إعلانات سورية أيام زمان..هل الإعلان يؤرخ ويوثق حياتنا(( 4 من 4))

إعلانات سورية أيام زمان..هل الإعلان يؤرخ ويوثق حياتنا(( 4 من 4))

ثقافة

السبت، ٣٠ أغسطس ٢٠١٤

شمس الدين العجلاني
اشتملت الدعايات في سورية أيام زمان إضافة إلى الأماكن التاريخية والسياحية والترفيهية... مجال الطب والصيدلة والفن والفنانين والجرايد والمجلات والمكتبات... وحفظت لنا هذه الدعايات والإعلانات إلى يومنا هذا بعضاً من تاريخ تلك الأيام ووثقت الكثير من الأحداث المختلفة وسير شخصيات مرت بتاريخنا
سينما زهرة دمشق:
السينما السورية من أوائل الحركات السينمائية في المنطقة العربية حيث كانت المحاولات الأولى للإنتاج السينمائي في سورية قد بدأت في مطلع القرن العشرين، وعرفت سورية السينما في عام 1908 بعروض سينمائية في مدينة حلب وفي عام 1912 في مدينة دمشق، وكان هذا الفن الراقي القادم من دول أوروبا هو الوسيلة الأكثر تعبيراً عن واقع ومجريات الحياة والأحداث، وتجمع عدد من الشباب السوري المتحمس للسينما في منتصف عشرينات القرن العشرين وعملوا لإيجاد صناعة سينمائية في سورية وفي عام 1927 تم البدء بتصوير أول فيلم سينمائي سوري.
من دور السينما أيام زمان، سينما " جناق قلعة " التي كانت قائمة مكان مبنى مجلس الشعب، وسينما " زهرة دمشق" في ساحة المرجة وسينما "الإصلاح خانة"، وسينما «الكوزموغراف» في منطقة البحصة، وعُرفت فيما بعد بسينما «أمية» ومسرح وسينما "النصر " بجانب سوق الحميدية..
سينما " زهرة دمشق " لصاحبها حبيب شماس وهو اسم معروف في الوسط الغنائي والموسيقي أيام زمان في كل من سورية ولبنان. كانت سينما " زهرة دمشق" عبارة عن مجمع تجاري وفني فهي مقهى ومسرح وسينما، تم بناؤها ما بين عامي 1899م- 1908م.
لعبت هذه السينما دوراً مهماً في حياتنا الثقافية والفنية وكانت من الدعائم الأساسية لبناء المسرح والسينما السورية ولنقرأ ما كتبت الجرائد عن سينما زهرة دمشق.
تذكر جريدة الأمــة في شهر كانون الثاني عام 1910: " يقوم الخواجة لمبو بألعاب جميلة من وراء الغاية، وقد شهدناه فرأيناه لا يلعب فقط كما قيل، بل إنّ شخصاً واحداً يمثل رواية بمفرده ويقوم بجميع أدوارها.
حيناً تراه خادماً لا يلبث أن يدخل هنيهة فيخرج سيدة، يتكلم أشبه بالسيدات، ولا يلبث أن يدخل فيخرج سرياً. إلى غير ذلك من الأدوار، وكل ذلك ببراعة زائدة دون أن يدرك الحاضرون أنّه هو ذاته يتقلب هذا التقلب. "
أما جريدة " المقتبس " فتذكر في عددها الصادر في شهر نيسان من عام 1914 تحت عنوان " فرصــة كـبـرى في مســرح زهــرة دمشــق " فتقول: "
إذا كنت مصـاباً بضيق الصـدر ومتراكمة عليك الهموم أو يوجد عندك ملل وضجر أو مهما كان طارئ عليك من الحوادث فإنّه لدى مشاهدتك تمثيل ذلك الجوق الوحيد الذي أتى مؤخراً إلى دمشق يذهب عنك الضجـر والملل وينشـرح صـدرك لما تشاهد من الروايات التمثيلية والفكاهية والألعاب المضحكة، وهذا خصوصاً عندما ترى رجلاً يبلغ من عمره أربعين سنة وطوله (ذراع) فقط ذلك الرجل الوحيد المسمى المسيو(شـيشـو)، مع رفيقته المغنية (لابل فيوليت)، الحائز على عدة نياشين من أوروبا. وغناء فرنساوي وتلياني والماني ثم رقص ياباني من جميع الجهات وصيني واستانبولي من طرف المدموزيل (ليس) والمدموزيل (ريكي) (المغنية التليانية) والخواجة مورانغو المتنكر الفرنساوي الشهير المقلد جميع الهيئات النسائية. ويتخلل الفصول مناظر سينماتوغرافية جديدة وبديعة للغاية. فعليه نرجو حضرات مشرفينا الأكارم حضور هذه الليالي العديمة المثال، وخصوصاً أنّ هذا الجوق الوحيد لا يقيم أكثر من شهر في هذه الحاضرة. ومـن يشـرف يرى صـدق المقال والسـلام خـتام. "
وجريدة " الزمــان " الصادرة في شهر آب من عام 1925م فتذكر: " الروايـة الثانيـة الجــديدة لشــركة ترقيـة التمثيــل العربـي، عـكاشــة وشــركاهـم على مسرح "زهرة دمشق" اليوم السبت 22 آب رواية "شـمشـون ودليلـة" الرواية من أولها إلى آخرها غناء وموسيقا، "رواية شمشون ودليلة" مكتوبة باللغة الفصحى. أسعار الدخول: ليرة عثمانية ذهب لوج لأربعة أشخاص، 1 مجيدي كرسي في الصالون.مساء الأحد 23 آب رواية "طـارق بـن زيـاد الفاتـح العظيـم". يوجد محلات للعائلات في الصالون. ترامواي- اوتومبيلات- لنقل المتفرجين مجاناً.
ونشير أيضاً إلى مسرح مهم في حياتنا الفنية كان موجوداً في منطقة باب توما " لم يزل البناء قائماً حتى الآن " هو مسـرح قصـر البلـور وتنشر جريدة المرصاد في شهر تشرين الثاني من عام 1928 م إعلاناً حول هذا المسرح يقول: " فهناك تطرب الحضور البلبل الصداح (ماري الحلبية) وترافقها الممثلة البارعة السيدة (الست مرسيل والست بـديعـة قـطـش) والست حبيبة هلالة الذي ذاع صيتها بخفة رقصها وحركاتها.
(الفـرقة الموسـيقيـة) برئاسة السـيد منيـر جـمعة والعـواد الشـهيـر إبراهيم شـاميـة والرقـاق السـيد عادل.

المكتبات:
اشتهرت سورية عبر التاريخ بمكتباتها العامة والخاصة، ولعبت هذه المكتبات خلال الفترات الماضية دوراً مهماً في الحياة الثقافية في سورية فكانت مركزاً تعليمياً ثقافياً معرفياً. لقد أيقنت دمشق منذ زمن بعيد أهمية المكتبات وخزائن الكتب ومنها لم يزل قائماً حتى الآن ومنها ما اندثر بفعل الإنسان أو غضب الطبيعة، ومنها ما سرق ورحّل خارج البلاد.
لنقرأ تاريخ الكتب والمكتبات والجرايد والمجلات من خلال إعلانات أيام زمان. من أشهر المكتبات الخاصة بدمشق " مكتبة النوري " وهذه المكتبة من أقدم المكتبات بدمشق واشتهرت أيام زمان بأنّها من أهم موزعي الجرايد والمجلات..
قام بتأسيسها ورعايتها محمد حسين النوري عام 1932، والنوري أمي لا يجيد القراءة والكتابة وبدأ عمله في بيع الجرايد والكتب في سن الرابعة عشرة وكان لا يعرف أسماءها ولا عناوينها وكثيراً ما كان يحملها مقلوبة رأساً على عقب، لكنه استطاع بالإصرار والمثابرة أن يتعلم القراءة والكتابة حتى أصبح متعهداً لتوزيع الصحف بدمشق ثم في لبنان، وبعد ذلك استطاع تحقيق حلمه بافتتاح أول مكتبة في دمشق "حسب قول ابنه عمر النوري ".
كان محمد حسين النوري من أشهر موزعي الجرائد السورية في سورية ولبنان، وكان يتفق مع تلك المطبوعات لنشر الدعايات، فها هي مجلة النقاد الدمشقية تنشر إعلاناً يقول: " اطلبوا النقاد صباح كل يوم جمعة من متعهدها النشيط السيد حسين النوري".
الطب:
وللأطباء نصيبهم من الدعاية والإعلان منذ أيام زمان، حيث اشتهر في دمشق في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي طبيب العيون زكي أحمد الفحام وهو خريج الدفعة الأولى من طلاب المدرسة الطبية العربية سنة 1919، وكانت الجرايد والمجلات تتناقل الحديث عنه أو تنشر الدعايات له.
فقد نشرت جريدة الفيحاء في آذار من عام 1925 م تقول: " هو صانع حداد كان ينشر قطعة حديد، جاهلاً أنّها قنبلة، انفجرت في وجهه وأضاعت بصر عينيه. بقي ثلاث سنوات كفيفاً صرفها تارة بالتداوي غير المثمر، وتارة بحفظ القرآن استعداداً للدخول في سلك الضرراء. كان ذات يوم يقرأ في بيت علي الطحان في قرية برزة، أرشده أهل الدار إلى الطبيب (زكي أحمد الفحام)، فقصده في مستوصفه بباب الجابية، وبعد إجراء عملية جراحية للعين اليسرى ارتدت الرؤية لهذه العين وعاد ذلك الشاب للاشتغال بصنعته السابقة بعد أن فارق العالم ثلاث سنوات. "
و من أطرف الدعايات لهذا الطبيب نشرت مع صورة للمريضة قبل وبعد إجراء العملية الجراحية لها تقول: " نموذج العمليات التي يجريها الطبيب زكي أحمد الفحام في عيادته بباب الجابية تجاه زاوية الهنود وهو يداوي كل أمراض العيون ويجري العمليات اللازمة دون ألم ويعاين قصر العين، يصف العوينات ويقبل المرضى في محله في كل وقت "
ومن الأطباء الذين نشروا إعلاناً في الثلاثينيات من القرن الماضي الطبيب عبدالغني أديب المحملجي فذكرت جريدة القبس في شهر نيسان من عام 1930 م تقول: "الدكتور عبد الغني أديب المحملجي الحائز على شهادات الاختصاص في الجراحة والأمراض النسائية والزهرية من أكبر جامعات ومستشفيات ألمانيا وطبيب مشفى الأمراض الزهرية بدمشق يداوي الأمراض المذكورة بالآلات والأدوات الكهربائية الحديثة التي تؤمن الشفاء العاجل ودون ألم. العيادة بساحة المرجة قرب البلدية كل يوم من الظهر إلى المساء. " والطبيـب حمـدي وهبـي الإدلبـي حين يعود من جولته السياحية ينشر إعلاناً في صحيفة الأيام يقول: " الأخصائي بالأمراض النسائية والتوليد وأشعة روتنجن يعلن أنّه عاد أخيراً من سياحته في ألمانيا وفرنسـا حيث تتبع الاكتشـافات الطبيـة الحديثـة واسـتأنف أعماله في عيادتـه الجـديـدة في جانب جامـع الشـهدا في بناية نصـوح بك البخـاري. "
والطبيب الجراح أحمد قدري حين عودته لدمشق ينشر دعاية له في جريدة المقتبس في شهر تشرين الثاني عام 1913 يقول: " عاد إلى الحاضرة الطبيب الجراح أحمد قدري المتخرج من كلية "باريز" الطبية والحائز على الشهادات من أشهر مستشفيات برلين ولوندره الأخصائي بأمراض المسالك البولية الجراحية كالتعقيبة الحديثة والمزمنة وصعوبة الإدرار وكثرته وحصاة الكلية والمثانة وتبول الدم والقيح والأمراض النسائية والجلدية والإفرنجية. ومداواة هذه الأمراض يجريها على أحدث قاعدة طبية."
وبعد:
بعد كل ما ذكرنا عن الإعلانات والدعايات التي نشرت في الجرايد والمجلات أيام زمان، هل تكون هذه الإعلانات والدعايات مصدراً من مصادر التوثيق؟