لماذا تنتقم النساء؟

لماذا تنتقم النساء؟

آدم وحواء

السبت، ٢٠ سبتمبر ٢٠١٤

قبل أيام، صدر كتاب "شكراً على هذه اللحظة"، لصاحبته فاليري تريفيلير، الصديقة السابقة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، كشفت من خلاله بعض الأمور التي تتعلق بطبيعة شخصية الرئيس، وتفاصيل حميمة من علاقتهما التي انتهت بخيانته لها مع الممثلة جولي غاييت.
صحيفة "التيغراف" البريطانية كشفت مؤخراً أن صاحبته فاليري تريرفيلر، تقاضت مبلغ 800 ألف دولار مقابله؛ مما يعني أن الصحافية المخضرمة قد ضربت عصفورين بحجر واحد، انتقمت من خيانة رفيقها، كما نجحت في كسب ثروة لا بأس بها.

الانتقام
فاليري تريفيلير، الصحافية الجميلة التي عرفها العالم والفرنسيون كالسيدة الأولى عند استلام فرانسوا هولاند الاشتراكي، لسدة الحكم في فرنسا منذ عامين، طبقت المثل الفرنسي القائل: "الانتقام صحن يؤكل بارداً"؛ فكان محتوى الكتاب على الرئيس الفرنسي كوقع سطل الثلج الذي تبارى مشاهير العالم في صبه على رؤوسهم هذا الصيف!
في واقعنا المعيش والذي لا يبعد عن قصص الحب والغرام، يلجأ أحد الشريكين بعد منتهى الحب الجارف وتحوله إلى منتهى الكره، إلى الرغبة في إلحاق الأذى انتقاماً -ولو أنها تدعو أحياناً إلى التعجب والدهشة- عله يداوي الجرح ويشفي الغليل من شريك خان عهداً كان قد قطعه.

مأساة عائلية
لعل أشهر قصة للانتقام في المغرب، كانت مع بداية التسعينيات، حينما زجت طبيبة طليقة طبيب معروفين بطليقها في السجن؛ متهمة إياه هو وزوجته الثانية بإهمال ابنهما المعاق والتسبب في موته، وكانت القضية قضية رأي عام قبل أن يخرج الطبيب منهزماً منكسراً من 11 شهر سجن، وقد ثبتت براءته مما نسبته إليه طليقته، وهي نفس الفترة التي شهدت العاصمة المغربية أبشع انتقام من المدعوة سعاد، التي ذبحت ابنتيها الطفلتين انتقاماً من زوجها الذي كان يعيرها بماضيها ويتركها وحيدة تواجه الحياة وهو يعربد ويصر على إهانتها، كانت فاجعة قلبت سكان حي شعبي بالرباط، دون أن ننسى قصة الحب التي أنهت حكاية جمال الشابة مليكة السرساري، بعد أن أضرم عشيقها النار في كل جسدها ولازالت حية ترزق بوجه مشوه، وهو يقضي بقية أيامه وراء القضبان.

أما عبدالغني، وهو رجل أعمال، فيقول إنه عاش أخطر أنواع الانتقام حينما قرر منذ نحو 10 سنوات، أن يتزوج على زوجته بعدما كثرت المشاكل والشجارات بينهما؛ فأراد أن يعيش حياته، لكن الزوجة جن جنونها وصعدت سطح البيت تصرخ بأن ترمي طفليها من أعلى السطح، هنا يقول: عدلت عن الفكرة، والآن حينما كبر أبنائي سأتزوج من جديد، لكنها تصر على الطلاق وتطالبني بنفقة تفوق الخيال.

انتقام رجل
«فدوى» في عِقدها الثاني تحكي مأساة عائلية راحت ضحيتها شقيقتها؛ فانتقاماً من شقيقتها بسبب غيرة عمياء، قتلها الزوج وقطعها إرباً إرباً، بعد شكه في خيانة زوجته مع ابن خالها الذي أصبح يزورها باستمرار، والحال أنه، تقول فدوى «كان يزورها فقط من أجل إعداد أوراق كانت تخص الكلية التي انتقل إليها حديثاً».
تقول فدوى وعلامات الصدمة بادية على محياها: «بالرغم من مرور ثلاث سنوات على الفاجعة»، والفظيع أن الزوج هو قريب جداً من العائلة، ووالدتي كانت سموحة جداً وأنقذته من السجن مدى الحياة، لم تقابل مرضه وانتقامه بنفس الانتقام، كانت تدرك أنه يحبها بجنون، لكن لم نتصور أن الحب سينقلب لمأساة.

انتقام صغير
بعد ما سمعت زوجها، وهو يغازل خادمتها، راحت «رشيدة المالكي»، «ربة منزل» تكتب «نوتة» انتقامها، «رأيته مع الخادمة في غرفة نومي عندما عدت باكراً من زيارة أهلي»، تقول رشيدة بغصة، لافتة إلى أنها تركت المنزل بسرعة وراحت تستجمع قواها.
تعترف «رشيدة المالكي» اسم مستعار بدهاء المرأة، وهي تحضّر انتقامها، مبررة اعترافها بالإشارة إلى أن «حجم الفعل هو الذي يشعل في المرأة مكراً فريداً من نوعه»، وتمضي في سرد تفاصيل ما جرى، وتقول: «ذهبت بالخادمة إلى المستشفى، بحجة الاطمئنان على صحتها، ورحت أستعد لرمي كرة النار في قلب زوجي»، مشيرةً إلى أن انتقامها «تخطى حدود الأذى الذي رسمته»، خاصة وهي ترقب انهيار زوجها لحظة تنفيذ الخطة.

تضحك «رشيدة»، وهي تقول: «اتصلت بزوجي متصنعة الخوف، ورحت أردد: «تم حجز الخادمة في المستشفى؛ من أجل العلاج بعد أن تم التأكد من إصابتها بالإيدز»، ماذا أفعل؟ تجيب بسخرية: «جن جنونه وراح يكسر ما يراه، وحين سألته عن السبب، ادعى بأنه يمر بضائقة مالية»، لافتة إلى أنها استمتعت بعذابه يومين، قبل أن تعلمه بخطتها وببذاءة ما فعل.

أما «سمية نور»؛ فلا تلجأ للانتقام من أي كائن يلحق بها الأذى، وتقول: «من الطبيعي أن تنتابنا رغبة في الرد على من أساء إلينا عن قصد، وإذا وضعت في موقف كهذا؛ فإن أقسى ما أفعله هو الرد عليه بالمثل، غالباً لا يتجاوز الأمر تفوهي بعبارات تحمل رسالة ما، تضع من سبب لي الأذى أياً كان في موقف محرج وتشعره بالخجل.

رأي الطب النفسي
يرجع الطب النفسي أسباب الانتقام لعاملين، ويكمن العامل الأول في الظلم، حسب الدكتور عبدالجبار شكري؛ حيث إنه في بعض المجتمعات العربية لازالت تعيش المرأة تحت ضغوط وعوامل خارجية وبيئية واجتماعية واقتصادية تجعلها مستضعفة، بحيث يقع عليها الظلم دون أن تستطيع رده؛ فمنذ نشأتها وهي قد تعاني ظلم المجتمع لها، وقد يأتي الظلم من أقرب الناس إليها؛ ممثلاً في الأب والأخ، أو حتى الأم التي تفرق بينها وبين أخيها، ومطلوب منها التضحية بكل شيء من أجل إرضاء الأسرة، وهي في الغالب لا تملك قرار تعليمها أو اختيار زوجها، كما لا تملك أدنى مساحة من الحرية الشخصية لممارسة أشياء تحبها ولا تتعارض مع الدين أو المجتمع، وهذا المنع للمرأة بحجة نزعات مزاجية من الأخ أو الأب، أو نتيجة الجهل والتعصب الأعمى.

والعامل الثاني قد يكون الخلل كامناً في المرأة نفسها؛ فالمرأة السوية لا تلجأ للانتقام، وإنما إلى بدائل أخرى، من ذلك مثلاً أن تتفادى أو تبتعد عن مصدر الإحباط بشكل أو بآخر؛ فإذا لم تستطع، فعليها أن تشغل نفسها بأشياء أخرى تعوضها عن الحرمان، أو تنسيها ما تتعرض له من الظلم والقهر، قد تستفيد من هذه المعاناة في إبراز جوانب إبداعية أخرى لديها.

يوم عالمي للانتقام
اكتُشفت في الهند طريقة جديدة للتخلص من انتقام المرأة، نتيجة لأخطاء زوجها طوال العام؛ حيث تم تنظيم «مهرجان لضرب الأزواج»، مرة كل عام في القرى، تقوم النساء خلاله بضرب أزواجهنّ طوال اليوم، ومن أسس تنظيم المهرجان، تحديد المكان الذي سينفذ فيه الحكم بضرب الأزواج، حتى لا تتعب المرأة صباح يوم المهرجان في البحث عن زوجها، الذي يُضرب ضرباً مبرحاً، وفي معظم الأحيان يكون هذا المكان عبارة عن ساحة في وسط القرية، تتوجه إليها المرأة حاملة العصا لتضرب زوجها على ظهره، كتكفير عن كل ما ارتكبه من أخطاء طوال أيّام السنة.