صعوبات الشحن ترخي بظلالها على الصناعة المحلية.. والإنتاج الوطني محكوم بالاستيراد!

صعوبات الشحن ترخي بظلالها على الصناعة المحلية.. والإنتاج الوطني محكوم بالاستيراد!

مال واعمال

الأحد، ١٣ مارس ٢٠٢٢

 ريم ربيع
حتى الصناعة المحلية، لم تفلح بالتملّص من تبعات الأزمة الأوكرانية التي أرخت بظلالها خلال ساعات فقط من اندلاعها على السوق السورية “الهشة”، فالمواد الأولية الداخلة في معظم الصناعات المحلية هي مستوردة، وباتت اليوم خاضعة لصعوبات الشحن عالمياً وارتفاع تكاليفه، وقلة المعروض منها.
حالة التخبط التي أصابت الصناعيين والتّجار على حدّ سواء خلال الأيام القليلة الماضية، انعكست “تأنياً” في الإنتاج، ووفرةً في المستودعات مقابل شح في مختلف المواد في الأسواق، فكما اتجه معظم التجار لاحتكار المواد الأساسية وفي مقدمتها الغذائية، كان لبعض الصناعيين أيضاً إجراءاتهم المتمثلة بتقليص الإنتاج ريثما يراقبون متغيرات الأسواق، ويقررون مصير مخازينهم والأسعار الجديدة لمنتجاتهم!.
مبكراً..!
وفيما لا تزال الجهات الرقابية والمسؤولة عن التسعير تأخذ دور المتفرج على الجنون الذي أصاب الأسواق، يعتبر الصناعي عماد قدسي أن الحديث عن تأثر صناعي وتجاري لا يزال مبكراً بالنظر إلى أن أحداً لم يستنفد المواد الأولية الموجودة لديه بعد.! فالمتغيرات السعرية ورفع الأسعار “القادم لا محالة” يفترض أن يشمل ما سيتمّ استيراده لاحقاً، وليس المتوفر الآن في المستودعات.
ويؤكد قدسي أن أسعار الشحن وصعوباته سترخي بظلالها على أسعار الصناعات المحلية المعتمدة على المواد الأولية المستوردة، معتبراً أن تحقيق الاستقرار ومنافسة البلدان المجاورة يتطلب تسهيلات صناعية، عبر خفض الرسوم أو إلغائها، ومرونة في الاستيراد وتوفير القطع اللازم له، وتأمين الكهرباء للمناطق الصناعية، لافتاً إلى ضرورة إعادة النظر بمصانع القابون المتوقفة بسبب قرارات التنظيم، فعودة تشغيلها قد يسهم بتأمين استقرار في الإنتاج خلال الظروف الحالية، وهي 750 مصنعاً يعمل منها حالياً 10% فقط.
20% منطقياً
بدوره يرى الصناعي تيسير دركلت أن التأثير المباشر للأزمة الأوكرانية على سورية ليس كبيراً كما التأثير الإعلامي الذي أثار الهلع، فالمواد المستوردة من أوكرانية قليلة ويمكن إيجاد بدائل لها، ويتمثل التأثر الأساسي بأجور الشحن التي لا يتعدى انعكاسها المنطقي 20% على الأسعار المحلية، ليس كما نشهد اليوم من ارتفاعات 50 إلى 100%!، حيث يلجأ البعض إلى تحصيل أرباح خيالية استباقاً لأي حدث جديد.
ويوضح دركلت أن التأثر قد يشمل المواد الغذائية من زيوت وسمون وقمح وذرة، غير أن الحديث عن شلل استيرادها وانقطاعها الكلي ليس سوى مبالغة وتهويل، مشيراً إلى أن الصناعات المعدنية في سورية كانت تعتمد بشكل كبير على الصفائح الحديدية الأوكرانية، غير أن بدائلها متاحة في مصر وروسيا ورومانيا.
استسهال الاستيراد
ويأسف دركلت إلى أن دروس الحرب الاقتصادية لم تفلح رغم 12 عاماً من الحصار في إيجاد البدائل المحلية، فحتى الصناعات والإنتاج المحلي يعتمد على الاستيراد إلى حدّ كبير، وبات واضحاً الاستسهال الكبير في اللجوء للاستيراد، واعتماد الكثير من الصناعيين على الريعية، والصناعات التحويلية، واصفاً هذا النوع بـ”الصناعي المرتاح”.
أما الصناعات المعتمدة على الإبداع والإنتاج -يتابع دركلت- فمازالت تواجه صعوبات كبيرة في التكاليف والتسعير، مما دفع بالكثيرين إلى ترك العمل، فتكاليف الصناعي ولاسيما في الآونة الأخيرة تغيرت كثيراً بحكم تغير سعر الصرف، ولم يلمس الصناعي تعاون الحكومة التي تلجأ دائماً لمحاولة ضبط الحلقة الأخيرة في الإنتاج بدلاً من البداية، فمثلاً ارتفاع تكاليف الشحن يمكن تغطيته بخفض الرسوم والضرائب التي تصل في بعض الصناعات المعدنية إلى 25%.
اعتباطي
عموماً، فقد أثبتت ردة فعل الصناعيين والتجار أن “الفزعة” الحكومية التي أعلنتها أول أيام الأزمة، والاجتماعات التي تلتها مع القطاع الخاص لم تثمر سوى المزيد من النقص والشح والغلاء، وكل المحاولات “الترقيعية” لم يلمس لها المواطن أثراً حتى الآن، ورغم أن التحذيرات تؤكد أن القادم أسوأ، إلا أن التعاطي مع كل هذه المتغيرات لا يزال متواضعاً ومعتمداً على ردود الأفعال الاعتباطية وحسب.
البعث