أسعار الأدوية ترفع ضغط المواطن..كلام المسؤولين المعسول لا يجدي نفعاً مع مرضى السكري

أسعار الأدوية ترفع ضغط المواطن..كلام المسؤولين المعسول لا يجدي نفعاً مع مرضى السكري

الأزمنة

السبت، ٢٩ أغسطس ٢٠١٥

الأزمنة| رولا نويساتي
وتتوالى المصائب على رأس المواطن السوري, وكما قال المثل: (آخر الطب الكي), لينكوي المواطن بلهيب أسعار الدواء وتحتار بوصلته, ليدعو الله أن يبتليه بمرض يكون سعر دوائه رخيصاً, أما أدوية الضغط والسكر فلم تعد تجدي نفعاً, فبمجرد أن يسمع المريض أسعارها الجديدة حتى تختفي فعالية الدواء, ويصل ضغط  المريض إلى أعلى المستويات..
تصاريح رنانة لا تسمن ولا تغنِي من جوع
في تصريح خاص وحصري لمجلة الأزمنة قال الدكتور محمود الحسن نقيب صيادلة سورية: بدايةً نحن لم نطالب بزيادة أسعار الأدوية في مؤتمرنا المنعقد مؤخراً, ولكن طالبنا بتوفير الأدوية في الأسواق المحلية, وهذا يحتاج إلى توافر المواد الأولية, وطبعاً هذه المواد مستوردة من الخارج بالقطع الأجنبي، ولهذا السبب أصبحت تكاليف هذه الصناعة مرتفعة بشكلٍ لا يوصف, حيث كانت تأتي هذه المواد سابقاً من الدول المورِّدة إلى مطار دمشق أو مطار حلب ومنها إلى المعامل مباشرةً, بينما اليوم فإن هذه المواد تشحن إلى مطار دبي ومن ثم تشحن إلى مطار بيروت ومنها تشحن براً إلى دمشق, أي إن تكاليف النقل وحدها أصبحت أضعافاً مضاعفة عمّا كانت عليه, هذا عدا ارتفاع أسعار المواد الأولية الداخلة في الصناعات الدوائية عالمياً, ناهيك عن ضعف القوة الشرائية لليرة السورية في ظل هذه الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد, وحقيقةً كنا في مؤتمر صيادلة سورية المنعقد مؤخراً بين خيارين أحلاهما مرّ.. الأول هو توقف هذه الصناعة الرائدة والتي كانت تغطي 93% من حاجة السوق المحلية, و تغطي 4% من الأدوية السرطانية, علماً أنه لا يوجد بلد في العالم يغطي هذا المقدار, والأمر الثاني هو زيادة أسعار الأدوية كي نستطيع توفير الدواء للمواطنين حتى وإن زاد سعر العبوة الدوائية نوعاً ما, إذ إنه يبقى الدواء الوطني في حال توافره ومهما ارتفعت قيمته أرخص بكثير من الأدوية المستوردة, وقد حصلنا على تعهد من أصحاب المعامل الدوائية الذين حضروا مؤتمر الصيادلة بتوفير جميع الأدوية التي كانت تنتجه معاملهم سابقاً في حال تم توفير المواد الأولية الداخلة في صناعتهم, وهذا الأمر طبعاً يتطلب زيادة سعر الدواء كي تتمكن تلك المعامل من الحصول على المواد الأولية, ويبقى الدواء الوطني كما ذكرت هو الأرخص والأكثر فاعلية من الأدوية غير النظامية والمزورة التي تدخل إلى البلاد بطرق غير مشروعة, وأحب أن أنوِّه إلى ناحية أنه في حال وجود معملين ينتجان نوعاً واحداً من الدواء يمنع استيراد هذا الدواء من الخارج.. فيما قال الدكتور شادي الخطيب رئيس اللجنة الإعلامية في نقابة الصيادلة: إن هامش ربح الصيدلي هو 25%، وإن الصيادلة عملياً لم يستفيدوا من هذه الزيادة سوى 5%، إذ إن هامش ربحهم كان 20% فقط, وأشار الدكتور شادي إلى أن الصيادلة يعاملون معاملة المحال التجارية, أي إن الماء والكهرباء والهاتف تدفع على أنها استهلاك تجاري, بينما الطبيب وعيادته يُعامل على أساس أنها مهنة علمية فيدفع الفواتير السابقة الذكر على أنها استهلاك منزلي, وطبعاً هذا يشكل عبئاً على الصيدلي والذي يدفع ثمن الدواء مسبقاً, أي إنه بحاجة إلى رأس مال كبير كي يستطيع توفير جميع الأدوية في صيدليته, وإذا لم تتوافر هذه الأدوية، فالصيدلي هنا أمام خيارين, إما أن يغلق صيدليته أو يبيع فيها الإكسسوارات, ولهذا طالبنا في مؤتمرنا الأخير بتوافر الدواء الوطني بأي ثمن لأنه يبقى أرخص بكثير من الأدوية المستوردة, وخلال المؤتمر المنعقد مؤخراً تمت دراسة تكاليف الإنتاج, حيث إن إنتاج الدواء ليس عبارة عن مواد أولية فقط، بل هناك مصاريف إضافية كالعبوات الدوائية وعلب الأدوية الكرتونية وطباعة النشرات الطبية عدا أجور النقل, فنتج عن هذه الدراسة أن الزيادة يجب أن تكون بين 50% إلى 100% فاخترنا القيمة الأدنى, فهذه الزيادة كانت حاجة ملحة لاستمرار الصناعة الدوائية, وإلا فإن بعض المعامل سوف تتوقف عن العمل, وفي المقابل ستوضع إشارات استفهام حول المعامل التي ستستمر بالإنتاج, كأن تقوم بخفض نسبة المواد الفعالة في الدواء كي تتماشى مع أسعار وزارة الصحة, ومن هنا كان لا بد من إعادة النظر إلى مُدخلات الإنتاج وتسعيرها بشكل منطقي, وخصوصاً أننا حصلنا على تعهد من أصحاب المعامل بتوفير الأدوية بعد هذه الزيادة تحت طائلة سحب الترخيص.. وللأمانة نقول: إن من طالب بزيادة الأسعار هم أصحاب المعامل لأنه لا يمكن تصنيع الأدوية بالأسعار القديمة, وقد تضطر المعامل إلى إيقاف تصنيع الأدوية الغالية الثمن ضماناً لاستمراريتها, وبكل الأحوال هذا الارتفاع لا يُعد ارتفاعاً مقارنةً بالدول المجاورة التي يصل أسعار الدواء فيها إلى أضعاف سعر الدواء المحلي..
أعباء مالية أدت إلى زيادة الأسعار
الدكتور أيمن الميداني صاحب أحد معامل الأدوية قال: قبل كل شيء أود القول إنه لم تبقَ سلعة في البلاد لم يرتفع سعرها أضعاف ما كانت عليه، فكيف بحال الأدوية وهي من الحاجات الملحة والضرورية وخصوصاً إذا ما علمنا أن جميع المواد الأولية الداخلة في صناعة الأدوية هي مواد مستوردة من الخارج وندفع ثمنها بالقطع الأجنبي, هذا عدا ارتفاع أسعار ملحقات هذه الصناعة من عبوات دوائية وعلب كرتونية وطباعة نشرات طبية, بالإضافة إلى ارتفاع أجور العمال ومحاولة تأمين مساكن لهم ولعائلاتهم بالقرب من مكان عملهم لضمان استمرارية العمل, ويقول الدكتور أيمن: إن معمله ينتج 40 صنفاً دوائياً, ويحتاج إلى مئة مادة مستوردة لكي ينتج هذه الأصناف من الأدوية، وأضاف أيضاً: إن نسبة الـ50% التي أقرتها وزارة الصحة لا تزال ضعيفة أمام ارتفاع أسعار المواد الأولية, لكنها تفي بالغرض لضمان استمرار عمله.
ماذا قال المواطنون؟
كان على الدولة أو من قرر زيادة أسعار الأدوية أن يدرس هذا القرار بشكل أفضل فكان عليهم استثناء الأدوية التي يتعاطاها المرضى بشكل مستمر كأدوية الضغط والسكر والأدوية السرطانية على أقل تقدير, ورفع أسعار الأدوية الآنية إن صحت التسمية كأدوية الزكام والالتهاب والمسكنات, حتى وإن كانت بنسبة كبيرة لأن استخدام هذه الأدوية بشكل مؤقت، ومن المؤكد أن المعامل سوف تعوض الفروقات في زيادة ربحها من هذه الأدوية, بهذه الكلمات بدأ (أبو عادل) حديثه معنا قبل أن يردف قائلاً: أتعاطى ثلاثة أنواع من حبوب الضغط ونوعين من حبوب السكري, هل يعقل أن يصل سعر حبة الدواء الواحدة 200 ليرة سورية لأحد أصناف الأدوية؟ وهل يعقل أن يكون حاجتي من الأدوية في اليوم الواحد قرابة الـ700 ليرة سورية؟ أي 21 ألف ليرة سورية في الشهر, هذا عدا  شرائح قياس سكر الدم من وقت لآخر.. عندما أفكر في هذا الرقم يرتفع ضغطي وأقول في نفسي بأني سوف أوقف الدواء وأسلم أمري لله..
لا أعرف كيف تفكر بنا الحكومة.. زادت فواتير الماء والكهرباء والهاتف والمحروقات وأسعار المواد الغذائية كلها ارتفعت لتتحفنا اليوم بزيادة سعر الأدوية, كل شيء ازداد أكثر من 300% إلا مدخولنا بقي على ما هو عليه, هكذا قال (أبو وائل) 65 عاماً بعصبية على باب إحدى الصيدليات قبل أن يتابع قائلاً: أنا مريض ضغط وسكر. وزوجتي كذلك, وراتبي التقاعدي لا يتجاوز الـ25 ألف ليرة سورية, فهل يعقل أن أدفع راتبي كله ثمن أدوية.. كيف لنا أن نعيش؟ ونحن بالكاد كنا نتدبر أمورنا, أما اليوم فلا أعرف ماذا أفعل.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
ختاماً
ويبقى المواطن هو الحلقة الأضعف في أي خطوة تقوم بها الحكومة، وعلى ما يبدو أنه سوف يبقى خارج حساباتها دائماً، فهل فكرت الحكومة يوماً بإعداد ميزانية شهرية بمعدل وسطي لأسرة قوامها خمسة أشخاص مثلاً مثلما تقوم بدراسة ميزانية كل سلعة على حدة.. نشك في ذلك.