العفوية والبساطة في قصيدة عزيزة هارون

العفوية والبساطة في قصيدة عزيزة هارون

شاعرات وشعراء

الأحد، ٢١ سبتمبر ٢٠١٤

نبوغ أسعد
عاشت عزيزة هارون حياة مليئة بالمفارقات والشقاء، وبسبب ذلك تكررت تجربة زواجها أكثر من مرة فلم يكن جمالها مسعفاً في استقرار حياتها، لذلك تركت اللاذقية وذهبت إلى دمشق لتقضي حياتها دون زوج وتبقى محرومة من الأولاد.
إلا أنّ هذا الأمر لم يرتبط بموهبتها الشعرية التي ترعرعت عليها، فاكتسبت من أبيها حب الشعر الأصيل ثم لجأت إلى المطالعة وكتبت الشعر في حياة مبكرة، وذلك في خفية عن أبيها لأنّها اعتمدت الشعر العاطفي وتميزت بصدق مشاعرها وأنوثة قصيدتها.
وعندما عملت عزيزة هارون في مكتبة إذاعة دمشق بدأت تصقل موهبتها بشكل قوي ثم تساهم في إذاعة البرامج الأدبية والثقافية وأصبحت تتألق وتتطور إلى أن جاء تأسيس اتحاد الكتاب العرب في دمشق عام 1969 في دمشق، فأصبحت عضواً بارزاً في تنظيمه الأدبي ما دفعها للكتابة في الصحف والدوريات العربية والسورية، إلى أن أصبح شعرها منافساً لأهم شعراء العرب، حيث أقر بشاعريتها الفياضة بدوي الجبل وطه حسين وأحمد رامي وعبد السلام العجيلي وغيرهم من أهم الشعراء.
وبسبب خبرتها الشعرية في الحركة الحديثة لجأت إلى كتابة شعر الشطرين ولكن بأسلوب السهل الممتنع، الذي سهّل علاقة المتلقي بالقصيدة ووصول النقاد إلى احترام شعرها، وكانت أكثر ما تبدع به هو شعر الغزل فتقول في قصيدة الهوى الضائع:
في عنف أحزاني أفتش عن هوى
ضيعته بالأمس مني
وبكيت بعد ضياعه
وسألت عنه النفس في أعماق ظني
في جرحه في مقلتي بلهفتي بعبير فني
امتاز شعر عزيزة هارون بالبساطة والعفوية دون أن يتميز بقوة اللغة التي دفعتها لتقع في بعض الهفوات كما ورد في القصيدة الآنفة الذكر، فكانت تختلف باستخدام حرف الجر في شطر واحد فأحياناً تستخدم الفاء وأحياناً تستخدم الباء في نفس المعنى، وقد يكون هذا السبب لتراجع القراءة في سنوات اشتد عليها أذى الغربة والابتعاد عن اللاذقية التي ولدت فيها، فكان لديها سقف دراستها الابتدائية، حيث رأى والدها عمر هارون أنّ الزواج هو أهم ما يجب أن تفعله الفتاة، وأنّ كل ما تكتسبه من أمجاد لا يمكن أن يقدم لها شيئاً، فبرغم ثقتها بنفسها واعتزازها بجمالها وظهور الاعتزاز بالذات في قصائدها انتهت حياتها وهي تعاني الوحدة والشيخوخة.
لم تكن القصيدة عند عزيزة هارون بحاجة إلى صعوبة في فك رموزها وإيحاءاتها بل ارتكزت على أسلوب القص الشعري الذي طغى على معظم قصائدها واكتسب سهولة المعنى والتعابير، كما جاء في قصيدتها أحلام الخريف والهوى الضائع وغيرها من الشعر.
شاركت في كثير من المهرجانات الأدبية في سورية والوطن العربي، إضافة إلى أمسيات عديدة حيث جمعت أشعارها على يد صديقاتها وطبعت في أعمال كاملة.
تعتبر الشاعرة عزيزة هارون واحدة من الشاعرات اللاتي دخلن التاريخ في سورية نظراً لما تمتلكه من الموهبة الحقيقية التي جعلتها تتمكن من كتابة الشعر الذي يصعب على غيرها كتابته.
ومن شعرها:
غداً يتولى شبابك عنك
ويخبو ضياء المحيا
أرتل شعري فيك
غزيراً نديا