تجمع 4 ملايين متظاهر في جمعة الرحيل وتشكيل لجنة من 200 شخص لقيادة المظاهرات وتهديد بنقل المظاهرة إلى قصر الرئاسة

تجمع 4 ملايين متظاهر في جمعة الرحيل وتشكيل لجنة من 200 شخص لقيادة المظاهرات وتهديد بنقل المظاهرة إلى قصر الرئاسة

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ٤ فبراير ٢٠١١

حل ليل جمعة الرحيل على الملايين المصريين في جميع أنحاء أرض الكنانة وهم يصيحون لمبارك إرحل، فيما مبارك الذي يقول أنه "ضاق ذرعاًّ" بالرئاسة ما زال متمسكاً بكرسيه في القصر الرئاسي لآخر لحظة، لعل المتظاهرين يسأمون من مناداة من لم يسمع يوماً لمطالبهم طوال ثلاثين عاماً، ليكمل سبعة أشهر أخرى في الحكم ينتقم فيها ممن حاول الإطاحة بحكه، وتجمع فيها عائلته المزيد من الثروة، وتدغدغه الآمال بأن تغير الريح مجراها فيستطيع تحقيق حلمه بإبقاء الرئاسة في ذريته، وهو ما عبر عنه ببساطة معلم بمحافظة القليوبية في دلتا النيل يدعى أحمد رمضان (28 سنة) فقالـ "يجب أن يرحل مبارك حيث لا مكان له في مصر. لم يحقق مطالبنا. كيف يمكن أن نضمن أنه إذا استمر في الحكم لن يعيد ترتيب أموره ويواصل سرقة ما تبقى من ثروة البلد".
لكن الجماهير التي احتشدت اليوم في ميدان التحرير وبلغ عددها أكثر من مليوني متظاهر، بينما تظاهر مئات الآلاف من شمال البلاد إلى جنوبها، لم تبد أي إشارات أنها قد تهداً أو تستكين أو تمل من ترديد مطالبها برحيل مبارك وأعلنت الأسبوع المقبل "أسبوعا للصمود". كما أثير احتمال انتقال الحشود من ميدان التحرير بالقاهرة إلى قصر العروبة الرئاسي لطرده مرغماً إن أبى المغادرة طوعاً.
حيث يقول أحد المحتجين أحمد خضر الذي يملك متجرا لبيع أجهزة الهاتف المحمول "لماذا ننصرف الآن... سأكون مجنونا إذا انصرفت بعد كل هذا القتل والتخريب. أنا موجود في ميدان التحرير منذ أربعة أيام ولا أفهم لماذا لا يرحل. يجب أن يرحل". مؤكدا أن المتظاهرين "لا نريد البرادعي أيضا وأنا لا أريد الإخوان المسلمين لكني أريد حكومة انتقالية تتيح لنا الوقت للإعداد لانتخابات حرة ونزيهة فعلا. إذا كان مبارك يحب مصر فليرحل".
أما عبد الحليم محمد علي، وهو معلم في إحدى المدارس الفنية والمؤيد للإخوان المسلمين قال أنه "لن يستحم ولن يتناول دواءه إلى أن يرحل". ويقول: "نحن نريد الحرية، كل الحريات. عمر سليمان رجل صالح طالما يقود حكومة مؤقتة. نحن نرحب بأي شخص يقود حكومة مؤقتة حتى لو كان البابا شنودة (رئيس الكنيسة القبطية)".
وقالت مصادر صحفية إن الانتشار الواسع للمتظاهرين المناهضين للرئيس مبارك في القاهرة، وسيطرة الجيش على ميدان عبد المنعم رياض، وعلى كوبري 6 أكتوبر، حدا من أعمال البلطجة التي يقوم بها محسوبون على النظام.
في حين قام وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي بزيارة قصيرة الى ميدان التحرير لتفقد الاوضاع في الساحة وهتف المتظاهرون مرحبين به "يا مشير يا مشير احنا ولادك في التحرير".
وتبادل الوزير حديثا قصيرا مع المتظاهرين ساعيا الى تهدئتهم وخاطب بعضهم قائلا "يا جماعة الرجل قال لكم انه لن يرشح نفسه مرة ثانية" بعدما اعلن الرئيس المصري في كلمة القاها الثلاثاء انه لن يترشح لولاية رئاسية جديدة.
كما شكل المتظاهرون لجانا اقامت نحو ستة او سبعة حواجز لمنع دخول اي "متسللين مسلحين"، بحسب ما قال اعضاء هذه اللجان لفرانس برس.
وتمركز الجيش ايضا في ميدان الجلاء الذي يبعد اكثر من كيلومتر عن ميدان التحرير حيث اغلق الطريق امام حركة سير السيارات سامحا فقط بعبور المشاة.
المتظاهرون في ميدان التحرير أكدوا على وجوب اجتناب الفوضى واستمروا في عملهم التنظيمي، حيث تم الاتفاق على تكوين لجنة لتكون بمثابة "العقل الذي يدير المظاهرات"، وتألفت اللجنة من 200 شخص، نصفهم من الشباب الذين يقودون المظاهرات، والنصف الآخر من "الحكماء"، وأبرزهم فهمي هويدي وعمرو موسى ومحمد سليم العوا ويحيى الجمل وأحمد كمال أبو المجد وبهاء طاهر وسلامة أحمد سلامة.
وكانت الجموع في ميدان التحرير قد أدت صلاة الجمعة بإمامة الشيخ مزهر شاهين، كما أقيمت صلاة الغائب على أرواح الضحايا الذين قتلوا في الاحتجاجات التي انطلقت قبل عشرة أيام، كما أدى أقباط مصر صلواتهم في الميدان جنباً إلى جنب إخوانهم من المسلمين.
ودعا خطيب الجمعة في ميدان المتظاهرين إلى الصبر والثبات في الميدان حتى نيل مطالبهم المتمثلة بتغيير رأس النظام، وإلغاء قانون الطوارئ، وتعديل الدستور، وإلغاء البرلمان، والإفراج عن المعتقلين فورا، واصفا قانون الطوارئ بأنه نقطة سوداء في تاريخ مصر عذب به الملايين.
في حين متظاهرون الجمعة أمهم فيها الشيخ خالد المراكبي، وهو من انصار السنة المحمدية وهي جماعة دينية اصلاحية معتدلة ليست لها اي اتجاهات سياسية وتدعو الى نبذ البدع والخرافات.
وطالب المراكبي المحتجين في خطبته ب"الثبات حتى النصر"، وقال "الكل جاء مسلم ومسيحي ليعبر عن حقه المسلوب" و"ليس لنا اي حزب يعبر عنا وعن مطالبنا ومن يريد ان يفاوض عليه ان يأتي الى هنا ويتكلم انها حركة مصرية".
كما ادى المتظاهرون صلاة الغائب على ارواح "شهداء الانتفاضة" التي اوقعت بحسب الامم المتحدة قرابة 300 قتيل.
وبكى الامام ومعه جموع المتظاهرين اثناء اداء صلاة الغائب ثم تعالى هتاف الجموع كالهدير "ارحل ارحل".
وردد المتظاهرون هتافات تقول "يسقط يسقط حسني مبارك" و"ارحل ارحل زي فاروق الشعب منك بقى مخنوق" و"حسني مبارك باطل، وجمال مبارك باطل، الحزب الوطني باطل، لجنة السياسات باطل، والانتخابات باطل".
ولم تقتصر المظاهرات المليونية على القاهرة إذ شهدت الإسكندرية بدورها مظاهرة ضمت ما لا يقل عن مليون شخص، وفق ما قالت اللجنة  التنسيقية لشباب الإسكندرية ومصادر صحفية للجزيرة، وتحدثت اللجنة عن حالة تلاحم بين مسلمي المدينة ومسيحييها حيث تؤمن لجان شعبية من المسلمين والمسيحيين المساجد والكنائس، وخرجت المظاهرات الحاشدة بالمدينة من مسجد القائد إبراهيم عقب صلاة الجمعة.
وتظاهر اليوم أيضا مئات الآلاف في مدن المنصورة والمحلة الكبرى والزقازيق وطنطا وبين سويف وأسيوط ودمنهور والعريش مطالبين برحيل الرئيس حسنى مبارك لرغم محاولات منع وتخويف من قبل مجموعات مرتبطة بالحزب الوطني الحاكم.
وقالت مصادر للجزيرة إن 80 ألفا تظاهروا في الزقازيق، بينما بلغ العدد في رفح المصرية 50 ألفا،  وفي الإسماعيلية 100 ألف على الأقل، كما تظاهر الآلاف في مدينة السويس مطالبين برحيل مبارك وبمحاكمة المسؤولين عن قتل العشرات من أبناء المدينة في بداية الانتفاضة الشعبية.
وفي مقابل المظاهرات العارمة لمعارضي نظام الرئيس مبارك، لم ترصد تجمعات كبيرة لمؤيدي مبارك عدا بعض المسيرات التي شارك فيها بضعة آلاف.
لكن الحياة أصبحت صعبة في مصر حيث تراهن الحكومة على الوضع المعيشي لإجبار المتظاهرين على التفرق وتواصل إغلاق البنوك وشل الحركة المالية في البلاد تحت ذرائع الخوف والنهب حيث تقول ربة منزل تدعى أسماء بيومي (57 سنة) "أريد أن يعود الأمن مجددا. أريد أن تعود مصر إلى أوضاعها العادية. البنوك مغلقة وأنا لا أملك بطاقة لآلات صرف النقود ولذلك لا أنفق إلا لشراء الضروريات. أشعر بالقلق على أبنائي الذين يشاركون في الاحتجاجات لأني سمعت أن المظاهرات فوضى ومليئة بالبلطجية".
أما صاحب مخبز في وسط القاهرة يدعى ناصر "حياتنا توقفت. أنا موافق على كل مطالب المتظاهرين وعلى كل ما تمكنوا من الحصول لنا عليه لكن الحياة بالغة الصعوبة ولا نعرف ماذا نفعل".