“كورونا ” والإقتصاد الدولي.. هل نحن مقبلون على كساد عالمي؟

“كورونا ” والإقتصاد الدولي.. هل نحن مقبلون على كساد عالمي؟

مال واعمال

الأحد، ٢٢ مارس ٢٠٢٠

من الصعوبة بمكان حصر الأضرار الاقتصادية العالمية جرّاء انتشار فيروس كورونا، ولكن يمكن التأكيد على أنها ربما تكون خسائر غير مسبوقة، ونطاقها يشمل بقاع المعمورة كافة.
 
حتماً ستكون هناك خسائر كبيرة في الأرواح خاصة بين كبار السنّ والأطفال ومنخفضي المناعة، لكن كبار الأطباء يؤكدون أنها ستبقى ضئيلة مقارنة بضحايا فيروسات الإنفلونزا الشائعة، التي تقتل بالفعل ملايين الأشخاص سنوياً.
ومن المرجح أن تتراجع الهستيريا تدريجياً، لينضمّ فيروس كورونا المستجدّ إلى عائلة الفيروسات الكثيرة الشائعة، خاصة مع انحسار أعداد الإصابات نسبياً عند ارتفاع درجات الحرارة في الربيع والصيف المقبلين.
وبعيداً عن الأضرار التي تكبّدتها كلّ دولة على حدة، نجد أنّ المؤسّسات والوكالات الاقتصادية الدولية قد اتفقت على خسائر مبدئية سيسبّبها تراجع معدّلات النمو والطلب العالمي الناجم في الأساس عن تراجع متوقع ومنطقي لمعدل النمو الصيني، بؤرة الانتشار الرئيسة للمرض، لا سيما أنّ العملاق الصيني يستحوذ بمفرده على 20% من التجارة العالمية في المنتجات الوسيطة.
تكفي نظرة سريعة إلى خسائر الأسهم المسجلة في أسواق المال العالمية، التي فقدت خلال الأسبوع الماضي أكثر من 6 تريليونات دولار من قيمتها السوقية، ومن المرجّح أن تتسع خسائرها هذا الأسبوع مع استمرار شلل الكثير من النشاطات الاقتصادية.
لا يمكن إيقاف حالة الهلع في الأسواق، رغم تزايد الأصوات التي تحذر من أنّ الكارثة الاقتصادية ستكون لها تداعيات تفوق أكبر مما يلحقه تفشي الفيروس، لأنها يمكن أن تدمّر نسيج الاقتصاد العالمي.
من الواضح بحسب أبرز خبراء الصحة في العالم أنّ الفيروس سينتشر في جميع أنحاء العالم، ولن تتمكّن أيّ إجراءات وقائية من منع ذلك، وأنّ جميع الحالات التي تمّ رصدها لا تمثّل سوى رقعة ضئيلة من خارطة انتشاره الفعلية.
لكن كلّ تلك الخسائر لا تمثّل سوى قمة صغيرة طافية من جبل الخسائر الخفي. فجميع الشركات المدرجة في أسواق المال العالمية، رغم حجمها الهائل لا تشكّل سوى نسبة ضئيلة من الاقتصاد العالمي.
ماذا عن خسائر الشركات غير المدرجة والمطاعم والمتاجر الصغيرة والنشاطات الفردية ومئات الملايين الذين يعيشون على حركة السياحة؟
حيث قدّرت الهيئة الدولية للنقل الجوي (إياتا) الخسارة في عائدات قطاع الطيران المدني، بين 63 و 113 مليار دولار، في حال انتشر الفيروس بشكل أوسع. وقالت إياتا إنّ أسوأ السيناريوات هو خسارة 19% من العائدات العالمية في القطاع.
وأصدرت الكثير من شركات الطيران العالمية الكبرى تحذيرات بشأن تراجع الأرباح المتوقعة، في حين ألغت شركات الطيران منخفض التكلفة في كلّ أرجاء المعمورة الآلاف من رحلاتها.
إذن، كورونا هذا الفيروس مجهري الحجم الذي رسم هذه التوقعات السوداوية على أداء الاقتصاد العالمي، يفرض الشفافية المطلقة والتعاون إلى أقصى الدرجات بين دول العالم المختلفة وكبريات المؤسسات الاقتصادية لتقليل الآثار المتوقعة على الدول بصفة عامة، وخاصة على الطبقات الفقيرة والمتوسطة والتي غالباً ما تتحمّل أكبر الأعباء في أحوال التقلبات والأزمات الاقتصادية الكبرى، ويجب ألا تكتفي المنظمات الدولية بتوفير مساعدات للحكومات لمواجهة انتشار الفيروس وتوفير الإمدادات الطبية، بل لا بدّ أن يمتدّ عملها إلى الرقابة على إنفاق تلك الأموال لضمان وصولها إلى المستحقين الحقيقيين.