب ذوي الدخل المحدود زيادة حقيقية وتمويلها من وفورات إنتاجية حقيقية كي لا تتحول لضغوطات تضخمية جديدة  باعتبار أن السوق هي المحدد الأساسي والنهائي لكمية السلع المنتجة والمستوردة وفق متطلبات الطلب والعرض فإن أي تدخل إداري من قبل الجهات المعنية لن يجدي نفعاً بل سيؤدي لظهور أسواق سوداء في القطع وفق السلع وفي إجازات الاستيراد، والأفضل أن يتم تمويل السلع وفق أولويات محددة حسب الأهمية بعد استيرادها ووضعها في الاستهلاك.
تحذير....!!!
وفيما يتعلق بالسوق الداخلية فإن ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية لشرائح كبيرة من المجتمع سوف يؤدي لتواجد سلع لا مشترين لها وبالتالي لعدم إنتاجها لاحقاً وتراجع عمليات الاستثمار والعمالة ما يتطلب العمل على تحريض الطلب الحقيقي لخلق عرض مماثل له والعمل على إعادة تفعيل المصارف العامة والخاصة لمنح القروض وقبول الإيداعات بفوائد حقيقية تتناسب مع حالة التضخم الحالية والتركيز على تمويل المشروعات الصغيرة وبخاصة في المناطق الآمنة لتوفير السلع وضمان وجود فائض تصديري والسماح بفتح حسابات بالقطع الأجنبي بفوائد مجزية.
قرارات استثنائية
 ولا يخفي التجار هاجسهم  الدائم المتعلق بتسهيل إجراءات المعاملات الإدارية لأعمال الاستثمار (التجارة- الصناعة- الزراعة- الخدمات الحرف) وعدم تكبيلها بالقرارات والتعليمات والاجتهادات الخاصة وخاصة أن العمل الاقتصادي ضمن الأزمة الحالية يحتاج إلى قرارات استثنائية تتجاوز الأمور المتعارف عليها قبل الأزمة لضمان استمرار العمل الاقتصادي وعدم توقفه والإسراع بتطبيق منهج التشاركية وبخاصة بعد صدور قانون التشاركية الجديد لتحقيق أوسع مشاركة للقطاع الخاص في استثمار منشآت القطاع العام وخلق قيم مضافة جديدة تعود بالفائدة على الطرفين.
 نموذج اقتصادي
 و يضاف إلى ذلك المطالبة بتعزيز دور القطاع الخاص والأهلي لتمويل عملية إعادة البناء عبر التركيز على تأسيس شركات مساهمة تطرح أسهمها للاكتتاب العام ويشارك فيها أكبر عدد من الأفراد لتجميع أقصى ما يمكن من الادخارات المتاحة والاستعداد منذ الآن لاعتماد نموذج جديد للاقتصاد السوري يعتمد فيه على المشروعات الصغيرة في إنتاج السلع الاستهلاكية والخدمات على المشروعات الكبيرة المساهمة لمشاريع الإعمار والصناعات الاستراتيجية.