قصة اللوحة المرسومة على ال 500 ل.س الجديدة.. "لوحة فسيفسياء ميريامين الموسيقية الأجمل والأكمل والأكثر بلاغة"

قصة اللوحة المرسومة على ال 500 ل.س الجديدة.. "لوحة فسيفسياء ميريامين الموسيقية الأجمل والأكمل والأكثر بلاغة"

ثقافة

الأربعاء، ٢٣ يوليو ٢٠١٤

تندرج اللوحة ضمن سلسلة اللوحات الهامة و التعبيرية عن الحياة الاجتماعية و الفنية على مستوى العالم و هي ترجع بتاريخها إلى الربع الأخير من القرن الرابع و درست من قبل العديد من المختصين الفرنسيين أمثال "مارسيل دوشين" و "جانين بالتي"، قياسها 4.25 * 5.37 متر، موجودة في متحف حماة الوطني في سورية
لوحة فسيفساء مدينة ميريامين هي الأجمل والأكمل والأكثر بلاغة وتعبيرا عن هذه المشاهد والحفلات الموسيقية بالعالم وسميت بهذا الاسم نسبة إلى مدينة ميريامين التي تتوسط مدنا حضارية عريقة مثل أفاميا وحماة ومصياف وحمص وصافيتا ومنطقة سهل الغاب وغيرها مشكلة منطقة سورية الوسطى بقسمها الغربي
أن هذه المنطقة شهدت نهضة تاريخية ملحوظة تمازجت فيها الحضارة السورية الشرقية مع الحضارات الغربية في العهد الهلينستي لتشكل مدرسة لتلاقح الحضارات عبر التاريخ ومن هنا جاءت لوحة فسيفساء ميريامين كتعبير صادق عن النهضة الحضارية من ضمنها فن الفسيفساء كانعكاس حقيقي للمستوى الاجتماعي بالمنطقة السورية ومنطقة شرقي البحر المتوسط
المشهد عرض فوق منصة خشبية موسمية التركيب حيث عرف تنفيذ هذا الإجراء في جميع المسارح عبر فرش أرضية خشبة المسرح بطبقة عازلة من الخشب فوق الأرضية التي تخفي أسفلها أماكن الملقنين وهذه الطبقة يتم تركيبها بكل موسم وأثناء العروض المسرحية والمهرجانات
انقسم المشهد في اللوحة إلى ثلاثة موضوعات هي مكان العرض والآلات الموسيقية المستعملة والشخصيات المنفذة لتعبر عن الرقص والإنشاد واستخدام آلات متعددة بشكل جماعي كجهاز الأرقن والقيثار والمزامير والصنجات والقربة بينما بلغ عدد الشخصيات ثمانية منها ست سيدات مقتربات بالعمر والمظهر وطفلان آخران ووظيفتهما بالمشهد تتمثل بالرقص المتعاقب فوق قربة جلدية على شكل منفاخ دائري ممتلىء بالهواء
إن حضور الطفلين بشكل عار يدل على فن تقليدي كلاسيكي قديم كرمز إلى الملائكة أو العشاق الصغار البوتي أو الإله إيروس
كما يفهم من اللوحة نوعية ألبسة النساء التي تميزت بالحشمة وتطريزاتها الكثيرة المدعمة بالحلي الجوهرية إضافة إلى تسريحات الشعر التي عزيت إلى أوتاسيليا زوجة الإمبراطور فيليب العربي وهيلين والدة الإمبراطور قسطنطين
إن المشهد يبين وجود رئيسة فرقة لمجموعة العازفات وهي تقف بأقصى اليسار من اللوحة وترفع يدها اليسرى لتعطي الأمر بمباشرة العزف وهذا يتوافق مع ما يقوم به قائد فرقة الأوركسترا /المايسترو/ في العصر الحديث في حين ظهرت المغنية التي تقف إلى جانب رئيسة الفرقة وخلف آلة القيثار بلباس مفرط بجماله وتزيينه وزخرفته بحيث بدت كأنها سيدة ثرية أو برجوازية وضمت اللوحة عازفات وراقصات أيضا
أما الشق الثاني من اللوحة فأنه يتعلق بالإطار المحيط في اللوحة وله مواضيعه وبواعثه المختلفة كليا عن اللوحة الداخلية ليأتي تنفيذ المشهد متوافقا مع إطار لوحة أغصان وأشجار الأكانت والملائكة الصغار في مدينة فيليبوبولس ومن هنا تبين مشاهد الإطار تمسك الفنان السوري بالتقليد الفني المتجذر وعدم التخلي عنه مهما طرأت على المفاهيم من تحولات عقيدية
ان بواعث مواضيع الإطار تعود بجذورها إلى الميثولوجيا الإغريقية والرومانية التي استعملت بسورية في العهد الهلينستي بينما تصور اللوحة التشخيصية مشهدا واقعيا يعود للعهد البيزنطي كما يعكس الإطار نوعا من الرتابة على الرغم من عدم التوافق بين المشهدين
إن تمثيل الملائكة الصغار البوتي في الزوايا الركنية الأربع من الإطار جاء ليعبر كل واحد منهم عن أحد الفصول الأربعة و إن الإطار نفذ بشكل سلسلة من الأحواض الداخلية فوق عمق أسود يحتوي مواضيع الصيد البري وتم عمله في عهد الإمبراطور تيودور
وبالنسبة للمعالجة فقدتم استعمال تدرج الألوان الخضراء والمخضرة ضمن روءية ونمط تزييني بحساسية وشفافية جميلة نفذت بشرائط تزيينية حوت تويجات وبراعم وأوراق وأزهار فضلا عن صور الصيادين والحيوانات بتناظر مشهدي داخل تزيينات نباتية ككلاب الصيد والغزلان والثيران البرية والنمور والفهود
إن لوحة ميريامين الموسيقيةعبارة عن وثيقة تاريخية تتعلق بفن الفسيفساء وبعالم الموسيقا والطرب والعزف السيمفوني والإيقاعي والأداء المشترك والمترافق مع الغناء والإنشاد فضلا عن كونها توضح الأدوات والآلات الموسيقية المستعملة منذ 17 قرنا والتي ما زالت متداولة حتى الآن