من غبطة نتنياهو إلى مصالح تل ابيب.. بقلم: مرسال الترس

من غبطة نتنياهو إلى مصالح تل ابيب.. بقلم: مرسال الترس

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٥ أكتوبر ٢٠١٦

لم يختلف المراقبون والمتابعون لمجريات الاحداث في الشرق الاوسط يوماً أن اسرائيل لم تسع في أية لحظة من تاريخها الى السلام مع العرب منذ إغتصابها لفلسطين واعلان دولتها في العام 1948.
فهي التي بنت نفسها على المجازر وتهجير الفلسطينيين من أرضهم، سعت بعد أقل من عقد ونصف على تأسيسها الى إخضاع دول عربية عبر حربين في عامي 1967 و 1973 حيث استطاعت جر البعض الى السلام وتطويع آخرين بعد تخويفهم، لتنحو بعد ذلك الى اجتياحات ناجحة او فاشلة للارض اللبنانية في اعوام 1978 1982 و 1996 و2000 و2006 مستندة في كل ذلك الى دعم اميركي سخي وغض طرف دولي.
وبين هذه الحرب وذلك الاجتياح كانت تدًعي أمام الرأي العام العالمي أنها مظلومة ومغلوب على أمرها تجاه العرب الذين يودون رميها في البحر، وعلى هذه الخلفية هي شاركت في اتفاقات سلام كامب دايفيد عام 1978، وفي مؤتمر السلام في مدريد عام 1991، ولتوهم الفلسطينيين انها صادقة في منحهم كيانهم الخاص عبر اتفاقات أوسلو السرية عام 1993، ولكنها بعد كل تلك المحطات تعمل على الاخلال بالتزاماتها مقنعة العالم بان اعداءها لا يريدون السلام، وها هي اربع وعشرون سنة تمضي على اتفاقات النروج والحصار يكاد يقطع الهواء عن قطاع غزة، ويشد الخناق ساعة يشاء على الضفة الغربية المحتلة ولاسيما رمزها مدينة القدس.
وللدلالة اكثر على رياء ودجل القيادة الاسرائيلية في هذا المضمار سنتوقف عند ما نقله أحد السياسيين اللبنانيين الذين زاروا العاصمة الروسية موسكو في النصف الاول من هذا الشهر، حيث روى له المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط ودول أفريقيا ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف أنه فوجئ في آخر لقاء له مع رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو بمدى الغبطة والفرح الذي يعيشهما نتيجة ما يجري من حروب على الارض العربية منذ خمس سنوات ونصف قائلاً له بعد اطلاعه على خرائط التقسيم التي ستطال العالم العربي:”اسرائيل ستعيش في نعيم اذا ما أخذت تلك الخرائط طريقها الى التنفيذ”.
وهذه الغبطة والعجرفة لدى نتنياهو دفعته لأن يتحدى العاصمة الاميركية واشنطن ويحذر الرئيس باراك اوباما عبر بيان لمكتبه من أن يُقدم على إطلاق أي مبادرة سلمية بشأن تسوية قضية الشرق الأوسط قبل مغادرته البيت الابيض في مطلع السنة الجديدة بعد انتخاب رئيس جديد في الثامن من الشهر المقبل، وكما فعل أسلاف له في اوقات سابقة،لأن ذلك وحسب تعبير نتنياهو يناهض “مصالح الدولة الإسرائيلية” خصوصاً اذا ما حظيت مثل هذه المبادرة بتأييد في مجلس الأمن الدولي.
فهذه هي اسرائيل وهكذا تتعاطى مع اميركا ومع السلام في الشرق الاوسط!