هيلاري كلينتون والاستحقاقات الإقليمية.. بقلم: عبد الله بوحبيب

هيلاري كلينتون والاستحقاقات الإقليمية.. بقلم: عبد الله بوحبيب

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٥ مايو ٢٠١٦

يتطلع «أصدقاء» الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، منذ ثلاثة أعوام، بحماسة الى التغيير المرتقب في الرئاسة الأميركية علّها تأتي برئيس يساعدهم على الانتهاء من، أو على الأقل، إضعاف خصومهم المحليين والإقليميين. اعتقد «الأصدقاء» ان الرئيس باراك اوباما سينهي النظام السوري كما فعل مع نظام معمر القذافي في ليبيا عام 2011، بعد اتهامه باستعمال سلاح كيميائي في الحرب السورية. لكن اوباما خيّب أملهم بعدما اتفقت واشنطن وموسكو على تجريد سوريا من سلاحها الكيميائي عوض ضرب مواقع النظام العسكرية.
راهن هؤلاء «الأصدقاء» على مرشح من صقور الحزب الجمهوري لأن يصبح الرئيس العتيد لأميركا، لكن دونالد ترامب خيب آمالهم عندما اصبح المرشح المرتقب للحزب، وهو المعروف بسياسته الخارجية الانعزالية واستحالة التكهن بمواقفه. ولأن المرشح الديموقراطي برني ساندرز تموضع الى يسار اوباما، تبقى هيلاري كلينتون الرهان الوحيد، خاصة أنها عُرفت بميلها الى ضرب النظام السُوري عندما كانت وزيرة خارجية الرئيس اوباما.
يتوقع الجميع فوز هيلاري كلينتون على برني ساندرز في الانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي بعد تمهيدية ولاية كاليفورنيا في 5 حزيران، حيث ستحصل هيلاري على العدد الكافي من المندوبين لتصبح المرشحة المرتقبة للحزب الديموقراطي.
يمكن إدراج هيلاري رودام كلينتون في مصاف اكثر مرشحي الرئاسة الأميركية خبرة واطلاعاً. نشأت في بيت محافظ وعملت عام 1964 لمرشح الحزب الجمهوري، اليميني المتطرف باري غولدووتر، بعدها انتقلت الى الجناح الليبرالي في الحزب بقيادة نلسون روكفلر. لكن حرب فيتنام حملتها في تمهيديات 1968 الى تأييد الديموقراطي اليساري يوجين ماكارثي المعادي للحرب، وما لبثت ان انضمت الى الحزب الديموقراطي وعارضت ترشيح الجمهوري ريتشارد نيكسون عام 1968 بعدما عملت له في معركته الخاسرة ضد جون كنيدي عام 1960، وكانت في الثالثة عشرة من عمرها.
درست هيلاري العلوم السياسية في جامعة وليسلي في مدينة شيكاغو، ودخلت النشاط السياسي من خلال التنظيمات الطالبية وترأست اتحاد الطلاب والتحقت عام 1969 بكلية الحقوق في جامعة «يال» حيث تعرفت على بيل كلينتون الذي كان يتقدمها بعامين، وكان ايضا طالبا في كلية الحقوق في الجامعة ذاتها.
تخرجت هيلاري من «يال» عام 1973 بعد أربعة أعوام حافلة بالنشاط الطالبي والسياسي، وقصدت ولاية أركانساس حيث عملت في اكبر شركة محاماة في الولاية وتزوجت عام 1975 من بيل كلينتون الذي كان قد سبقها الى هناك. أصبحت السيدة الأولى لاركنساس عام 1979 لغاية 1992 (باستثناء عامين) عندما أصبحت السيدة الأولى للولايات المتحدة لمدة ثماني سنوات (1993 - 2001). في الحالتين، كانت هيلاري شريكاً رئيسياً لزوجها بيل كلينتون في إدارة شؤون أركانساس والولايات المتحدة. في العام 2000، انتخبت شيخا عن ولاية نيويورك واستمرت في منصبها لغاية تعيينها وزيرة للخارجية الاميركية من 2009 الى 2013.
مالت خلال تسلمها زمام وزارة الخارجية الى استعمال القوة لتحقيق الأهداف الاميركية في الشرق الاوسط، وكانت قد ايدت، ثم ندمت، طلب الرئيس جورج دبليو بوش من الكونغرس إعلان الحرب على العراق عام 2003. لكن عواقب حرب العراق والتدخل الاميركي في ليبيا واتهامها بالتقصير في القيام بواجبها في مقتل أربعة ديبلوماسيين اميركيين في بنغازي، ربما غيّر اسلوبها في التعامل مع العالم العربي.
ومن دون شك، فإن نشر المقال الطويل في مجلة «ذي اطلنتيك» عن «عقيدة اوباما» في ما يخص الشرق الاوسط لم يؤثر فقط على هيلاري، بل على المعنيين كافة بشؤون المنطقة في واشنطن. ان اصرار اوباما على ان لا حلول لمشاكل هذه المنطقة في ظل التعصب القبلي والطائفي والمذهبي والاثني قد اقنع معظم الأميركيين بان التدخل هناك لن يأتي بالنصر ولا بالسلام، وان التضحيات البشرية والمادية ستكون من دون نتيجة إيجابية.
بات معظم الأميركيين يميلون الى عدم التدخل المباشر في أزمات الشرق الاوسط وحروبه والذي، بحسب عقيدة اوباما، لا تسعى قياداته سوى الى محاربة او الغاء بعضها بعضاً، وأن كل الجهود للسلام ستبقى فاشلة ما دامت سياسة حكومات هذه الدول وقياداتها من دون تغيير جذري. الى ذلك، يبدو ان معظم الأميركيين اقتنعوا بما توصل اليه الرئيس اوباما بأن استعمال سلاح العقوبات الاقتصادية والمالية والطائرات من دون طيار أجدى من استعمال الجيوش والأساطيل.
«الرئيسة» هيلاري كلينتون ستبقي اذاً على الأهداف الأميركية الأساسية في الشرق الاوسط وهي: المحافظة على أمن اسرائيل وسلامتها وتفوقها العسكري؛ تأمين استمرار تدفق البترول من الخليج؛ محاربة الارهاب؛ استقرار دول المنطقة قدر الامكان. ربما اضافت كلينتون ضغوطاً ديبلوماسية لإعطاء المرأة حقوقا اكثر والأطفال حماية اكبر.
لذلك على دول المنطقة وحكامها ان لا يتوقعوا الكثير من رئاسة هيلاري كلينتون. ربما من الأفضل التقليل من عصبيتهم البغيضة وعنفوانهم المؤذي، كي يتواصل بعضهم مع بعض لحل مشاكلهم ومشاكل المنطقة وهي كثيرة.