صراحة وشفافية في منتدى الصحافة في اللاذقية

صراحة وشفافية في منتدى الصحافة في اللاذقية

الأزمنة

الأحد، ١٥ نوفمبر ٢٠١٥

زهير جبور
ضمن أنشطة فرع اتحاد الصحفيين في اللاذقية، أقيم منتدى الصحافة الشهري، الذي استضاف السيد إبراهيم خضر السالم محافظ اللاذقية، ومنذ بداية الأزمة السورية وحربها المدمرة وتبدل عدد من المحافظين لم يتم مثل هذا اللقاء الموسع، ولا الانفتاح على وسائل الإعلام، وكانوا يفضلون تصريحات للشاشة الصغيرة، وهي الأوسع انتشاراً، وكي لا نوقع الظلم على أحد، قد يعود السبب لانشغالهم بأعمال  لم تحقق حضورها في الخدمات، وقضايا المجتمع، والثقافة، جاء هذا المنتدى ليغير بالأسلوب السابق، وليرفع ستارة كانت منسدلة بين الإعلام والمسؤول المحلي، حمل حديث السيد المحافظ الصراحة والشفافية، وإيحاء بالثقة التي أظهرتها نبرة الكلام في استعراض للأعمال التي نفذت خلال الفترة الزمنية بين تسلمه المهمة واللقاء، وهي سنة.
•    محور أول
استعرض سيادته في مستهل حديثه واقع ما قدم لأسر الشهداء الذين افتدوا بحياتهم كرامة الوطن وحماية الشعب، وكذلك الجرحى، مبيناً ما تم لأسرهم من عناية ومساعدات يستحقونها بجدارة بالواقع وبالأرقام ومن جولات ميدانية وزيارات لتلك الأسر في المدينة والريف، ووضح أن العمل جار الآن لتجهيز بطاقات (باركود) ستوزع عليهم لتنظيم استلام السلل الغذائية، وكيفية التعامل مع العقود الوظيفية المؤقتة التي وصلت إلى 4000 عقد، و710 للجرحى، والخدمات الصحية، والعمليات الجراحية المتوسطة والمعقدة، وتوزيع الدواء والمعالجات الفيزيائية، والكراسي المتحركة، وغيرها، وملاحظة نوردها في هذا المجال أن الأزمنة كانت قد تابعت هذا الموضوع عبر ثلاثة مواضيع نشرت ورصدت الجهود المبذولة للعاملين في المستشفيات العامة، وهم في وضع الاستنفار الدائم، من أطباء وممرضين ومخدرين وغرف إسعاف، وهو ما يعرفه سكان المحافظة، وأثنى سيادته على جهودهم وهو يتابعها منذ بداية تسلمه مهام المسؤولية.
إجمالاً نقل للصحفيين ما قدم ويقدم لتلك الأسر والجرحى، والمبادرات التي تطرح وتناقش بما ينعكس عليهم بالمنفعة الدائمة ويجنبهم الحاجة لهم ولأولادهم، من تحسين واقع منازلهم، وإيصال الماء والكهرباء إليها والطريق من دون أي مقابل في الريف والمدينة، وقام بتفصيلها، والاستعداد التام لمنح المزيد، ولهؤلاء حق علينا جميعنا ينبغي ألا نبخل عليهم بأي شيء، فما قدموه لا يقاس بقيمة مادية أو خدمية، إنما يحمل في أبعاده تمجيداً وطنياً مقدساً لا يمس ولا يجوز نسيانه على مر التاريخ، وأشار إلى أن جميع التوجيهات التي يحرص عليها قائد الوطن السيد الرئيس بشار الأسد تصب في الأعمال الإنسانية وحضانة أسر الشهداء الذين فقدوا من أجل الوطن ما لا يعوضه شيء مهما كان ثميناً.
•    الوافدون
لهؤلاء حقهم أيضاً وبخصوصهم اتخذت مجموعة إجراءات، وقد قدموا إلى اللاذقية من المحافظات الساخنة طلباً للأمان على أرض الوطن، وهم أبناؤه ويحصلون على حقهم في الإقامة المناسبة والمساعدة الغذائية وتوفير فرص العمل والطبابة المجانية.
•    الشؤون الأخرى
تحصن المحافظ في حديثه بقوة الصراحة والشفافية، وهو الذي عمل في سلك الشرطة وصولاً إلى رتبة لواء، وتنقل بعدة مواقع ، وعرف عنه الصدق ونظافة اليد، ومواجهة الفساد، وعدم الانسلاخ عن طبقته الفقيرة التي انحدر منها، أكد أن بابه وقلبه مفتوحان لكل مواطن، وسوف يحصل على إنصافه إن كان مظلوماً بكل احترام، مع إيمانه بأن المحتاج هو من يطرق باب الاستغاثة، وواجب من يقدرون أمانة المسؤولية أن يستجيبوا.
بعث كلامه في قلوب الصحفيين الراحة، وهم الذين جربوا أكثر من غيرهم التعامل مع فوقية المسؤولين الصغار في نفوسهم، متوهمين بأن الكرسي يرفعهم، وفي الواقع إن لم يتفهموا التعامل معه فإنه يخفضهم.
سمع الصحفيون في المنتدى كلاماً صادراً من قلب رجل أغنته تجربة حياته وجعلته منفتحاً على وطنه ونفسه وهما الكبرياء الحقيقي، أقول ذلك بقناعة ما سمعت، وما تابعت، وبصراحة كنت أبتعد عن لقاء المحافظين وأستنتج مواضيعي من مقاربة ما أرى وأحرص محدداً موقفي كصحفي أسعى للاستكشاف بما يتطلب الالتزام الوجداني، وحدد المحافظ نوعيات الفساد.. الصف الأول. الثاني. الثالث. متمسكاً بالقانون، مثبتاً نوع الارتكاب ومنعكساته السلبية وأزاح (10) مديرين من مواقعهم، وأنه يعمل على محاربة الفساد بالتوثيق غير القابل للطعن كما يقتضي العمل القانوني.
•    المحافظة الصعبة
ضمن سياق الصراحة التي أطلقها قال: إنه كان يسمع بأن اللاذقية محافظة صعبة المسالك، ذات مطبات مخفية، وبعد مرور سنة لم يجدها كما سمع عنها، إلى الآن لم يتلق اتصالاً من مسؤول يطلب منه حماية مرتكب أو من تجاوز خرقاً ما حصل. وضميره المسلكي حدد طبيعة عمله، ولن يتنازل عنه أمام أي ضغط، وينتظر من الصحفيين أن يكونوا عينه الثالثة كما يقتضي واجبهم، والتعاون سوف يثمر في كشف خفايا ليصلها بعد، وبالجهد المشترك والتعاون البناء نصل جميعاً إلى ما نبتغي.
•    المخطط التنظيمي
منذ عام 1974 واجه هذا المخطط عوائق وصعوبات، ولم يصدر، وجاءت الأزمة المؤسفة ليجدها تجار الأزمات مع ضعاف النفوس في مجلس المدينة، وبعض المفاصل الأخرى بالمحافظة مناسبة لإيقاف إقراره وإصداره، وتأجيله قدر المستطاع، هذا ما جرى في السابق فعلاً، وأصحاب المصالح التي طغت على نفوسهم وأنانياتهم جعلته يحفظ في الأدراج وتعلوه الغبار، قال المحافظ:
القرارات الحازمة التي اتخذت والتأكيد على قمع المخالفات وأملاك الدولة في شوارع الثورة. الشاطئ الأزرق. دوار الأزهري. دفع الجميع للمطالبة بإقرار المخطط، وللتوضيح فمما لا شك فيه أن تعثر صدروه كان بسبب الفساد، وكم من مخالفات واعتداءات على أملاك الدولة وقعت ولم تتم المحاسبة، وكان سببها عدم وجود مخطط يؤسس النظم ويحدد المعايير، الذي جرى الآن أن فرق عمل من الوزارة والمحافظة مؤلفة من مجلس المدينة. الخدمات الفنية. شركة الدراسات. الاستشارات. التخطيط الإقليمي. الزراعة. جميعها تعمل لتنفيذ بنود محضر اجتماع اللجنة المختصة، وقريباً سوف يصدر المخطط الذي طال غيابه، واستعرض واقع سكن الشباب، والاتحاد التعاوني السكني، والادخار، وجميعها متأخرة في إنجاز أعمالها، وأشار إلى أنه سيبدأ بتسليم الوحدات السكنية حسب الجدول، وستصدر القرارات بخصوص تعديل الصفة التنظيمية فيما يخص الاتحاد التعاوني وإضافة استملاك 61 مقسماً، كما تطرق للأضرار الزراعية بسبب العمليات الإرهابية، وحفر آبار جديدة في ستة مواقع وضعت في الخدمة.
•    ما لم يقل
طال اللقاء مع السيد المحافظ، تحدث لأكثر من ساعة ونصف الساعة، ليفسح المجال من بعدها لأسئلة المنتدى، كانت جلسة غنية أضاءت على الكثير، لكن ما لم يقل هو عن عربات تجول من دون لوحة رقمية، وعصابات خطف طلباً للفدية، وعربات تسرق، وخدمات يتطلبها الريف من صيانة للمدارس إلى طرق ومياه شرب وكهرباء، وواقع مدن المحافظة جبلة. القرداحة. الحفة. وضبط حقيقي لأسعار السوق، وبين  الدكان والآخر فوارق لا يستهان بها، وأن الأمر لا ينتهي عند تغيير مدير تموين، وثمة نسق ثانٍ وثالث، ودوائر تستغل، وموظفون تخلوا عن الضمير.
 حدّثتني مواطنة أن إصدار قيد نفوس دفعت عليه 2500 ل.س، والسماسرة يتقاضون المبلغ بالاتفاق مع الموظفين، مصاريف مياه الأمطار التي أدت إلى امتلاء بعض الشوارع في أول هطلة، البسطات المخالفة المعرقلة التي تزال ثم تعود مرة أخرى بمعرفة الجهة التي أزالتها، بعض باحات المدارس التي طافت فيها المياه وعرقلت خروج التلاميذ، حدائق الأطفال والكبار التي لم تمتد لها يد الصيانة وتحتاج للنظافة، الجمعيات التي أخذت أسماء كثيرة وظهرت مع الأزمة، وطرق استغلالها، وتغطية ممارساتها باسم الجرحى والشهداء والوطن، من دون رقابة تذكر، الثقافة العامة والوصول إلى الناس وتوعيتهم، ورش العمل ومعالجة القضايا في الأحياء الفقيرة، إيجاد وسائل اجتماعية للتقليل ما أمكن من مظاهر التسول الذي انتشر على نطاق أصبح يشكل عبئاً، ومنهم من وجده تجارة مربحة.
نرجو أن تتكرر مثل هذا اللقاءات، ولا بد أن صاحب الحق هو المنتصر في النهاية، معركة مع عصابات الإرهاب، بواسلنا في الجيش يتصدون لها، ويستشهدون، وثمة عصابات للفساد والعدو المعلن يواجه بالإيمان والعزيمة والإرادة، أما المخفي بيننا فهو البلاء الذي علينا أن نتخلص منه.
نتمنى أن تثمر عزيمته المتوقدة وينظف المحافظة من رجس لوثها حتى الفظاعة، وشناعة استشرت ضاربة القيم مجردة من الأخلاق.