ترشيد الاستيراد مستمر بـ 22 مادة جديدة.. قبول صناعي ورفض تجاري للقرار..!

ترشيد الاستيراد مستمر بـ 22 مادة جديدة.. قبول صناعي ورفض تجاري للقرار..!

مال واعمال

الثلاثاء، ١٧ أغسطس ٢٠٢١

 ريم ربيع
مجدداً أصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية قراراً منعت فيه استيراد حزمة من المواد ولمدة ستة أشهر، ليأتي بذلك مكملاً لقراراتٍ سابقة بغية ترشيد الاستيراد وتوجيهه للمواد الأساسية كالقمح والمحروقات، حيث تضمن القرار وقف استيراد جبنة الشيدر واكسسوارات الموبايلات ومكبرات الصوت والمكيفات المنزلية، والسيراميك والغرانيت الطبيعي والموزاييك والتمر والهواتف وغيرها..
الاستيراد الذي كان ولا يزال موضع جدل كبير بين التجار ووزارة الاقتصاد بات برأي كثر رفاهية تستوجب الضبط في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، حيث تتعالى بعض الأصوات بأنه من غير المقبول الاستمرار باستيراد مواد كمالية تستفيد منها فئة محدودة، بينما المواد الأساسية كالقمح والرز والسكر والمحروقات تواجه نقصاً كبيراً، ومصاعب جمة في تأمينها، ففيما تتجه الحكومة إلى ترشيد الاستيراد قدر الإمكان دعماً للمنتج الوطني وتوفيراً للقطع الأجنبي وتطبيقاً لبرنامج إحلال بدائل المستوردات، يصرّ المستوردون والتجار على مبدأ المنافسة الذي يتيحه الاستيراد، مؤكدين أن منع الاستيراد سيتسبب بتوقف العديد من الفعاليات وتحقيق مكاسب محدودة بفئة صغيرة.
الخبير الاقتصادي د. زكوان قريط أكد أن قرارات ضبط الاستيراد هي مطلب قديم وتطبيقها بات ضرورة في ظل الضائقة الاقتصادية، بل كان يجب أن تصدر هذه القرارات منذ زمن، وأن يكون الاستيراد محصوراً ببعض السلع الأساسية والضرورية، كحوامل الطاقة والسلع الغذائية الأساسية، وذلك لتوفير القطع الأجنبي، مؤكداً أن الانعكاس سيكون إيجابياً على خزينة الدولة.
وبيّن قريط أن السياسة الاقتصادية السابقة كان الاستيراد فيها مفتوح للكثير من السلع الكمالية، إلا أن الاقتصاد السوري اليوم في حالة أزمة ولا داع للكماليات المستوردة بعد الآن، حيث من الأجدى وضع سلم للأولويات يخدم الفئة الأكبر، أما حول الاعتراض على ما سيطرأ من ارتفاع أسعار للسلع الممنوع استيرادها، فاعتبر قريط أن ارتفاع أسعار هذه المواد محلياً لن تؤثر على الشريحة العظمى من المجتمع، فهناك طبقة محددة تحتاج هذه الكماليات ولن تتأثر بارتفاع ثمنها من عدمه.
إلا أن لغرف التجارة رأي آخر عبر عنه أمين سر اتحاد غرف التجارة محمد الحلاق في اتصال مع “البعث”، إذ أوضح أن غرف التجارة لا تحبذ منع الاستيراد لما له من منعكسات خطيرة، فالمواد التي منعت هي مطلوبة حتى ولو لفئة ما، ومنع استيرادها قد يحرض التهريب وما سيخلفه من آثار سلبية على الاقتصاد، كما أنه يحد من واردات الخزينة، وسيؤدي إلى تأثر العديد من الفعاليات الاقتصادية، فمثلاً – يبيّن الحلاق – اليوم تم منع استيراد التمر وهو مادة أساسية في الحلويات، وبالتالي فإن 50% من الورشات قد يتوقف عملها، علماً أنها كانت تشغل يدا عاملة وتخدم السوق.
ورأى الحلاق أنه لا يوجد وجهة نظر واحدة في الاقتصاد، فإن تم توجيه القطع لتوفير المواد الأساسية وتم تأمينها، ماذا عن بقية المواد والفعاليات والأعمال التي تعتمد عليها.؟ فالموضوع يناقش من وجهة نظر أكاديمية بحتة وليس من زاوية مهنية عملية، مبدياً عتبه على غياب تمثيل قطاع الأعمال في صناعة القرارات وإصدارها.
وفيما اشتكى تجار من القرارات المفاجئة وتأثيرها على العقود التي يتم تنفيذها وعرقلة عملهم، رأى قريط أن ما يتعلق بالعقود هو مطلب محق من التجار، إذ يجب أن تكون هذه القرارات بالتسلسل كأن يمنع منح إجازات استيراد جديدة ويسمح بتنفيذ الإجازات قيد التنفيذ لأن لديهم التزامات وعقود يجب إتمامها، وكان القرار قد نص على استكمال إجراءات التخليص لبضائع الإجازات المشحونة أو الواصلة من المواد بمهلة لا تتجاوز الشهرين، وهنا رأى الحلاق أن المدة غير كافية وسيتسبب هذا الأمر بإرباك وخسارة نتيجة إلغاء العقود.
بدورها سارعت لجنة السيراميك في غرفة صناعة دمشق وريفها إلى الترحيب بالقرار المتضمن منع استيراد السيراميك، معتبرة إياه يسهم في حماية الصناعة الوطنية وتمكينها من المنافسة في السوق المحلية، وأكدت اللجنة التي تمثل أصحاب معامل السيراميك أهمية هذا القرار في تمكين مصانع السيراميك الوطنية لتلبية احتياجات السوق من هذه المنتجات اللازمة لعملية الإعمار بأعلى جودة.
ورأت اللجنة أن هذا القرار يمكّن مصانع السيراميك من توفير القطع الأجنبي اللازم للاستيراد على الخزينة العامة للدولة من خلال توفير المنتجات محلياً وسد حاجة السوق المحلية منها، مع توفرها بتشكيلة واسعة تلبي كل الأذواق ومختلف مستويات الدخل، إلى جانب ما يسهم فيه القرار من تشغيل مصانع السيراميك المحلية بأعلى طاقة ممكنة وتشغيل المزيد من الأيدي العاملة وتأمين دخل لآلاف الأسر، خاصة ضمن هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، إضافة إلى تمكين هذه المصانع من التصدير إلى الأسواق الخارجية وجلب المزيد من القطع الأجنبي إلى البلاد ودعم وتعزيز الاقتصاد الوطني.
وكانت وزارة الاقتصاد قد شطبت 987 مادة من أصل 4 آلاف مادة مسجلة في دليل الاستيراد حتى الربع الأول من 2021.