ذبحتني بيروت... رسائل حب إلى رجل مجهول الإقامة.. مستوحى من الحرب الاهلية سنة 1975- بقلم أيقونة السينما السورية إغراء...

ذبحتني بيروت... رسائل حب إلى رجل مجهول الإقامة.. مستوحى من الحرب الاهلية سنة 1975- بقلم أيقونة السينما السورية إغراء...

فن ومشاهير

الخميس، ٢٦ يناير ٢٠٢٣

الحلقة : الواحدة والعشرين

انفجرت بيروت بين أصابعي

لقد انفجرت بيروت بين أصابعي !!

ودخلت شظاياها في جسدي .. وفي حنجرتي !!

في ذاكرتي ... وفي وجهي ... في أوراقي .. وفي رأسي !!

فساعدني على ترميم رأسي ، ووجهي وذاكرتي !!

وساعدني كي نكبح جماح خوفنا وضجرنا .. قلقنا وعذابنا ...

ترددنا وقلوبنا !!

عواطفنا ... وحماقتنا

فأنا لا يمكنني أن أحبك والقذائف تنفجر من حولي !!

لا يمكنني أن أحبك وانا محاصرة بالموتى والدم والقناصة والرصاص المتطاير كزخات المطر !!

فهل تهرب معي إلى أرض لم تطأها قدم إنسان من قبل !!

تعال نهرب معاً من الزمن اليابس الخانق الدموي... إلى زمن الأمان والحرية والعشق والسلام !!

فنحن منذ زمن طويل .. لم ندخل في احتمالات الاطمئنان والسلام والعشق الجميل!!

لم نمسك بأيدينا أفقاً .. أو حلماً .. أو حقيقة أو سعادة وأفراح !!

لقد جعلتنا الحرب حيوانين اليفين مذعورين نأكل بلا شهية ..

نمارس حياتنا اليومية بلا حماس ... بلا رغبة... بلا إحساس!!

نتعانق وتحن خائفين .. نخطط لمستقبلنا ونحن خائفين .. نسهر ونحن خائفين .. نقرأ ... نكتب ... نتشاجر .. نطبخ .. نشرب ... ونسكر ونحن خائفين .!!

كل الأشياء بين يدينا هشة .. وقابلة للكسر  ولا تصلح للحياة !!

كل ليالينا تتشابه .. كل أنواع الكحول لها مذاق واحد ومفعول واحد ...

كل الطرقات إلى محطات الأمان مسدودة ... أو مزروعة بالخطر والقنابل الموقوتة..

فتعال معي

لنهرب إلى مكان لم تطأه قدم إنسان من قبل ..

فنحن منذ زمن طويل ... لم ندخل في احتمالات الاطمئنان ..

والسلام والعشق المباح..

لم نمسك بأيدينا أفقاً ... أو حلماً .. أو حقيقة أو سعادة وأفراح !!

***  

لا أستطيع أن أحبك وحراس الطرق يراقبوننا من ثقب الباب !!

لا أستطيع أن أمارس معك جنوني ونزواتي وعشقي الجميل ..

وأنا تحت ضغط حراسة مشددة وقابلة للغضب والعنف في كل لحظة !!

ذات يوم .. عندما كنت بجانبك في سيارتك الأنيقة .. خطر لي أن أداعبك .. وأمارس معك طيشي وطفولتي وشقاوتي .. لكنني لم أفعل .. فكيف بإمكاني أن أداعبك وأنا قابضة على بطاقتي الشخصية في يد .. وقابضة على قلبي المذعور بيد أخرى !!

ذات يوم .. تمنيت أن أرقص معك .. وأهمس في أذنك كلمات حب لم تسمعها من قبل ... لكنني لم أفعل !!

فكيف بإمكاني أن أراقصك على أصوات المتفجرات .. وأزيز الرصاص والجنون وطيش المقاتلين !!

فتعال معي

لنهرب إلى أرض لم تطأها قدم إنسان من قبل ...

***  

يا صوتي المصادر !!

يا قلبي المجرح بزفرات الحنين والشوق !!

متى تستجمع الأماني جرأتها وعنفوانها وسيطرتها!!

ما عادت عروقي يا جراح السنين تطرب للوعود الخائبة !!

***   

يا حبيي ... يا مثخن القلب بالجراح ، في زمن يعز به السخاء .. هيا اقتحم حدود البلاد التي تفصلنا .. اقتحم الحدود من عشقي المتأجج بالصراخ واللوعة والعذاب !!

توغل في شراييني ...

ولا تنسى التيمم بالدماء !!

***  

لقد اختصر الحزن الأسماء !! والاشياء والأمنيات

لقد أكملتنا الجراح وخلدنا العشق المذبوح !! من الوريد إلى الوريد

وها نحن بين حدود البلاد .. بين السلاطين والمتوحشين والمضللين والمتآمرين والزمرة الجاهلية وجثث الأبرياء والظالمين نكتب بدمنا الطاهر المسفوح على الأرصفة

آخر فصل من ملحمة  مملكة الحرب !!

بقلم : إغراء