العلامة التجارية …ثقافة مغيبة عن الصناعات المحلية ..وهوية إنتاجية يحميها التسجيل …

العلامة التجارية …ثقافة مغيبة عن الصناعات المحلية ..وهوية إنتاجية يحميها التسجيل …

مال واعمال

السبت، ٢٢ أغسطس ٢٠٢٠

لاشك بأن تطور أي بلد يعتمد بشكل ما على العامل الاقتصادي وصيرورة الحياة التجارية والصناعية له ،ولن نذكر هنا كيف نمت الدول الكبرى بعد أن كانت ركاما وأنقاضا لتتحول لدول متطورة ومؤثرة في العالم ،مايهمنا في تلك التجارب هو تطور العقول والأفكار لتنظيم حركة العمل فيها واختيار أساليب جديدة للتعاطي مع المتغيرات الزمنية والمكانية للصناعة والتجارة من قوانين وأنظمة تعمل على حماية جميع الأعمال والحفاظ على مستواها وأهميتها كجزء مهم من هوية تلك الدول واقتصادها ،حيث تمنحنا النظرة إلى تلك التجارب القدرة على البحث عن الثغرات التي يقع فيها واقعنا الصناعي البسيط وحالة التراجع التي وصل إليها رغم تاريخ حافل بصناعات استقطبت في وقت مضى أهم القصور في العالم وأعظم الملوك البريطانيين وغيرهم .
تقليد المنتج
في الصناعات المختلفة التي تحافظ على اسمها وسمعتها عالميا، ثمة مايسمى العلامة المسجلة “ماركة”وهي تعتبر هوية مرتبطة باسم الصناعي ومنتجه، فكثير من الصناعات تحولت إلى ترسانات ضخمة أمام منتجات أخرى، حاولت تقليدها والاستفادة من سمعتها بسبب حماية الملكية لاسم المنتج.
مدير حماية الملكية التجارية والصناعية في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك شفيق العزب أكد على دور الوزارة في حماية جميع العلامات التجارية المسجلة لدى المديرية حيث يتم التعاون مع صاحب الاسم التجاري والصناعي بعد تقديم ضبط لتقليد السلعة واستغلال اسمها بمصادرة السلعة المقلدة في السوق ودفع غرامة مالية بالإضافة إلى عقوبة الحبس ،وهنا يمكن الاعتماد على الموزعين للسلعة الحقيقية لكشف المقلد في الأسواق ثم تقديم معروض للنيابة وعرضه على القضاء وعلى أساسه يتم ملاحقة المزورين للمنتج لحماية منتجهم الأساسي “حماية العلامة التجارية” كما تقوم دوريات من المديرية بشكل دائم بمتابعة المنتجات الموجودة في الأسواق للتوصل إلى السلع المزورة لأصحاب العلامات المسجلة ،ويضيف العزب تكمن خطورة عدم تسجيل السلع في الإساءة للسلعة وجودتها ووجود مستغلين كثر لاسم المنتج، فيعملون على تقليده وبيعه وسحب المستهلك إليهم ببساطة ودون تكلفة للإعلان عنه، ما يسيء إلى صاحب السلعة .
تلاعب بالعلامة
تم تعديل الغرامات على المنتجات المقلدة بعد أن كانت 50 الف ليرة سورية أصبحت تصل إلى أربعة ملايين مع عقوبة الحبس وذلك لضمان حقوق العلامات المسجلة لدى الوزارة ، يتابع مدير حماية الملكية التجارية والصناعية البعض يعتقد بأن حماية الملكية أو العلامة المسجلة في الوزارة غير مجد وهذا مفهوم خاطئ فالمديرية تتابع بحرص كشف البضائع المقلدة ،فقد تم خلال الفترة الماضية كشف مواد تجميل مقلدة تحمل اسم ماركة مسجلة لدى المديرية وتم مصادرتها بالكامل لحماية الأصلي ونشر ذلك بالجريدة الرسمية من قبل الشركة الأم التي علمت بأن هذا النوع من السلع يمكن تقليده بكثرة ،وهناك العديد من الشركات التي لاتعمل على تسجيل منتجاتها ضمن الحماية مما يسبب لها مشاكل قانونية وأخلاقية تتعلق بالمواصفات والمقاييس والجودة ،علما أن المديرية تمنح العلامة المسجلة للسلعة باللغة العربية والانكليزية وفي بعض الحالات يتم التلاعب بالاسم من قبل صاحب العلامة من خلال تغييرات في شكل الاسم وكتابته ولايتم عرضها بعد تأكيدها مع أنه يمكن الاعتراض على أي علامة تجارية في حال لم تكن بشكلها الصحيح .
تباكي الصناعيين
تعتبر ثقافة تسجيل الماركة أو العلامة التجارية في مجتمعنا ضعيفة جدا في الأوساط الصناعية والتجارية، رغم أهميتها الكبيرة لعملهم ،حيث يتم إنشاء مشاريع تصل إلى 100مليار ولايتم حمايتها بمبلغ بسيط يتراوح مابين 75و 125الف ولمدة عشرة أعوام حيث يعتبر مبلغا بسيطا أمام مايخسره المنتج جراء تقليده ويرى العزب أن تباكي التجار والصناعيين في هذه الحالة لايمكن أن يفيد قانونيا وجملة “ضربولي إنتاجي “غالبا” مانسمعها بعد فوات الأوان ونتيجة لعدم معرفتهم لقيمة الماركة المسجلة كهوية للسلعة والمنتج ، أما فيما يتعلق برفع الوعي وثقافة تسجيل السلع، فالمديرية تعمل على تعميم هذه المعرفة من خلال عدة مراسلات مع الجامعات والمدارس بعد حصول المديرية على موافقة ” الوايبو ” لإحداث أكاديمية تدرس العلامات التجارية وبراءة الاختراع والوصول إلى نقاط نفاذ بالجامعات كمادة للتدريس ، مشيراً إلى ضرورة الاعتراف بغياب دور غرف التجارة والصناعة في نشر الوعي حول تسجيل الملكية واسم السلعة .
المفهوم المحلي
من المعروف على المستوى العالمي قوة العلامة التجارية ومدى تأثيرها في جعل الولاء مطلقا لها ، وبحسب الخبير الاقتصادي فادي عياش من حيث المبدأ تمتلك العلامة التجارة ” الماركة ” تأثيرا” قويا” لدى المستهلكين وتشكل العلامة الفارقة والمميزة وتعتبر ذات قيمة عالية أكبر من رأس المال الفعلي للتجاري ، كالعلامة التجارية لمشروب كوكاكولا التي تبلغ قيمة علامتها التجارية 73مليار دولار، وهذا يسمى أصول معنوية مؤثرة أكثر من المالية ،ويتابع عياش نحن لا نملك في بلدنا أهمية هذا الجانب للمنتج ولا يوجد لدينا أدنى وعي لقيمة العلامة التجارية وتسويقها للمنتجات ،وتتحول في مجتمعنا أهمية العلامة التجارية إلى حالة من الاحتكار لتحقيق رضا التجار وهذا ليس كافيا ،فهناك ميل شديد لتسجيل أسماء لعلامات تجارية غير موجودة فعليا وبأعداد كبيرة ،وتم اكتشاف تسجيل 200 اسم للاحتكار فقط من أجل غايات أخرى، ما أدى إلى عراقيل كثيرة والوصول لعلامات تجارية هزلية وغير مرضية ،لذلك من الضروري خلال تنظيم عمل الحماية التجارية أن لا تمنح أي علامة غير مستخدمة ضمن فترة معينة .
مفاهيم سائدة
يعتبر إجراء الحماية التجارية للمنتج إجراء ضروريا لثقافة التسويق وقوة العلامة التي تحتاج مقومات على مستوى المنتج والشركة والعادات الشرائية السائدة بالسوق ، ويرى عياش أن المنتجات ذات الخصوصية تحمل ولاء تجاريا لصفات العينة كالعطورات والألبسة والمشروبات وفي مجتمعنا يتم الاهتمام بالعلامة التجارية “الماركات “فقط من أجل التفاخر وليس للقيمة العالية للمنتج .إن الحالة السائدة لمنافسة العلامة التجارية لا تعتمد على الجودة بل على ارتفاع أسعارها حيث لايوجد تركيز على المنتج ،والتعامل معه يكون على أسس السلع الاستهلاكية والاستقرابية التي يمكن الحصول عليها مباشرة ،ومن المهم جدا التنويه إلى أن الجهود التسويقية لأي شركة تؤدي إلى ولاء للمنتج ودعم العلامة التجارية وبالتالي الوصول إلى استقرار بالطلب على هذا المنتج ،ويعتبر عامل تنافس قويا وقدرة على مواجهة السلع المشابهة ، وحاليا فإن المستوى الإداري ” إدارة العلامة التجارية ” ليس حالة طبيعية في أسواقنا ولايرتقي للمستوى المطلوب .
ميادة حسن-البعث