الفروج والبيض بعيدان عن مائدة المواطن  ..أسعار تكوي الجيوب.. ويا رب تعين..! الفروج بألف ليرة والبيضة ب40 ليرة.

الفروج والبيض بعيدان عن مائدة المواطن ..أسعار تكوي الجيوب.. ويا رب تعين..! الفروج بألف ليرة والبيضة ب40 ليرة.

الأزمنة

الثلاثاء، ٢٦ أبريل ٢٠١٦

محمد العمر
أسعار البيض والفروج تحلق مجدداً، وتصبح هذه المواد صعبة تواجدها لدى عائلات كثيرة ضمن وجباتها الغذائية بعد أن كانت من قبل من المواد الرئيسية على المائدة،  فبعد مرور أكثر من خمسة أعوام  على الأحداث، فإن تربية الدواجن لم تتحسن الشيء الكثير، فهي ما زالت تواجه بشكل إجمالي صعوبات تتمثل بالارتفاع الكبير في أسعار الأعلاف والأدوية البيطرية وغلاء مستلزمات الإنتاج خاصةً المحروقات الضرورية وأجور النقل، إضافةً إلى ارتفاع أسعار المنتج في الأسواق المحلية وما تبعه من ضعف في التسويق وانخفاض الحركة التجارية وعمليات البيع والشراء،‏ ناهيك عن دوافع أخرى ساهمت إلى الآن بعد مرور خمسة أعوام  على بقاء الأسعار مرتفعة مثل غلاء مستلزمات الإنتاج خاصة المحروقات الضرورية للتدفئة وأجور النقل، ويشير عدد من مربي الدواجن إلى المعوقات التي تعترضهم والتي أدت إلى عزوف الكثير منهم عن العمل في هذا المجال خاصة أن ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج والأعلاف وصلت إلى مستويات لم تصلها من قبل، وبحسب المربي إسماعيل الفارس  فإن تدني الإنتاج من مادة البيض وانخفاض أسعارها إضافة إلى أن عدم توافر الكميات المناسبة من مادة المازوت وارتفاع أسعارها، قد أدى إلى نفوق أعداد كبيرة من الطيور وهو ما جعل بعض المربين يعزفون عن تربية الدواجن ويتجهون الى أعمال أخرى ذات مرود اقتصادي أعلى، ويرى مربو الدواجن عدم استقرار أسعار منتجات الدواجن من لحم وبيض وتفاوته بين يوم وآخر يشكل أهم العوائق أمام المربين، ويمنعهم من توسيع مشروعاتهم إضافة إلى أن عدم وجود تعويضات كبيرة من الجهات المعنية جراء الظروف الطبيعية والخسائر التي تلحق بالمداجن يشكل عاملاً آخر في تقليل عدد المربين وعزوفهم عن هذه المهنة، لافتين إلى أن خسائر المربين تتجاوز مئات الآلاف في حال تعرض المدجنة لأحد الأوبئة أو الأمراض.

ارتفاعات غير مسبوقة
إذاً، تواصل أسعار منتجات الدواجن من بيض وفروج ارتفاعها في محافظة درعا وتحلق عالياً، حيث تبلغ حالياً للكيلو الواحد من الفروج الحي ألف ليرة، ولصحن البيض /30/ بيضة 900 ليرة سورية وأكثر من ذلك في مناطق أخرى، والتوقعات بأن يزداد السعر، وأسباب ذلك كما أجمع الكثير ممن التقيناه تعود  ضمن الظروف الراهنة وارتفاع تكاليف الإنتاج والاحتياج إلى التدفئة وخاصة بعد موجة الصقيع التي مرت مؤخراً، وحسب مؤشرات دائرة الإنتاج الحيواني في مديرية زراعة درعا، فإن عدد مزارع تربية الدواجن تراجع بشكل حاد وبالأرقام، فكان قبل الأزمة التي تمر بها البلاد عدد مزارع تربية الفروج 729 مزرعة بطاقة إنتاجية 5822300 طير بالدورة الواحدة ومزارع البياض 122 مزرعة بطاقة 1438500 طير، ومزارع تربية أمات الفروج 14 بطاقة 182300 طير بالدورة، والمتبقي حالياً ضمن الاستثمار من إجماليها 162 مزرعة بياض وفروج وأمات فقط.
محمد العزوز  صاحب سوبر ماركت في ريف درعا الغربي  قال: إن سعر طبق البيض وصل مؤخراً  إلى 900 ليرة، وفي مناطق أخرى وصل سعر البيضة الواحدة إلى 40 ليرة سورية ، فيما ارتفع في اليومين الماضيين الصحن إلى ألف ليرة سورية ضمن المناطق الساخنة،  مضيفاً العزوز: إن الظروف الجوية الباردة في المنطقة وراء ارتفاع سعر البيض بدرعا، إضافة إلى تراجع تربية المداجن بدرعا نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج.
ورأى محمد الناطور من طفس وهو صاحب مدجنة بريف درعا الغربي أن درعا كانت تحوي سابقاً ما يعادل المزرعتين في كل منطقة وكانت تصدر الدجاج والبيض إلى دمشق والسويداء والأردن. اذ إن تربية الدواجن تراجعت حسب قوله بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج والرعاية، وارتفاع تكاليف التدفئة في فصل الشتاء لدجاج البيض الذي يحتاج إلى تدفئة متواصلة للمداجن،  فالأسعار تبدأ من  طبق البيض الأحمر  الذي يتراوح بين 900 ــ 950 ليرة، فيما تراوح سعر بيع البيضة الواحدة في البقاليات بين 35 و40 ليرة للبيضة الواحدة،  مبيناً أن تكاليف الطاقة في الوقت الحالي أصبحت مكلفة جداً بعد انقطاع التيار الكهربائي، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأعلاف بدرعا بشكل كبير جداً، حيث كان سابقاً ثمن طن العلف لا يتجاوز عشرة آلاف ليرة سورية، بينما ارتفع حالياً ليصل إلى مئة ألف ليرة.
بينما أكد أحد باعة الخضار ومركز بيع البيض أنه على مدى الأيام الماضية بقي يحاول جلب البضائع من سوق الهال، لكن الطريق ما زال مغلقاً"، ما أدى لعدم فتح السوق، وارتفاع البضائع والمواد  نتيجة الظروف الحاصلة هناك، قائلاً: إن التّجار يستغلون الظروف هذه وهم وراء رفع الأسعار،الغذائية وغير الغذايئة وقد وصل سعر الفروج إلى ألف ليرة، حتى الوقود للسيارات والآليات ارتفع هناك ما زاد من تكاليف الشحن من منطقة لأخرى، فكل "كازية لديها مخزون وقود كافٍ، لكن الأسعار رُفعت بسبب الاستغلال وهذا ما أدى لارتفاع أسعار اللحوم والبيض وغيره أضعافاً مضاعفة. كما ذكر أحد تجّار سوق "الهال" في درعا أن السوق مغلق منذ أربعة أيام "نتيجة الأحداث الحاصلة  على مسافة قريبة، فلا مجال للعمل ، وهذا ما أدى لانعكاس ذلك سلباً على الحركة الاقتصادية في المحافظة.
قذف الاتهامات بارتفاع السعر..!
المفارقة هنا  وحسب قول أحد أصحاب المداجن في ريف درعا، إن كلاً من محال الفروج والمسالخ وما يتعلق ببيع اللحوم البيضاء يرجع سبب ارتفاع السعر إلى  أصحاب منشآت الفروج، متناسين هؤلاء أن تحديد الأسعار بالمحافظة يتمّ وفقاً لعمليات العرض والطلب وحسب ارتفاع وانخفاض مستلزمات الإنتاج والتكلفة العامة إضافةً إلى الأعباء الإضافية التي ترتبت على المربين والتجار نتيجة ارتفاع أجور النقل وارتفاع أسعار مادة المازوت وخاصةً في السوق السوداء بعد وصول  سعر مبيع الليتر الواحد إلى 250 ليرة، أما  أصحاب مسالخ الفروج فإنهم يرجعون السبب في  ارتفاع الأسعار بالدرجة الأولى إلى المصدر وأصحاب الدواجن إلا أن أغلب أصحاب محال بيع المفرق تضيف مبلغ 30 ليرة على الكيلو لتغطية تكاليف أجور المحل والبائع وأكياس النايلون والغاز لتسخين المياه اللازمة للتنظيف.‏
ضرورة .. ولكن.!
من جهتها نقابة الأطباء البيطريين في درعا أوضحت أن دور النقابة يتمثل بعد الفوضى السعرية للدواجن والبيض هذه، في تنظيم الإشراف الفني البيطري على عمل تلك المزارع وفقاً للشروط والضوابط الصحية المحددة، وكان هذا الجانب في السنوات التي سبقت الأزمة متابعاً وفعالاً بشكل كبير بالتعاون مع دائرة الإنتاج الحيواني بمديرية الزراعة، لكن مؤخراً ونتيجة الظروف الراهنة لم يعد بالشكل المطلوب نتيجة خروج عدد كبير من المزارع من العمل وعدم رغبة المزارعين في التربية لارتفاع تكاليفها، وأشارت النقابة  إلى ضرورة تفعيل صندوق دعم الإنتاج الحيواني من جهة دعم تربية الدواجن لكونه ضرورياً جداً في المرحلة الحالية ويسهم في استمرار أصحاب المزارع بالتربية وعودة الآخرين ممن تركوها إليها وتالياً زيادة الإنتاج والعرض في السوق والحفاظ على استقرار الأسعار وانخفاضها.
وبدورهم أشار بعض أصحاب المزارع العاملة في المحافظة إلى أن تكاليف التربية عالية جداً، حيث إن سعر الصوص مرتفع وكذلك أسعار العلف وخاصة أن كل صوص يحتاج إلى 4 كغ علف حتى يصبح فروجاً زنة 2 كغ.
محمد المسلماني مهندسس ومربي دواجن بمنطقة "جملة" أشار إلى أن مداجن الفروج تنتشر بشكل مقبول في مختلف مناطق محافظة درعا وخاصةً في مدن وقرى وبلدات كفر شمس والقنية والشيخ مسكين وإزرع ومعربة وغيرها من المناطق، رغم تراجع الأداء والإنتاج الشيء الكثير، ولكن الظروف الحالية كما يضيف المسلماني لم تساعدهم بسبب الأحداث الحالية.‏  ويوضح المسلماني أن التأمين على الدواجن يسهم في الحفاظ على ماحققه هذا القطاع من إنجازات وتجنيبه المخاطر ومساعدة المنتجين بتحمل بعض التعويضات مقابل الخسائر التي تقع بسبب الأمراض والأوبئة التي يتعرضون لها، ويخفف من حدة تأثيرها، ويوفر الضوابط ويسهم في إعداد التدابير والاحتياجات اللازمة لدرء الأمراض والحوادث، بما يقود لترشيد استخدام الموارد المتاحة والرفع من كفاءة استخدامها مع صياغة البرامج واللوائح التي يتم العمل بها لمجابهة الأضرار والكوارث التي يتعرض لها المنتجون.
بدورنا، ما يمكن قوله: إن هذه الظروف تحتم على جميع المعنيين في قطاع تربية الدواجن العمل على إيجاد الحلول للتحديات الإنتاجية والتسويقية وتذليل الصعوبات التي تواجه المربين ودعمهم بكلّ السبل الممكنة إضافةً لضبط الأسعار وتأمين هذا القطاع الإنتاجي والحفاظ على هذا المنتج المهم.‏