هل أثر رفع سعر الصرف في الأسعار؟ … مدير الأسعار: لم يصدر أي تعديل على نشرة الأسعار .. مدير حماية المستهلك: بعض التجار حاولوا رفع الأسعار

هل أثر رفع سعر الصرف في الأسعار؟ … مدير الأسعار: لم يصدر أي تعديل على نشرة الأسعار .. مدير حماية المستهلك: بعض التجار حاولوا رفع الأسعار

مال واعمال

الأربعاء، ٢١ سبتمبر ٢٠٢٢

 رامز محفوظ - جلنار العلي
حال الأسواق الذي رصدته أمس بعد ارتفاع سعر الصرف الرسمي إلى 3015 ليرة، أكد أن هناك ارتفاعاً فورياً بمجمل الأسعار يتراوح بين 300-500 ليرة لأغلب السلع كالألبان والأجبان والمواد الغذائية المعلّبة، وهذا ما يخالف البيان الذي أصدرته وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أمس الأول منذ لحظة صدور قرار مصرف سورية المركزي والذي يفيد بأن هذا الرفع لا يؤثر إلا في المواد التي يتم تمويلها من المصرف وهي حصراً القمح والأدوية النوعية وحليب الأطفال، المستوردة من مؤسسات الدولة فقط.
مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك نضال مقصود بين في تصريح خاص لـ«الوطن» أنه لم يصدر أي تعديل على الصكوك السعرية وعلى نشرات الأسعار الصادرة أبداً عقب رفع سعر الصرف من المصرف المركزي، مؤكداً أن الأسعار تعدل وفق التكاليف الفعلية والسعر يبنى على التكلفة الفعلية، لافتاً إلى أنه أي مخالفة للأسعار الصادرة من التجار سيتم ضبطها من مديريات حماية المستهلك.
من جهته، بيّن مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك حسام النصر اللـه في تصريح لـ«الوطن» أنه تم التعميم على مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك في كل المحافظات بتوجيه دوريات إلى كل الأسواق لمنع تحريك أي سعر غير مبرر وضبط الأسعار بموجب النشرات السعرية أو بيانات الكلفة الصادرة والموثقة والمعتمدة أصولاً من المديريات، وبناء على ذلك يتم تنظيم الضبوط بحق المخالفين وفق أحكام المرسوم 8 لعام 2021.
وأشار النصر لله إلى أنه تم التشديد منذ صباح أمس على الأسواق لمنع استغلال بعض التجار لقرار مصرف سورية المركزي لصالحهم وكسب أرباح غير مبررة، حيث تم تنظيم ضبوط بحق المخالفين وإحالتهم إلى القضاء أصولاً، لافتاً إلى وجود تجار حاولوا رفع الأسعار فعلاً ولكن قد لا يكون لديهم علم بقرار مصرف سورية المركزي الجديد.
أما نائب رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها ماهر الازعط لـ«الوطن» أنه بشكل تلقائي أي قرارات تصدر عن الحكومة بالنسبة للأسعار ومنها قرار رفع سعر صرف الدولار من المصرف المركزي سيؤثر في الأسعار وليس بناء على نسبة الارتفاع الحاصلة، مضيفاً: إنه من المفترض عند صدور أي قرار يمس الأسعار من الحكومة أن يتبعه توعية للمواطن وتبرير للارتفاع، مؤكداً أن هناك مواد أخرى ستتأثر برفع سعر الصرف من المصرف المركزي إضافة للمواد التي يتم تمويلها من المصرف المركزي كالقمح والأدوية النوعية وحليب الأطفال مثل المواد الأولية اللازمة لمعامل الغزل والخيوط التي يتم استيرادها وقطع التبديل للسيارات ومواد غذائية أساسية تمس حياة المواطن اليومية.
ولفت إلى أن نسبة كبيرة من التجار بدأت بعمليات الاحتكار عقب قرار رفع سعر الصرف لحين أن تتضح الصورة بشكل أكبر بالنسبة لهم، مشيراً إلى أن توقيت رفع سعر الصرف غير مناسب حالياً وخصوصاً أن هناك تغيرات بشكل يومي في أسعار المواد.
من جانبه اعتبر الخبير الاقتصادي والأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور شفيق عربش في تصريح لـ«الوطن» أن ارتفاع أسعار السلع في الأسواق هو أمر متوقّع جداً، لأن رفع سعر صرف الليرة أمام الدولار يؤدي حتماً إلى رفع سعر صرف الدولار الجمركي، وهذا بدوره يؤثر في كل رسوم عمليات التخليص الجمركي للبضائع المستوردة، وبالتالي ستكون النتيجة ارتفاعاً بالأسعار كبيراً جداً.
ووصف عربش وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بأنها أدارت ظهرها للحقيقة ورأت فقط ما تريد أن تراه عندما أصدرت تعميمها أمس، لأن الواقع مختلف تماماً عمّا نشرته، مشيراً إلى أنه لم يكن هناك أي مبرر لرفع سعر الصرف لأنه مخالف للسعر الذي اعتمدته الحكومة في موازنة عام 2022، متسائلاً عن السبب الذي دفعها لتجاوزه لأن ذلك يدل على عدم وجود سياسة محددة وواضحة تسير عليها الإدارات التنفيذية، مستغرباً أيضاً من الأسعار الدائمة التي تصدرها الحكومة والتي تنتهي بأصفار (3000، 2500..)، واصفاً الأمر بأن الحكومة تعشق الأرقام المدوّرة، وهذا الأمر يدل أيضاً على عدم وجود دراسات سعرية دقيقة معتمد عليها باتخاذ القرارات.
وتابع الأستاذ الجامعي: «فإذا كانت مبررات الحكومة هي إحداث تقارب ما بين السعر الرسمي للصرف وسعر السوق الموازي، فكان من الأولى أن يكون السعي متجهاً نحو تخفيض سعر السوق الموازي ليقترب من السعر الصادر عن مصرف سورية المركزي، وإن كانت سياسة الحكومة هي التضييق على السيولة في سبيل منع المضاربة فهذا يسمى موقف الشخص العاجز عن التأثير بالسياسة النقدية، ويدل على أن إجراءات السوق السوداء وطريقة التعامل فيها أقوى بكثير من إجراءات الحكومة».
وفي سياق متصل أكد عضو مجلس الشعب زهير تيناوي لـ«الوطن» أن توقيت رفع سعر الصرف من مصرف سورية المركزي لم يكن مناسباً وموفقاً وخصوصاً في ظل الظرف الحالي الذي نشهد به موجة كبيرة من الغلاء وعدم تناسب الدخل مع متطلبات الحياة والمعيشة حيث إن الفجوة بين دخل المواطن والأسعار توسعت بشكل أكبر بعد قرار رفع سعر الصرف، مبيناً بأن حالة التضخم الموجودة حالياً لا تتناسب بالمطلق مع مستويات الدخول والمعيشة.
وأضاف بأنه لا وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ولا مديرياتها في المحافظات قادرة على ضبط الأسعار في الأسواق دون أن تتأثر بالمجمل برفع سعر الصرف «وأنا أراهن على هذا الأمر»، والفلتان في الأسواق بدأ يظهر بشكل جلي حالياً.
وأوضح بأن التسعير في الأساس يتم بناء على سعر الصرف في السوق السوداء وليس بناء على سعر الصرف في المصرف المركزي ولكن اليوم أصبح هناك مبرر من أجل أن تزداد المضاربة بسعر القطع الأجنبي الموجود في السوق السوداء.
وتابع: «حتى بالنسبة للمواد التي يشملها تعديل السعر بما يوازي التعديل الذي أصدره المصرف المركزي هي مواد غذائية وأساسية ستطرح في الأسواق مثل القمح الذي ينتج عنه الدقيق والخبز والمعجنات والصمون والكعك وغيره وبالتالي ستتأثر أسعارها وترتفع عقب رفع سعر الصرف من المركزي، إضافة إلى أسعار الأدوية ومتطلباتها من مواد أولية لازمة لصناعة الدواء ستتأثر كذلك برفع سعر الصرف إضافة إلى الزيوت بكل أنواعها عدا زيت الزيتون وبعض المواد الغذائية الأخرى».
وحول ما ذكرته وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بأن رفع سعر الصرف لن يؤثر إلا في المواد التي يتم تمويلها من المصرف وهي حصراً القمح والأدوية النوعية وحليب الأطفال، توقّع عربش ألا يكون هناك زيادة في أسعار هذه المواد ولكن سيتم تعويض هذا الفرق من خلال رفع أسعار سلع مدعومة والمرشح للارتفاع هو أسعار المشتقات النفطية.
وحول تأثير هذا القرار في تكاليف الصناعة، أشار الصناعي ورجل الأعمال فواز عجوز في حديث لـ«الوطن» أنه حتى هذه اللحظة لم يتم لمس تأثير هذا القرار بشكل حقيقي لكون ذلك لا يكون بشكل آني بالنسبة للصناعات، ولكن حتماً سيكون له انعكاسات غير مريحة خلال الأسبوع القادم من جهة ارتفاع أسعار المستوردات من مواد أولية وما إلى ذلك، وبالتالي سينعكس هذا الأمر على تكاليف الإنتاج، موجّهاً لوماً للجهات التي أصدرت هذا القرار ولم تجتمع بغرف الصناعة والتجارة قبل إصداره لربما يكون لدى أحد من التجار أو الصناعيين مذكرة أو مقترح آخر.
وتابع: «عندما يتم رفع سعر الصرف يجب أن يتم منح ميزات مقابلة، لكون المبرر موجوداً وهو أن السعر القديم لم يعد يناسب التغيرات الاقتصادية، فمثلاً كان من الممكن توسيع شريحة المستوردين بالتوازي مع هذا القرار».
وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أكدت أن نشرة الأسعار التي أصدرها مصرف سورية المركزي لا تؤثر إلا في المواد التي يتم تمويلها من مصرف سورية المركزي وهي حصراً القمح والأدوية النوعية وحليب الأطفال ولا تؤثر إلا في مستوردات مؤسسات الدولة من هذه المواد، وبالتالي فإن رفع أسعار أي مادة أو منتج غذائي أو غير غذائي غير مبرر وهذا الأمر يعرض التاجر الذي يرفع سعره إلى العقوبات المنصوص عليها في المرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2021 وغراماتها والحبس لمدة تصل إلى سبع سنوات، لذا يطلب من جميع من رفع سعره إعادته لما كان عليه.
الوطن