الشاعر الدكتور مزاحم الكبع: الأغنية السورية انتقلت إلى بث الأمل والتبشير بالخلاص

الشاعر الدكتور مزاحم الكبع: الأغنية السورية انتقلت إلى بث الأمل والتبشير بالخلاص

شاعرات وشعراء

الجمعة، ٢٥ يوليو ٢٠١٤

نتاجه الشعري هو حصيلة بيئته وإبداعه ينهل من تراث سوري عريق ومتنوع أتاح للشاعر مزاحم الكبع بناء موهبته تعبيرا عن ذاته الفنية الأصيلة التي استقاها من إرث بلاده ليضعها خلال سنوات الأزمة في خدمة الوطن عبر عشرات القصائد والأغاني بث فيها مشاعر الحزن والفرح والافتخار بصمود السوريين وجيشهم.
وقال الشاعر الدكتور مزاحم الكبع في حديث لـ سانا إن الشعر بشكل عام هو أحد الأركان الأساسية للثقافة والشعر الشعبي المتعدد اللهجات والألوان الموجود في سورية هو نتيجة طبيعية لهذا التنوع الجغرافي والثقافي والحضاري السوري لافتا إلى وجود الشعر الفراتي والجبلي والساحلي والقدود الحلبية وغيرها والتي ساهمت كحامل أساسي للأغنية التي برزت على مر العصور كنتيجة للتطور الذي تحدثنا عنه.
وعن رأيه بواقع الأغنية السورية حاليا أشار الكبع إلى أنها “تتأرجح بين القمة والحضيض و بين الإبداع والابتذال” فأنت عندما تستمع الى اغنية ما تجعلك كلماتها وألحانها وصوت مطربها تعيش حالة من الطرب والنشوة وقد تسمع أغنية أخرى توصلك إلى “حد تمني الصمم بين فنانين كانت أغانيهم تعبيرا لسمو أرواحهم وروحانياتهم فأصبحوا علامات فارقة في تاريخ الغناء السوري وآخرون كانت كلماتهم وأصواتهم هابطة إلى درجة استطاعوا أن يضعفوا مستوى الغناء بشكل ملحوظ”.
وعن المواضيع التي يعمل على كتابتها في قصائده أوضح الكبع أنه ليس هو من يختار موضوعه بل هناك عوامل عدة تؤثر في ذلك منها عوامل شخصية تتعلق بظروفه وبحالته النفسية عند كتابة القصيدة ومنها خارجية تتعلق بالظروف المحيطة سواء تلك التي لها علاقة بالوطن أو ربما لها علاقة بأشخاص تربطه بهم روابط مختلفة إيجابية أو حتى سلبية.
الأغنية كانت ومازالت الرديف الدائم لحياة الناس بحسب ما أشار إليه الكبع وتطورت واختلفت بشكلها ومضمونها مع تطور الحياة مبينا أن الأغنية السورية اليوم استطاعت أن تكون مرآة صادقة عما نعيشه فكانت في بداية الأزمة مستغربة ومستهجنة ما يجري ثم انتقلت إلى طور التحذير من الأسوأ وحين ازداد الأمر سوءا أصبحت الأغنية السورية هي العين التي تبكي والقلب الذي ينتحب موضحا ان الأغنية السورية تحولت في الأشهر الأخيرة إلى حالة بث الأمل بغد أفضل والتبشير بالخلاص.
وتابع لدينا في سورية من شعراء الأغنية ومن الملحنين والموسيقيين والمطربين عدد كبير سواء بالكم أم بالنوع ولكن للأسف هناك شعراء مطربون “لم يأخذوا حقهم في الظهور والانتشار لأسباب عدة ربما يكون أهمها أنهم لم يجدوا من يأخذ بيدهم ويساعدهم”.
وأضاف حول هذه النقطة نفتقر في سورية إلى شركات إنتاج “حقيقية” لإنتاج الأغاني “وإن وجدت هذه الشركات فإنها ستسعى إلى الربح المادي على حساب الجانب الفني وهذا ما أدى إلى إحباط أغلب المواهب في بلدنا لعدم مقدرتهم المادية على تسجيل الأغاني على حسابهم الخاص بينما يتبنى بعض المقتدرين بعض الأصوات “النشاز” على حساب موهوبين كانوا سيشكلون بصمة غنائية لو أتيح لهم ما أتيح لغيرهم.
وعن رأيه بالأغنية العربية قال استطاعت في بعض المراحل أن تقود التطور الفكري والثقافي العربي بسبب قدرتها على الدخول إلى كل بيت عربي والملاحظ في الأغنية العربية أنه عند غياب أحد المطربين أو المطربات الكبار فإنه لا يعوض معتبرا أن هذه الحقيقة ليست سلبية بالمطلق بل على العكس تماما فقد تكون الأغنية العربية غنية بما يكفي لإصباغ كل مطرب بخصوصية لا يملكها من سبقه ولن يملكها من سيليه.
وعما إذا كان الشعر المحكي يؤدي ما يوءديه الفصيح قال الكبع في بعض الأحيان نعم وقد يؤدي أفضل ما يؤديه الفصيح إذا أتيحت له الشروط والظروف المناسبة وذلك لأن الشعر الشعبي في أغلب الأحيان هو ابن البيوت البسيطة النقية والتي يكافح أهلها للحصول على لقمة العيش الكريم وهنا تبدو المفردة الشعبية قوية بما يمكنها من احتلال القلوب و سريعة في بث المشاعر داخل الأرواح والنفوس.
ويزيد على ذلك بالقول بأن الشعر المحكي أو الشعبي مثله مثل الفصيح له مقوماته وأسباب وجوده وديمومته فمن حيث الشكل للشعر الشعبي الفراتي مثلا أشكال كثيرة منها على “الأبوذية والزهيري والدارمي والموال” معتبرا أن الشعر الشعبي استطاع معايشة جميع حالات الإنسان النفسية والاجتماعية والتعبير عنها كما قال في إحدى قصائده:
أكثر من الروح أحتاجلك يا زين وأكثر من النور تشتاقك عيوني يا حلوة الحلوات مثلك أجيب منين .. مثلك منو الأهواه وينام بجفوني.
وفي لحظة الشروع في كتابة القصيدة تابع الكبع نستنفر كل حواسنا وكل أدواتنا التي نستطيع وحين تظهر القصيدة إلى النور نظن أننا وصلنا إلى غايتنا ولكن سنكتشف لاحقا أن الوصول إلى ذروة ما نريد هو “ضرب من ضروب المستحيل بالنسبة للشاعر الذي يحترم نفسه ويحترم شعره على أقل تقدير”.
ولفت الكبع إلى أنه يكتب الشعر الفصيح بكل أنواعه “العمودي والتفعيلة وقصيدة النثر” إضافة إلى الشعر الشعبي بمختلف الأشكال كالقصيدة الشعبية الموزونة وبعض الأنماط الأخرى وأيضا الأغنية” مشيرا إلى أنه لكل من الشعر الفصيح والشعبي شكله وأدواته وشعراؤه حيث يقول:
إن يسألوا عني فلا تترددي..تيهي بأطياف الغرام تمردي قولي لهم قدري .. وقولي عاشقي وكزهرة فوحي هوى وتجددي.
وعن لقبه بملك الابوذية قال الكبع إن هذا النوع ضرب من ضروب الشعر الشعبي الفراتي يبدع الشعراء العراقيون كثيرا في كتابته أما في سورية فلا يكتب إلا في منطقة الفرات وهو يشبه العتابا في شكلها حيث يكتب على البحر الوافر ويتكون من أربعة أشطر الثلاثة الأولى تنتهي بنفس الروي “نفس الكلمة” مع اختلاف المعنى في كل مرة أما الشطر الرابع فينتهي باللازمة “يه” أو “يا” مستشهدا بمثال كتبه من الأبوذية:
حبيبي بس إلك همنا وسرنا.. لغيرك ما انفضح همنا وسرنا.. تعال بطيف فرحنا وسرنا .. كفاها قلوبنا ببعدك شقية”.
وبعيدا عن الشعر والغناء فهو يكتب السيناريو التلفزيوني حيث انتهى مؤخرا من كتابة مسلسل تلفزيوني من ثلاثين حلقة بعنوان “صفحات” وهو يبحث في التأثير النفسي للأزمة التي تعيشها البلاد على المواطنين السوريين وانعكاس ذلك على سلوكياتهم اليومية وحاليا يقوم بكتابة عمل آخر هو مسلسل اجتماعي بعيد عن موضوع الأزمة ولديه أيضا عمل للأطفال عبارة عن مسلسل تلفزيوني تربوي اجتماعي أخلاقي وغنائي مؤلف من خمسين حلقة موجه للأطفال بين سن الخامسة وسن الثانية عشرة من العمر.