كانت النصيحة بجمل..وهكذا ضاعت مليارات دولارات السوريين ؟؟!!!

كانت النصيحة بجمل..وهكذا ضاعت مليارات دولارات السوريين ؟؟!!!

مال واعمال

الاثنين، ٨ يونيو ٢٠٢٠

دولار إفلاس

لسنا على ما يرام ..إلّا من قبل ألدّ أعدائنا ممن تأبطوا بنا شراً..فهي الحرب ونتائجها التي تفرض نفسها بقسوة..لكنه سوء الإدارة أيضاً ..لكن هذه المرّة ليس الإدارة الحكوميّة ..بل إدارة قطاع الأعمال لموارده رغم حرصه الشديد عليها.
المثال الصارخ كان الوقوع في غواية ” الفخّ النقدي” الذي أوقعنا به الجار اللبناني..وإجراءات مصرف لبنان المريبة لتجفيف القطع الأجنبي من المنطقة..تمهيداً للأزمة الخانقة التي نحن فيها اليوم ” سورية ولبنان والعراق أيضاً”..عندما أغرى الجميع بأسعار فائدة أكثر من 10% تمنحها المصارف للمودعين الجدد، ويقوم هو بترميم ما تدفعه المصارف بـ 18% ..حتى تراكمت الإيداعات السورية لدية وقاربت الـ 50 مليار دولار – سواء اعترف اللبنانيون أم أنكروا – وبعدها حصلت الفاجعة النقدية.
لقد ضاعت كل أصوات الإنذار والتحذيرات التي تعددت مصادرها بشأن الوضع اللبناني ..وكنّا في موقع ” الخبير السوري” من بين الأصوات التي طالبت ونصحت كل المودعين السوريين بسحب إيداعاتهم من لبنان..وطالبنا السلطات النقدية في سورية باستقطاب الإيداعات عبر إقرار التسهيلات ورفع أسعار الفوائد على الإيداعات بالقطع الأجنبي..وقد تحرك مصرف سورية المركزي باتجاه بعض التسهيلات ورفع أسعار الفوائد لكن كان ” الفخ اللبناني” أكثر إغراء و إغواء..
فيما يلي نعيد نشر المقال الذي كتبناه قبل نحو عامين من الآن..واستنفرت ضده أقلام مأجورة لسوريين يعملون في وسائل إعلام خارجية – لا سيما تركية – وكالوا للموقع التهم من كل جنس ونوع.
هذا نصّ المقال:
“أطنان” مليارات دولارات السوريين على حافّة محرقة إفلاس البنوك اللبنانية..ومصرف سوريّة المركزي أمام مسؤولية استثنائيّة..
2018-06-23
ناظم عيد – الخبير السوري:
يتوعّد غول الإفلاس أكثر من 25 مليار دولار عائدة لمودعين سوريين في البنوك اللبنانية، وتشي أرقام غير رسمية بضعف هذا الرقم، وهذا يعني أن أربع أضعاف الموازنة العامة لسورية في العام 2018 مهدد بالضياع أدراج رياح المتغيرات والعجوزات التي تعصف باقتصادات مقصد الأموال السورية الهاربة، تبدو أكثر هشاشة بكثير من الاقتصاد السوري في زمن الحرب..
وإن أردنا الحديث بمزيد من الواقعية علينا التسليم بأن ثمانية أضعاف حجم موازنتنا سيضيع، لأن إيداعات السوريين في لبنان أكبر من الأرقام الرسمية التي يوردها ” الأشقاء” اللبنانيون – حوالي 50 مليار دولار – وهم شغوفون جداً بتطبيقات مقولة ” مصائب قوم عند قوم فوائد”، لأن المصيبة السورية تكفّلت بترحيل معظم دسم الاقتصاد السوري باتجاههم.
إفلاس
لقد كان لافتاً أن يعلن الرئيس اللبناني ميشال عون “إفلاس لبنان” عبر تعبير “لبنان مفلس” الذي نقله البطريرك الماروني لتوصيف الوضع المالي.
وتصريحات أخرى تشي بأن لبنان يسير نحو أزمة مالية محققة، ليس أحدثها إشارات السيد حسن نصر الله التي يُفهم منها أن الوضع المالي هناك خطر، إضافة إلى تقارير صادرة عن وكالات التصنيف العالمية التي رأت لبنان في مرتبة متقدمة على قائمة البلدان المهددة مالياً، وقد نشرت الصحف اللبنانية تقارير وضعت لبنان في مقدمة أربع دول عربية ستفلس في العام 2018.
على العموم لم يعد الحديث المجدي اليوم، يهتم كثيراً لإثبات حقيقة الوضع المالي المهزوز في لبنان، بل الجميع يتحدث عن الإفلاس البنكي كحالة حتمية، وتتجه الأنظار إلى ما سيلي هذا الإفلاس من تبعات، وبالتأكيد نبدو نحن السوريين من أكثر المعنيين على الإطلاق بهذا البحث.
فقط رياض سلامة حاكم مصرف لبنان و مديرو المصارف هناك يرسلون التطمينات حول سلامة الوضع، إلا أن هذا واجبهم المهني على الأقل في فترة التهدئة المطلوبة حالياً لدرء الانهيار المفاجئ، وسنجد لاحقاً أنهم سينتقلون فوراً عندما تقع الكارثة للحديث عن أسباب الإفلاس…رغم أننا على يقين بأن كافة مدراء البنوك اللبنانية سوف يكتفون بتغيير أرقام جوالاتهم للهروب من ملاحقة الزبائن، وستتولى الحكومة هناك إجراءات تصفية الحقوق التي ستكون عبارة عن إعادة 25 % من الإيداعات لكل مودع، و إجراءات أخرى تقتضيها التقاليد العالمية الدارجة في التعاطي مع حالات الإفلاس المعلنة رسمياً والتي تعطي ” من الجمل أذنه” وليس إلّا.
في المرمى السوري الرسمي
الآن لسنا في وارد العودة إلى الوراء بتاتاً، رغم أن الحكمة تقتضي أن تفتح السلطة التنفيذية ملفاً سريعاً لهذه القضيّة ” الأموال السورية في الخارج لا سيما في لبنان” لأن ملامح خطر داهم بدأت تلوح في الأفق اللبناني وبالتالي أفق السوريين اليوم.
ولابد أن ينطوي مثل هذا الملف على كامل حيثيات السيرة الذاتية للمال المهاجر، لكن بالنسبة للوضع اللبناني فنبدو أمام حالة ملحّة تتطلّب الاستدراك السريع، عنوانها العريض كيف ننقذ أموال السوريين في البنوك اللبنانية التي تقف على حافّة إفلاس أكيدة؟؟؟؟
و إن كانت الإيداعات هناك تمت بقرارات فردية ليس للحكومة علاقة مباشرة بها، بل تمت عبر إجراءات مخالفة لأنظمة القطع، إلّا أنها بالنتيجة أموال “سورية المنشأ” ، أي هي ثمار جزء غير قليل من أداء الاقتصاد السوري خلال فترة ماقبل الأزمة، بالتالي على الحكومة التحرك سريعاً لحمايتها.
في التحرك الحكومي تبدو المسؤولية في ذمة السلطة النقديّة، أي مجلس النقد والتسليف و بشكل أدق مصرف سورية المركزي..فباتأكيد يتابع      ” المركزي السوري” تطورات الوضع النقدي المرتبك في لبنان، وبالتأكيد أيضاً لدية داتا كاملة بخصوص إيداعات السوريين في المصارف اللبنانية.
فما الذي يحضّره الآن لإنقاذ الموقف؟؟
وبصيغة أخرى – وهذا الأهم – ماذا سيفعل مصرف سوريّة المركزي لاستقطاب أموال المودعين السوريين في المصارف اللبنانية..على اعتبار أن المودع سيلوذ بمصارف دول أخرى لتوطين إيداعاته، وسيبحث عمّن يقدّم له سعر الفائدة والأمان المصرفي المناسب؟؟
كيف ستلتقط السلطة النقدية لدينا الفرصة لجهة استقطاب وتوطين هذه المليارات الكثيرة التي سترفع من شأن الاقتصاد والليرة السورية وسترمم جزءاً وافياً من التشوهات التي أحدثتها الأزمة في قوام ليرتنا ومشهدنا النقدي عموماً؟؟
ألسنا اليوم في وارد السعي لاستقطاب الاستثمارات والأموال من الخارج لإعمار سورية ..فماذا نحن فاعلون أمام هذه الكتلة الهائلة الجاهزة للعودة إلى أحضان الاقتصاد السوري؟؟
لا نظن أن المسألة تتطلب مزيداً من التفكير وهرش الرؤوس لإيجاد الطريقة المناسبة، فقط المطلوب إقرار سعر فائدة مقبول للإيداعات بالعملات الأجنبية وستتدفق أموال السوريين من لبنان وغير لبنان باتجاه بلدهم الأم.
هذه حكاية 25 وربما 50 مليار دولار وليست مادّة للتسلية أبداً، بل هي مسؤولية تاريخية لابد من التعاطي معها بجديّة وبمنتهى المرونة والذكاء،
ونذكر أن بعض دول الخليج كانت تفاخر وتستعرض بدعم الاقتصاد اللبناني والمصري، عبر إيداع ملياري دولار أو سبعة مليارات في أحسن الأحوال لديهم، أما نحن السوريين فلدينا 25 ملياراً إيداعات، أو 50 ملياراً وفق التسريبات التي أطلقتها جمعيّات أهليّة هناك.
الاقتصاد السوري أمام فرصة ذهبية اليوم لاستعادة ” نسغه ودسمه الضائع” ونعتقد أن هذا الملف من أهم الملفات التي يجب أن توضع فوراً على طاولات البحث عن حلول، و إلّا نكون قد قصّرنا أو ارتبكنا أمام استحقاقات إن كانت ليست سهلة فبالتأكيد ليست معقدة إلى الحد الذي يسمح لنا بالهروب من مجابهتها.
انتهى المقال
لكننا نؤكّد أن ما حصل قد حصل..لذا يبقى  أملنا  ببلدنا وبقدرتنا على الصمود..وبمواردنا التي ستعوّض ما ضاع..لأن سورية بلد التنوع وبلد الموارد المتدفقة من أرض وحنايا هذا البلد الزاخر بالخير..فبلد صمد لمدة عشر سنوات حرب بجيشه وقائده وشعبه..لا بدّ سيعاود النهوض بهذه الثلاثية ذاتها..حتى و إن بدأنا من الصفر سننجح و سنعود للتنمية من جديد.