تخبط اقتصادي.. يزيد من فوضى الأسواق.. بقلم: إيفلين المصطفى

تخبط اقتصادي.. يزيد من فوضى الأسواق.. بقلم: إيفلين المصطفى

تحليل وآراء

الأحد، ١٧ مايو ٢٠١٥

Evlism86@gmail.com
إذا استمعنا إلى المناقشات التي تدور حول مواضيع الاقتصاد في الاقتصادات المتقدمة نجد أنه رغم الخلاف في وجهات النظر والمقترحات إلا أن علماء الاقتصاد في هذه الدول تعمل وفق منهجية واضحة علمية ودقيقة، في حين نجد أن الدول التي يتصف اقتصادها بالمغلق فإنها كثيراً ما تعاني من قرارات الانفتاح الاقتصادي والإجراءات لضبط هذا الانفتاح وهذا ما حدث في الاقتصاد السوري.
إذ ساهمت الإجراءات الأخيرة التي تم اعتمادها من قبل المصرف المركزي لضبط أسعار الصرف بحدوث فوضى في الأسواق نتيجة اعتماد المصرف في جزء من سياسته على نشر الشائعات حول انخفاض سعر صرف الدولار مقابل الليرة لكن الواقع كان يعكس انعدام تأثير انخفاض سعر الصرف على أسعار السلع في الأسواق، فبينما هلل عدد كبير من الاقتصاديين للإنجاز الاقتصادي الكبير بانخفاض سعر الصرف إلا أن أسعار سلع عديدة كانت تبين التلاعب بسعرها ومخالفتها للسعر الذي يتناسب مع سعر دول الجوار خاصة سعر الذهب والذي يعادل سعر غرام 21 قيراطاً 9000 ليرة علما أنه يساوي 9248 ليرة والسبب أن الصاغة لا يسعرون سعر الذهب على سعر صرف الدولار الحقيقي وهو أمر يساعد في تهريب الذهب للخارج، إضافة لكون كيلو غرام السكر يسعر بـ 150 للكيلو في السوق المحلية بينما يعادل سعره عالمياً 95 على سعر صرف دولار 270 ليرة والقمح يباع بـ 100 وهو يساوي 47 ليرة للكيلو، في حين أن سعر الذرة عالمياً 36 ليرة في حين تباع محلياً بسعر 100 ليرة.
وهنا لا نغفل إجراء المصرف المركزي بإجبار من تأتيه الحوالة من الخارج أن تباع إليه بسعر 235 ليرة ويمنع من الاحتفاظ بها كدولار في حين يقوم ببيع الدولار بسعر 240 ليرة.
من ناحية ثانية نجد أن وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية تناقض تصريحاتها فمثلاً وفق ما صرح به وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية بين من خلاله بأن انخفاض الأسعار يحتاج إلى أربعة أشهر على عكس ارتفاع سعر الصرف حتى يشعر به المستهلك، في حين اعتبر رئيس غرفة تجارة دمشق أن الأمر يحتاج إلى عشرة أيام حتى تأخذ الدورة التجارية مداها ويلمس المواطن انعكاس انخفاض سعر الصرف على أسعار السلع في السوق، وبالمقابل بيّن أحد أعضاء غرفة تجارة دمشق أنه إذا ما استمر الدولار بالانخفاض فإن انعكاس هذا الانخفاض على أسعار السلع والمواد يحتاج إلى ثلاثة أشهر وهي مدة الدورة التجارية (شهر للتصنيع – شهر للشحن – شهر للتخليص)، نلاحظ بالمحصلة أن هناك اتفاقاً جماعياً على أن الأسعار لن تنخفض فوراً مع انخفاض سعر الصرف، وهنا نسأل هل كان التجار قد استوردوا في وقت ارتفاع سعر صرف الدولار للسلع؟ وهل هناك ربط لأسعار الخضار والفواكه بأسعار الدولار علماً أنها منتجات محلية إضافة لكون وزارة الاقتصاد سبق أن أوضحت، أن تضييق استيراد الخضار والفواكه، يمثل دعماً مهماً للمحاصيل الزراعية الساحلية، سيلحظ المزارعون جدواه تدريجياً" هل من الممكن لوزارة الاقتصاد أن تفسر لنا كيف يباع سعر كيلو الموز الصومالي بـ 600 ليرة وهي سلعة مستوردة في حين أن الليمون يباع بسعر 300 ليرة وهي سلعة إنتاج محلي ؟؟!! وهل منع الاستيراد هو لتشجيع الاحتكار ؟!!
هذه التصريحات التي يطلقها وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية تبين مقدار عدم وجود مؤشر واضح للرؤية الاقتصادية التي يتوجب على وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية اتباعها ويبدو أنها لا تستند على منهجية علمية وهذا تبين بشكل واضح وفق القرار الذي حددته وزارة الاقتصاد حول السعر الاسترشادي لتصدير البابونج 2 دولار للكيلو وسعر الكيلو من الكزبرة والكمون بـ1.5 دولار، وكل من اليانسون، والنباتات الطبية والعطرية والبهارات وحبة البركة بـ2 دولار، والكيلو من الألبسة بـ10 دولارات، والأحذية بـ7 دولارات" والسؤال كيف يتم تصدير كيلو البابونج إلى الخارج بسعر 2 دولار في حين أنه يباع في سورية بسعر 3000 ليرة للكيلو؟؟ علماً أن التاجر يصدره بسعر 10 دولارات ويدعي أن سعر تصديره 2 دولار.. وبالتالي يعيد للدولة 2 دولار فقط.
أما فيما يخص قضية الاستيراد فالمهمة المستحيلة التي وضعها وزير الاقتصاد على الاقتصاد السوري من خلال فرضه لسياسة استيراد الاقتصاد السوري من الخارج على قدر ما يدخل إلى خزينته من موارد القطع الأجنبي، وبالتالي استيراد فقط ما لا يمكن لنا إنتاجه في الفترة الحالية”، مؤكداً أن الاستراتيجية الحالية ستمتد لفترة تتراوح بين 3 إلى 5 أعوام، إلى حين تعافي الصناعة السورية بالكامل. يبدو أن الوزير تناسى بأنه في عام 2010 صدرت سورية تقريباً ما يعادل 9 مليارات  دولار واستوردت ما يعادل 12 مليار دولار.علماً إنه من بين الصادرات 3.5 مليارات  دولار نفط.. الآن بعد توقف تصدير النفط بل العكس يتم استيراده كيف سيتم تحقيق السياسة المستحيلة لوزير الاقتصاد ؟؟؟؟
في ظل هذه الآلية التي تتبعها الجهات المعنية بالاقتصاد السوري والوضع المعيشي للمواطن السوري نسأل هل يدرك الفريق الاقتصادي مخاطر المرحلة الاقتصادية القادمة في حال استمرار غياب المعايير الاقتصادية الصحيحة؟؟!!