غادة اليوسف.. نبض الشعر والتراب

غادة اليوسف.. نبض الشعر والتراب

شاعرات وشعراء

الاثنين، ١ سبتمبر ٢٠١٤

محمد خالد الخضر
تقول الشاعرة غادة اليوسف:
هل تذكرون أيكتي
وضحكة تسكبها تلك الظلال الوارفه.
تحيك بالرياح والنسيم .. أرجوحة النجوم
من تداعيات التراب وما يؤديه هذا الكائن في كينونة الشعراء .. تذهب غادة اليوسف بسبب عواطفها إلى ما يرتبط به هذا التراب بما تراه محبة وبما تراه وجوداً أزلياً لا يمكن للإنسان أن يتخلى عنه .. وذلك وفق ما يسببه الانتماء أيضاً إلى ذلك التراب .. وهذا هو الألق الوطني وغالباً ما يتجلى وأصحاب السريرة النقية وكيف إذا كان هناك يرون ويبصرون أكثر من غيرهم .. أجل إنّهم الشعراء .
تعتمد غادة اليوسف في أسلوبها الشعري تفعيلة متناغمة مع مكونات الطبيعة التي طالما التصقت وتكوّن بينهما ذلك الحب الخالد الذي تنامى في القلب فتنامى أيضاً في الألفاظ وراح يضوع مع تحولات النبض الموسيقي لتقدم الشاعرة أغنيتها القائمة على قلب كل ما فيه وطن وورد وظلال وتلال .. وبرغم تلك الشفافية التي تبدو جلية في شاعرية امرأة إلا أنّ صوت النخوة أيضاً يتكون في البنية التعبيرية لتظهر أصالة الشاعر السورية بشكل مع تصاعد الخط البياني لحالة القصيدة كما جاء في نصها هوية التي تقول فيه:
صوتي .. عزيف العاصفه .. أربو كما تربو الدمن .. فوق المحن.
هذي أنا .. أم الرياح العابثات أذري بما قد شيدته
رؤى الجمال العارفه
 
وتتجلى في تشكيلاتها الشعرية رؤى الشاعرة التي تعكس أحاسيس النساء أغلبهن وهن يحملن في قلوبهن لوعات الأسى وجراح الحاضر المبكي فتحاول أن تستخدم الدلالة وتوحي بالألوان التي وصلت إلى حد اللوحة بأن ثمة دمناً طغى على القلوب وعلى بهاء البلاد إنّه التطبيق القادم من الغرباء الذين يهدفون إلى قتلنا وتفتيت كرامتنا تقول في نصها تشكيل
في فصل التلوين
جالت في اللون السكين
غاص الأخضر في الأحمر
غاص .. فكان الطين
وعندما تقف أمام موهبتها وتغلب ظاهرة الشعور على نوازعها يتجلى الوطن وتشير للإنسان أنّ كل شيء يأتي على هذه الأرض هو بيد الإنسان، إلا أنّها تصر على ارتباط وثيق بين القارئ وبين النص وذلك وفق تكوين التعابير المتجانسة والمتماسكة والتي تأتي بنهايات لها وقعها وجرسها الموسيقي، حيث تأتي بنية النص قوية وتتراجع الحروف والأدوات وتكاد تكون معدومة لصالح قوة القصيدة تقول في قصيدة قدر سوري:
سنزرع كي لا يغيب المطر
ونزهر كي لا يبيد الشجر
نشج الظلام ليزهو القمر
وحين تتالى القصائد يخال القارئ أنّ المجموعة طالعة من جرح واحد وأنّ هذا الجرح هو الذي كون النوتة الموسيقية التي تكاد تكون واحدةً منذ البداية إلى النهاية لنذهب إلى حالة حتمية أنّ الشاعرة غادة اليوسف تحمل وجعاً شديداً هو الذي وصل بها إلى شواطئ القصيدة .. وإن كانت قد أكثرت من استخدام التفعيلة الموسيقية (مستفعلن) وما يتفرع منها من جوازات فهذا لأنّ ترادف عدد من هذه النغمة يؤدي إلى تحريك المشاعر داخل الإنسان .. إنّها قصائد شاعرة سورية تدعى غادة اليوسف.