إنفاق 800 مليـار ليرة على 10 آلاف مشـروع صناعي.. اقتصادنا نحو التعافي ومنشآتنا تعود للحياة

إنفاق 800 مليـار ليرة على 10 آلاف مشـروع صناعي.. اقتصادنا نحو التعافي ومنشآتنا تعود للحياة

مال واعمال

الأحد، ٢٦ مايو ٢٠١٩

مركزان الخليل
على خطا رسمها أبطال جيشنا العربي السوري دخلت يد العامل تتلمس حكايات حفظتها الحجارة وحبات التراب، يد المقاتل المحرر أتمت المهمة، وتركت للعامل إكمال الطريق، وهذا ما وعته الحكومة منذ اليوم الأول لتحرير كل منطقة عاث فيها الإرهاب دماراً وقتلاً وظلاماً، لتسارع لزج كل ما أمكن من الطاقات لإعادة الحياة إلى مناطق قتلها حقد الإرهاب وداعميه لتبوح لنا الأرقام بأن جسد الوطن تزينه يدان, يد المقاتل ويد العامل.
وفي مذكرة حكومية أكدت فيها أن ثمة أرقاماً تشي بأن عملاً كبيراً أنجز، من المجحف ألا يسلط الضوء عليه، كما أنه من المجحف أيضاً بحق المواطن السوري بعد مقارعة ويلات حرب كارثية لأكثر من 8 سنوات، وصموده الذي تحول إلى حكايات خالدة ألا يعلم كل جهد أين ذهب وكل عائق كيف ذلل؟ ليعي أن حاجاته الأساسية ليست كماليات، ومقومات الحياة ليست ترفاً، لكن هناك مؤسسات دولة صمدت واستمرت رغم كل ما حدث ولايزال المواطن يعلق آماله عليها..
 
حديث الأرقام
والأمر المهم أن الدولة سارعت لتأمين عودة المواطنين إلى مناطقهم، وبدأت بتجهيز ما يلزم لهذه العودة فإزالة الأنقاض وإيصال الماء والكهرباء من ضروريات العودة، فلو بدأنا قراءة ما أنجز نجد مصادر وزارة الكهرباء تؤكد أن العمل بدأ منذ اليوم الأول لإعادة مد الشبكات وإصلاح المحطات في كل منطقة حررها الجيش العربي السوري، وكان هدف الحكومة المأمول إيصال الكهرباء لكل بيت في سورية ونتيجة لما تم بذله تؤكد بيانات الوزارة أن الاستطاعة المتاحة للتوليد الكهربائي ارتفعت من 1200 ميغاواط إلى نحو 4200 ميغاواط وزاد عدد المستفيدين من الطاقة الكهربائية ما يقارب الضعف, فلو مررنا بعجالة على بعض الأرقام التي أكدتها هذه البيانات نجد أن نحو 600 كم خطوط 400 ك ف جُهزت وأصبحت في الخدمة، وأكثر من 2500 كم خطوط 230 ك.ف أُنهي العمل بها، بينما وصل طول خطوط 66 ك ف إلى 4000 كم و6000 كم خطوط 20 وزادت خطوط 0.4 ك.ف على 7000 كم, ناهيك بأن مراكز التحويل التي دخلت الخدمة زادت على 2000 مركز تحويل التي زودت 242 ألف مشترك جديد بالطاقة الكهربائية، جهود أدت إلى انخفاض ساعات التقنين من 18 ساعة إلى 8 وأحياناً 6 ساعات وتمت إعادة الكهرباء إلى المناطق المحررة من خلال زيادة توريد الغاز اللازم لمحطات التوليد من 6 ملايين متر مكعب إلى 14 مليون متر مكعب، وبالتالي أرقام تحتاج الى المليارات لكي تنجز أنجزتها سورية في خضم الحرب الضروس التي فرضت عليها.
 
ضمن الهدف
ولم يقتصر الأمر على تمديد وإيصال مياه الشرب، بل كان الإنتاج الزراعي هدفا أساسياً لتأمين كل مستلزماته، من قبل الحكومة ومنها موارد مائية تؤمن احتياجاته, فحسب تصريح وزارة الموارد المائية فإنها تكثف جهودها مع وزارة الزراعة لتنفيذ الخطة الزراعية للعام الحالي وزيادة المساحات المروية المخططة للموسم الصيفي، ضمن الخطة حسب الكميات المائية المتوافرة في كل مصدر مائي وجاهزية شبكات الري الحكومية، ووفقاً للمحاصيل المروية بما يتفق والمقننات المائية لتحقيق أعلى إنتاجية ممكنة.
 
الري أولاً
وفي مجال الري أكدت الوزارة أنها انتهت من تأهيل محطة ضخ «مسكنة غرب» وتعمل على تأهيل محطة «مسكنة شرق» ووضعها بالخدمة لإرواء 18 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في حلب وتأهيل محطات ضخ المغلة بمناطق ريف الرقة مع تأهيل شبكات الري والصرف تمهيداً لري نحو 6000 هكتار، كما يبلغ الحجم التخزيني للمياه بالسدود المنفذة في سورية بحسب بيانات الوزارة 18.9 مليار متر مكعب من 163 سداً، ثلاثة منها على نهر الفرات بحجم تخزين تصميمي حوالي 16 مليار متر مكعب، وصل حجم تخزينها الحالي إلى 15.4 مليار متر مكعب، مقارنة بـ13.6مليار متر مكعب، تم تسجيلها العام الفائت بينما يقدر الحجم التخزيني التصميمي للسدود في بقية المحافظات بـ 2.9 مليار متر مكعب، وصل تخزينها الحالي إلى 1.9 مليار متر مكعب، ومن الواضح جداً أن هناك مبالغ كبيرة تقدر بـ220 مليار ليرة صرفت على الموارد المائية في العامين الماضيين لتحقيق الأمن المائي للمواطن السوري في أحلك الظروف.
 
لا يقل أهمية
وبالتالي الجانب الآخر من اهتمام الحكومة خلال الفترة المذكورة، الذي لا يقل أهمية عما ذكر هو التعليم الذي كان أهم مستهدف للمجاميع الإرهابية فوجوده يلغي وجودهم، ولذلك كانت خسائره كبيرة جداً, فعلى مستوى المدارس بلغت المدارس الخارجة من الخدمة بحسب تصريح وزارة التربية 9461 سارعت الحكومة الى إعادة ترميمها، معلنة أن ترميم هذه المدارس أولوية مهما بلغت تكاليفها، وبحسب بيانات وزارة التربية, فقد بلغ عدد المدارس التي تمت إعادة تأهيلها حتى اليوم 5600 مدرسة عاد طلابها إلى مقاعد الدراسة فيها ويبلغ عدد الكتب لكل مراحل التعليم ما قبل الجامعي 42 مليون كتاب مدرسي أمنت لكل طالب سوري..
 
جهود في الظل
وبين معالجة الاحتياجات اليومية للمواطن السوري ووضع الرؤى الاستراتيجية للتأسيس لتنمية اقتصادية حقيقية مستقبلية، هناك جهد ضائع لا يتم استيفاء حقه، لأن هناك من يعمل على معالجة هذه القضايا اليومية من محروقات وخبز وقمح وغيرها لأسباب عدة, على رأسها تبعات الأزمة التي انعكست سلباً على الوضع المعيشي، على المقلب الآخر أيضاً هناك من يعمل على المدى الاستراتيجي، احتياجات المواطن اليومية تبدو للوهلة الأولى غاية سهلة المنال, لكن لو قمنا بجرد بسيط لما يحتاجه المواطن يومياً من المشتقات النفطية، مثلاً لوجدنا أرقاماً كبيرة تبينها لنا بيانات وزارة النفط, فحسب تلك البيانات نحتاج إلى 4.4 ملايين لتر من مادة البنزين، بينما ترتفع لتصل الى 6 ملايين لتر من مادة المازوت، و1200 طن من الغاز المنزلي، ولتتعدى حاجتنا من الفيول 7000طن، تبلغ قيمتها اليومية 4.4 مليارات ليرة ما يعادل 240 مليون دولار شهرياً.
 
ميزان
لا يمكن جلد أنفسنا أكثر مما ينبغي لكن أيضاً يمكن أن نستحضر, ولو بمقارنة بسيطة, بين أسواق دول لم تنل حصتها من ويلات الحرب, كما نالتها سورية وتعيش باستقرار, لكن على لسان مواطنيها الذين أقروا أن ما شاهدوه هنا في سورية بعد فتح المعابر, جعلهم يظنون أنهم هم المحاصرون وليس سورية, ومع ذلك برغم النقصان الذي حصل في بعض المواد والسلع الأساسية لم يكن هناك فقدان لأي مادة أساسية وضرورية في استمرار عجلة الحياة وخاصة الدواء، واستمرت المدارس والمشافي وغيرها في تقديم خدماتها، برغم الاختناقات التي حصلت في تقديم بعض الخدمات وتأمين بعض السلع الأساسية إلا أنه تم تجاوزها وبسرعة نسبية إلى حد ما برغم ظروف الحصار الجائر, فالحكومة تؤكد- على لسان المعنيين فيها -أنها تعمل وفق إمكانات مادية وفنية خاصة فرضتها سنوات الحرب القاسية, وهي حريصة على متابعة تفاصيل حياة المواطن وتدرك أن تطلعات المواطنين بعد إزاحة كابوس الإرهاب عن صدورهم كبيرة ومحقة في آن معاً, لكن العمل يجب أن يكون على اتجاهين, هما تأمين الهم اليومي والمشروعات الاستراتيجية وبرغم كل التحديات والتدابير الاقتصادية القسرية المفروضة على سورية استمر العمل وفقاً للأولويات على تنفيذ المشاريع التنموية والخدمية وإعادة تأهيل وإصلاح البنى التحتية وإطلاق عملية الإنتاج في المنشآت العامة والخاصة وتأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين وإعادة الخدمات للمناطق المحررة وتنمية دخل العائلات الريفية في ظل اعتماد الحكومة سياسة اقتصادية ومالية, هدفها دعم الإنتاج الصناعي والزراعي ومنع الاحتكار, كل ذلك في نهاية المطاف يصب في تحسين الوضع المعيشي للمواطن.
 
الاحتياطي موجود
رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس أكد في أغلب لقاءاته أن الحكومة لم تصرف ليرة واحد من الاحتياطي خلال 3 سنوات السابقة، وفي الوقت ذاته وصلت إيداعات المصارف حالياً إلى 2460 مليار ليرة منها 820 ملياراً جاهزة للإقراض، بينما جاوز عدد المشاريع الخدمية والتنموية المباشرة 10 آلاف مشروع منذ بداية 2017 نفذ منها 80% بمقدار 800 مليار ليرة على شكل مشاريع بعضها صغيرة بقيمة 5 ملايين ليرة وصولاً لمشاريع بقيمة 17 مليار ليرة، قسم كبير منها نفذ عن طريق القطاع العام استقر سعر الصرف إلى حد كبير، وتم تأمين استقرار النفط على مدى سنتين وتعزيز احتياطي القمح وتشجيع المشاريع التنموية على المستوى المحلي.
 
مؤشرات
مصادر في الحكومة أوضحت أنه خلال متابعة الفريق الحكومي للمحافظات في العامين الفائتين تم إطلاق 266 مشروعاً خدمياً وتنموياً, حيث تم إنجاز 109 مشاريع منها والبقية بنسبة إنجاز بين 30 و90 بالمئة وتحتاج نحو 200 مليار ليرة لاستكمالها خلال العام الحالي والقادم. أما القطاع الخاص فقد تمت إعادة تأهيل المشاريع المتضررة بفعل الإرهاب بجهود حقيقية حيث كان يوجد في سورية 134ألف منشأة اقتصادية خاصة، لم يترك الإرهاب منها سوى 17 ألف منشأة، استطاعت الجهود الكبيرة اليوم إعادة ما يزيد على 75 ألف منشاة قطاع خاص منها وتشغيل عشرات خطوط الإنتاج في القطاع العام. هذه المؤشرات تؤكد أننا في الاتجاه الصحيح وتدل على قوة الدولة في ظل ثماني سنوات من الحرب والعقوبات، ولكنها في الوقت نفسه تشكل دافعاً وموجهاً إلى أننا نحتاج تعاوناً وتكاتفاً وعملاً مشتركاً.
تشرين