قطاع النقل السوري: من المتضرر بمئات المليارات بالأزمة؟.. خطط للتعافي تمهيداً لانطلاقة إعادة الإعمار

قطاع النقل السوري: من المتضرر بمئات المليارات بالأزمة؟.. خطط للتعافي تمهيداً لانطلاقة إعادة الإعمار

الأزمنة

السبت، ١٢ ديسمبر ٢٠١٥

*أحمد سليمان
شكلت الأضرار التي لحقت بقطاع النقل في سورية، نتيجة الحرب الدائرة في سورية وعليها منذ نحو خمس سنوات، والتي تصل إلى مئات مليارات لليرات في قطاعاتها المختلفة، تحديات كبيرة أمام المؤسسات والجهات المسؤولة عنها لإعادة ترميم ما خربته الحرب وخروج جزئي أو شبه كلي لبعض القطاعات من العمل الخدمي وإعادة تهيئة هذا القطاع باعتباره إحدى البنى التحتية اللازمة تمهيداً لانطلاقة عملية إعادة الإعمار في سورية خلال المرحلة القادمة.
 وبالطبع تتطلب هذه العملية جهوداً جبارة واستثنائية للاستفادة مما يتوافر من إمكانات وطاقات حالية بشرية ومادية وفنية لوضع الخطط اللازمة والإجراءات التنفيذية المترافقة للإقلاع بهذه المشاريع وخاصة المشاريع التي يمكن الوصول إليها، إلى جانب تذليل منعكسات العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد والتي انعكست على أداء جميع القطاعات الاقتصادية والخدمية بشكل عام ومنها قطاع النقل ما أثر على أدائه وجعل جزءاً منه يفقد قوته وفعاليته وأداء وظائفه على مستوى تقديم الخدمات التي يقدمها للمواطنين وفي خدمة الاقتصاد الوطني..
مشاريع لتحسين الطرق
فالتحديات والصعوبات التي تواجه الشبكة الطرقية في سورية جراء الظروف الراهنة لم تثن المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية عن إنجاز خططها الموضوعة وتحدي المخاطر والاعتداءات الإرهابية والعمل على صيانة الشبكة الطرقية وتوفير المحاور والطرق البديلة وخاصة الجسور والعقد الطرقية التي تعرضت لأضرار جسيمة، إضافة إلى قيام العاملين بمتابعة إنجاز مهامهم رغم تعرضهم للتهديد والخطف والاستشهاد في بعض المواقع خلال إنجاز مهامهم المتعلقة بفتح الطرقات وصيانتها كما يقول معاون وزير النقل عمار كمال الدين الذي يشير إلى أن المؤسسة أضافت في خطتها إنجاز مشاريع جديدة وخاصة في المناطق الآمنة، حيث تعمل على تنفيذ عدد من المشاريع منها بمتابعة تنفيذ مشروع تعريض طريق دمشق حمص القديم من عقدة طريق حمص القديم حتى مفرق القطيفة مع تقديم وتركيب حواجز بيتونية وإكساء الخندق الترابي المحاذي للطريق الواصل بين مدينة عدرا العمالية وحتى مفرق القطيفة بكلفة إجمالية 110ر1 مليار ليرة إضافة إلى متابعة أعمال الصيانة الدورية والجارية والطارئة وأعمال التحسين على محاور الطرق المركزية ورفع كفاءتها ومتابعة تنفيذ أعمال تأمين مستلزمات السلامة المرورية وتركيب حواجز أمان بمواصفات فنية عالمية على الأوتسترادات إلى جانب التعاقد والمباشرة بتنفيذ أعمال صيانة الطرق المركزية في المحافظات الآمنة كدمشق وطرطوس واللاذقية والسويداء وحمص وحماة مع الاستمرار بمتابعة تنفيذ المشاريع الطرقية الحيوية والمهمة والتركيز على إنهاء المشاريع التي تزيد نسبة انجازها على 60% والمشاريع الواقعة ضمن المناطق الآمنة كتطوير الطريق واتخاذ إجراءات إزالة العوائق بالتنسيق مع الجهات المعنية وحل كافة التقاطعات على الطرق المركزية من خلال الاستمرار بتنفيذ عدد من العقد الطرقية والتحاويل والجسور والمعابر.
السكك تنتظر الأصدقاء
أما قطاع السكك الحديدية والتي بلغت أضراره نحو 52 ملياراً بعد خروج معظم خطوطه من الخدمة وتم استهدافه نظراً لدوره المهم في تدعيم الاقتصاد الوطني، وتحقيق التنمية الاقتصادية والتطور الاجتماعي كونها الوسيلة الأولى القادرة على مجابهة متطلبات النقل بحجومها الكبيرة البشرية والسلعية، وفي مختلف الظروف، وهي الوسيلة الأكثر أماناً وأقل كلفة والأكثر رفاهية والأقل ضرراً على البيئة الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية إلى جانب دورها المهم في ربط مواقع الإنتاج بمراكز التصدير وخاصة ربط مناطق الشمال الشرقي في القطر بمرفأي اللاذقية وطرطوس اللذين يعدان نافذة سورية البحرية على العالم الخارجي.
 هذا الوضع دفع المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية إلى إعداد خطة استراتيجية كما تقول المؤسسة ستسهم هذه الخطة في إعادة النظر ببعض المواقع والمنشآت والمراكز التابعة للمؤسسة في جميع المدن، وخاصة في حلب، وتأمين مجمعات سكنية بديلة خارج المدن وطرح هذه المواقع للاستثمار وفق القوانين والأنظمة النافذة، وإيجاد موارد إضافية تؤدي إلى دعم عملية تطوير شبكة الخطوط الحديدية، وذلك في ضوء مشروع وزارة النقل لإعادة هيكلة السكك الحديدية إضافة إلى أهميتها في نقل تكنولوجيا التصنيع السككي إلى سورية، تمهيداً لتأسيس نواة تصنيع سككي قابلة للتطوير والتوسع في المستقبل كما يسهم أيضاً في خلق كادر فني واسع ومتدرب ومتخصص في جميع مجالات السكك الحديدية بشكل فعلي يؤدي إلى تطوير قطاع النقل السككي، وتلبية المتطلبات الملحة والمتنامية لاحتياجات السكك الحديدية من مواد الخط والأدوات المحركة والمتحركة وغيرها.
مع العراق
 وإضافة إلى ذلك هناك مقترح جديّ لربط شبكة الخطوط الحديدية السورية بالشبكة العراقية في منطقة التنف بغرض ربط ميناء طرطوس بالعراق واستخدامه في نقل البضائع إلى كل من العراق وإيران، وقد تم الاتفاق بين الجانب السوري والعراقي على تشكيل فريق عمل فني لإجراء الكشف الميداني لمسار المشروع الجديد وتحديد الإمكانية والكلفة الأولية مع استكمال دراسات الجدوى للمشروع واستمرار التنسيق بين السكك الحديد العراقية والخطوط الحديدية السورية مع العلم أنه يوجد هناك ربط سككي بين سورية والعراق متمثل بخط اليعربية وهو مستثمر حالياً بطول 82 كم وتقوم المؤسسة بإعادة تجديده وتطويره وتحديثه. وكذلك يوجد خط دير الزور البوكمال منفذ منه حاليا 92% وهو خط حديدي يربط الشبكة السورية من محطة دير الزور إلى محطة البوكمال ومن ثم إلى الحدود العراقية في موقع القائم.
 وكشفت مصادر في وزارة النقل عن التعاون مع روسيا، حيث أبدت شركة السكك الحديدية الروسية اهتماماً واستعداداً للتعاون مع الجانب السوري في مجال السكك الحديدية واقتراحها توقيع اتفاقية بين البلدين للوصول إلى صيغة التفاهم المطلوبة لاستئناف التعاون في هذا المجال على نطاق واسع، وكذلك الأمر بالنسبة للمؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي، بحيث يتم تنفيذ العديد من المشاريع كمشروع قطار نقل الضواحي وإنشاء معامل جديدة وعصرية لصيانة القاطرات وتطوير محطة القدم لتكون محطة مشتركة بين القطارات العريضة والضيقة وقطارات الضواحي وإقامة شركات مشتركة في مجال النقل السككي.
الوجع الجوي
أما الوضع الصعب الذي وصلت إليه مؤسسة الطيران العربية السورية بسبب الحصار الجائر وعدم المقدرة على تأمين قطع الغيار والصيانة كما أشار رئيس مجلس الوزراء الدكتور وائل الحلقي في جلسة الأسبوع الماضي والذي طلب توفير بدائل لتعزيز قدرات هذه المؤسسة وإعادة هيكلة المؤسسة ومؤسسة الطيران المدني التي قامت بعدد من الخطوات التي من شأنها تحديث قطاع صناعة النقل الجوي في سورية ووضع إستراتيجية للتفاعل والتكامل بين الناقل الوطني والشركات الوطنية الخاصة بالنقل الجوي تخدم وتلبي هدف تطوير النقل الجوي وذلك عن طريق تحرير دخول الأسواق للشركات الوطنية الخاصة النظامية والعارضة ومنحها حقوق المنافسة والمرونة التشغيلية لتفعيل مبدأ المنافسة بما يتناسب مع طبيعة عمل التشغيل، إلى جانب العمل على ترخيص المزيد من شركات النقل الوطنية وتعمل على تغطية نقاط تشغيل أوسع وفق أسس المنافسة الشريفة مع تطبيق الرسوم العادلة، إضافة إلى دراسة مشروع تحرير النقل الداخلي في سورية بين شركات الطيران المرخص لها حالياً والتي سيتم الترخيص لها لاحقاً بهدف تأمين سوق عمل مشتركة للنواقل الجوية لتلبية حاجة المستهلكين وتسهيل حركة المسافرين مع التركيز على شروط الأمن والسلامة، كما يجري العمل على ترخيص مكاتب خدمات الطيران ومكاتب الشحن الجوي.
تعافٍ بحري
 ولم تكن منعكسات الأزمة بعيدة عن قطاع النقل البحري الذي أثرت فيه بالمجمل باعتباره كان يمثل أحد شرايين نقل المنتجات من سورية وإليها، حيث تراجعت أعداد السفن التي تتردد على موانىء البضائع السورية مع إحجام شركات النقل البحري بسبب مخاطر الحرب والعقوبات المفروضة على سورية، وكذلك حجم عمليات النقل البحري الذي تأثر سلباً رغم أن موانئ البلاد مفتوحة وجاهزة للعمل.
 وكل ذلك دفع مؤسسة النقل البحري للعمل على الانطلاق بمشاريعها الخاصة والتي تهدف كما تبين إلى توسيع مرفأ اللاذقية الذي يعد من أهم المشاريع الحالية بهدف امتلاك ُبنى تحتية متطورة للعب دور المنافسة مع بقية المرافئ وجذب كافة بضائع الترانزيت في المنطقة وعدم فسح المجال لتبرير ارتياد السفن إلى المرافئ المجاورة في ظل المنافسة التي تشهدها زيادة الطلب على النقل حيث تشير الأرقام حالياً إلى التعافي الإنتاجي والملاحي في قطاع النقل البحري مع تحسن الإيرادات العائدات مقارنة مع السنوات الأربع الماضية من الأزمة، وتجلى هذا في المؤشرات المحققة حتى الربع الثالث من العام الجاري في أكثر من مؤسسة.
 على كل ما نأمله من هذه المشاريع أن تكون جاهزة مع انطلاق عملية إعادة الإعمار لتكون كبينة تحتية جاهزة لإعادة تأهيل وتطوير قدرات هذه القطاعات لتكون مساهمة بالشكل الأفضل في عملية التنمية الشاملة.. فهل ستتمكن مؤسسات الوزارة؟.