الحلف الأميركي لضرب «داعش».. ماذا عن إسرائيل؟

الحلف الأميركي لضرب «داعش».. ماذا عن إسرائيل؟

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٢ سبتمبر ٢٠١٤

 بعد تدحرج دور مؤسستها العسكرية والاستخبارية نحو الإمساك بخيوط المعارك كافة التي يخوضها الإرهابيون في محافظة القنيطرة وجنوب البلاد، بشكل عام، لإبعاد الجيش العربي السوري، وتقديم كل أنواع الدعم الميداني واللوجستي والطبي، وسوى ذلك، لهؤلاء الإرهابيين، بهدف استكمال رسم وهندسة معالم وحدود ما يسمى «المنطقة العازلة»، من جهة، ومحاولة ترجمة أوهام وأحلام الزحف الإرهابي باتجاه دمشق عبر محوري القنيطرة ودرعا، من جهة ثانية، تحاول إسرائيل وضع نفسها في مقدمة الدول المناهضة لـ«داعش»، رغم عدم مشاركتها الرسمية في التحالف الدولي الفضفاض والهلامي الذي بلورته واشنطن لمحاربة هذا التنظيم الإرهابي، والذي ينبغي، حسب وزير ما يسمى الشؤون الإستراتيجية والاستخبارية يوفال شطاينتس، ألا يكون على حساب منع حصول إيران على السلاح النووي! ورغم إعلانها أن هذا الأخير لا يشكل خطراً ماثلاً على أمنها في هذه المرحلة، مستندة في ذلك، فيما يبدو، إلى الاتفاق العسكري الموقَع مع الولايات المتحدة، منذ أكثر من عام، والذي ينظَم، وفق ما كشفت مجلة «ديفنس نيوز» الأميركية، ترتيبات لسيناريوهات تعمل فيه طائرات إسرائيلية وأميركية في وقت واحد، وبشكل متزامن في الأجواء السورية.
ما يمكن العثور عليه خلف هذا السعار الإسرائيلي يتمثل بالتالي: الرغبة في استثمار تجنَد العالم لمحاربة الإرهاب للربط بين «داعش» وفصائل المقاومة الفلسطينية، ودفع الموقف الدولي إلى مستوى التعاطي مع هذه الفصائل باعتبارها منظمات إرهابية ينبغي محاربتها، أو على الأقل «تفهَم» قيام إسرائيل بمهاجمة قطاع غزة والتنكيل بمواطنيه، ولاسيما أن الولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية يعتبرون العديد من هذه التنظيمات «قوى إرهابية»؛ تقدير حكومة العدو بأن انشغال العالم بـ«داعش» سيصرف النظر عن القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي؛ تقدير هذه الحكومة بأن الفرصة مؤاتية الآن لقيام تحالف عربي إسرائيلي تحت يافطة «مواجهة الإرهاب»، يبدأ بتعزيز العلاقات الأمنية والاستخبارية مع الدول العربية، وهو ما بدأ فعلياً مع بعضها، بغض النظر عن إيجاد حل للصراع، أي تجاوز الخطوط التي رسمتها «المبادرة العربية» التي تحدثت عن الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ العام 1967 وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين. ليلي ذلك قيام بعض الدول العربية بإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل، بصرف النظر عن ملف الصراع وسياسة الاستيطان وتهويد الأرض الفلسطينية التي تجري على قدم وساق، بما في ذلك فرض أمر واقع لتقسيم الحرم القدسي، واللعب على تناقضات الوضع الفلسطيني والفوضى التي تعم مناطق كثيرة في العالم العربي.
وبخلاف المزاعم والتصريحات التي تجهد لاختراع تباين بين مقاربات وسياسات واشنطن وتل أبيب حيال ما يسمى «الحرب على الإرهاب» وأهدافها الحقيقية المتعلقة بمستقبل المنطقة وخرائطها الجديدة، ثمة ما يؤشر إلى أن ما يدب على الأرض يتجاوز تقارب وتوافق الجانبين إلى التطابق والشراكة الكاملة بينهما، بدليل أن قائد التحالف الدولي لضرب «داعش» الجنرال الأميركي المتقاعد جون آلن قام بزيارة خاصة إلى إسرائيل، عشية تعيينه في المنصب الجديد، كمبعوث رئاسي خاص لشؤون المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. ولكنه، وبدلاً من الحديث، مع الإسرائيليين دون الفلسطينيين، عن التسوية والتفاوض، ركَز في لقاءاته مع كبار السياسيين والعسكريين وقادة الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية، على الاحتياجات الأمنية للدولة العبرية في ظل الائتلاف الدولي للحرب على كيان «داعش»، والدور الخاص الذي ستقوم به تل أبيب في هذا السياق دون إرباك أو إحراج لأي طرف.