اليوم... دونكيشوت أم دراكولا؟!.. بقلم: نبيه البرجي

اليوم... دونكيشوت أم دراكولا؟!.. بقلم: نبيه البرجي

تحليل وآراء

السبت، ٢١ يناير ٢٠١٧

اليوم، يوم آخر في البيت الأبيض، يوم آخر في أميركا، في الكرة الأرضية أيضاً...
باراك اوباما بكى وهو يغادر. دخل غريباً وخرج غريباً. ربما لانه استخدم قلبه، وعقله. من يلج المكتب البيضاوي عليه ان يضع قلبه، وعقله، في الثلاجة. هذه، كلياً، حال دونالد ترامب. رجل آت من الادغال البيضاء حاملاً المنجل ويقطع الرؤوس...
الصحف، الشاشات، البنوك، وحتى ميريل ستريب التي بالرغم من سنّها لا تزال قطعة الشوكولا، كما وصفتها مجلة «فوغ»، تتربص به، كيف يمكن لذاك المجنون، بعد ذلك العاقل، ان يمسك بالازرار النووية؟
أحد مساعدي برني ساندرز وصفه بالثور الهائج في شوارع اميركا. وعلى  النساء ان يرتدين النقاب او البرقع (الافغاني) لتفادي هياجه.
قيل فيه انه من خارج المؤسسة (الاستبلشمانت)، اما ابنته ايفانكا التي يُظن انها مثل تتيانا، ابنة بوريس يلتسين حين كان في الكرملين، فترى فيه الرجل الذي «تفاعل بشفافية مذهلة مع الحلم الاميركي».
اوباما، رجل القيادة من الخلف والذي كان محاطاً بالصقور، من آشتون كارتر وحتى جيمس كلابر، قال للحاخامات الاسرائىليين «الا يكفيكم انني أزلت القنبلة الكيمائية السورية؟» وقال لبارونات العرب «الا يكفيكم انني قطعت الطريق على القنبلة النووية الايرانية؟».
يهود وعرب كانوا يريدون منه ان يقطع الطريق على القنبلة بقنبلة اخرى. من يتصور ان الرئيس الذي يتحدر من الوجوه الضائعة في كينيا يمكن ان يجعل من طهران او اصفهان هيروشيما اخرى؟
هذا حين يكون هناك مستشار سابق مثل كارل روف يعتبر ان الفوضى التي تستشري في انحاء الشرق الاوسط باتت بحاجة الى جراحة نووية...
لولا التقاطيع الهادئة في وجه ريكس تيليرسون لقلنا ان الديناصورات، بافكارهم الفولاذية، سيعيدون الولايات المتحدة الى الستينات من القرن الماضي. الكلمة الاولى والاخيرة للاساطيل، انشرح صدر دونالد ترامب حين نقل اليه ان اثنتين من قاذفات «الشبح» (إف ـ 35) حلقتا فوق «مناطق محرمة» او فوق «مدن محرمة» لم يكشف عن اسمها دون ان تقع في قبضة اجهزة الرادار...
اجل كيف لثور ان يحكم العالم اذا كانت الكرة الارضية تقف، كما تقول الاسطورة، على قرن ثور؟ ثور هائج، وان كان هناك من يرى فيه صورة معاصرة عن دونكيشوت الذي يحارب طواحين الهواء بطواحين الكلام...
مستشاره للشؤون الدينية، الصحافي البارز من اصل هندي فريد زكريا، همس في اذنه بأن الشرق الاوسط سيبقى هكذا ينتج الايديولوجيات المجنونة اذا لم يتم احداث تغيير بنيوي وفلسفي، في بعض الانظمة العربية. البعض بدأ يستشعر الضرب على الابواب. هل تحتاج هذه المنطقة البائسة الى مشاهد اخرى، مستوردة للتو من جهنم؟
ديفيد اغناثيوس يتوقع ان تأخذ الاشتباكات الداخلية داخل المؤسسة ابعاداً دراماتيكية. اعداء دونالد ترامب لن يدعوا اسنانهم جانباً، وهناك من يهدد بالتقاطه من أذنيه والقائه خارج اسوار البيت الابيض. في هذه الحال ماذا يحدث لاميركا وفي اميركا؟
مجلة «التايم» عكست المشهد برمته باختيارها «رجل العام». انه دونالد ترامب «رئيس الولايات المتحدة المنقسمة». التعبير ديبلوماسي جداً، وبعض المعلقين فيها كادوا يسألون «وماذا اذا انفجرت اميركا؟».
المثير ان يسأل جون الترمان الباحث الاستراتيجي، ما اذا كان قد حصل نوع من التماهي بين الاتحاد الاوروبي الذي زعزعه الاستفتاء البريطاني او الولايات المتحدة الاميركية، حيث سجلت في بعض الولايات دعوات الى الاستفتاء حول البقاء داخل الدولة الاميركية ما دام دونالد ترامب رئيساً...
لا أحد، ومنذ جورج واشنطن وحتى باراك اوباما، واكبته مثل تلك الضوضاء يوم تنصيبه، العيون الجاحظة في سائر اصقاع الدنيا. مسرح اللامعقول انتقل من يدي صمويل بيكيت الى يدي دونالد ترامب. دونكيشوت ام دراكوالا؟