حماية المنتج المحلي "ما هكذا تورد الإبل".. بقلم: إيفلين المصطفى

حماية المنتج المحلي "ما هكذا تورد الإبل".. بقلم: إيفلين المصطفى

تحليل وآراء

الأحد، ١٠ مايو ٢٠١٥

Evlism86@gmail.com
مع مضي أربع سنوات من عمر الأزمة التي تعيشها سورية، يمضي الاقتصاد في قطار خارج عن المسار والأسباب لذلك عديدة، وإن كان الصراع الدائر سبباً رئيسياً لما يعانيه الاقتصاد إلا أن هناك عوامل لا تقل أهمية وخطورة في التأثير على مسار الاقتصاد تتعلق بالقرارات والطروحات التي تصدر عن الفريق الاقتصادي، ولأن للقطاع الصناعي أوجاعه الخاصة به بعد أن تم تفكيكه وتسهيل إخراجه منذ بداية الأزمة للخارج، لابد من الوقوف عند الاجتماع الموسع الذي تم عقده في فندق الشام بدمشق بحضور وزير الصناعة ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، والذي كان شعاره حماية الصناعة الوطنية والمنتج المحلي، من خلال المطالبة بمنع الاستيراد لعدد من المنتجات المحلية خاصة الألبسة، هذا المطلب الذي لا يكف الصناعيون عن المطالبة به حتى قبيل الأزمة يجعلنا نتساءل هل هكذا تتم حماية المنتج المحلي؟؟
هنا سأذكر بعض الأمثلة التي تبين أن من يطالب بمنع الاستيراد بحجة حماية الصناعة الوطنية لا يدرك الطبيعة الاحتكارية للتاجر وللمصنع السوري. فمثلاً نجد أن كغ المعكرونة ذات المنشأ المحلي مازال سعره 175 ليرة بسبب وجود منافسة من المعكرونة المستوردة بينما نجد أن كغ الكعك 400 ليرة علماً أن المكونات التي تدخل في إنتاج المعكرونة مكلفة أكثر، مع العلم أن سعر كل من المعكرونة والكعك كان يعادل 60 ليرة قبل الأزمة، في المقابل نجد أن المعكرونة التي تقدم كمساعدات غذائية للمواطنين يتم بيعها في المحال التجارية بسعر 80 ليرة للكغ وهي تضاهي المنتج المحلي بالجودة والنوعية.
ربما يقول أحدهم: إن المطالبة كانت لمنع استيراد الألبسة وفق ما طالب به وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية همام جزائري "أنّه لن يتم السماح للألبسة المستوردة التي تستهدف الطبقة الوسطى وما دون بأن تنافس المصانع التي تنتجها محليا، وبالتالي ستستمر الدولة في التضييق على استيرادها لمصلحة الصناعة المحلية وإحدى أدوات التضييق هو السعر الاسترشادي العالي بالإضافة إلى الأداة الجمركية"مضيفاً بأن كلفة الألبسة المستوردة سترتفع لمصلحة الخزينة من جهة والصناعة من جهة أخرى، ومن أجل ذلك سيتم اعتماد السعر الاسترشادي العالي المطروح مبدئياً وهو 40 دولاراً على كل كيلو ألبسة مستوردة.
وهنا نسأل هل من المنطقي أن يحرم المواطن من اقتناء بنطال جينز صيني بسعر 1500 ليرة في حين أن بنطال الجينز المصنع محلياً يعادل 3000 ليرة؟؟ وهل من المعقول أن يفرض عليه رسوم جمركية بقيمة 4000 ليرة لحماية المنتج المحلي؟؟ طبعا من دون أن نغفل النوعية وجودة المنتج؟ وهل سيكون المنتج المحلي قادراً على مضاهاة المنتج المستورد بالجودة والتصميم والنوعية.؟؟!!
وهنا أود أن أنوه ليس القصد الإساءة للصناعة الوطنية، لكن حماية الصناعة الوطنية تكون عندما نجد منتجات محلية الصنع بجودة تضاهي المنتجات التي يتم استيرادها، وبأسعار تتناسب مع دخل المواطن، لكن القضية أن بعض المحتكرين من الصناعيين يريدون نقل تكلفة الزيادة في أسعار المشتقات النفطية التي تدخل في كلفة الإنتاج إلى المشتري المحلي، مع رفضهم الدائم للاعتراف بأن أسعار منتجاتهم تزيد على الأسعار العالمية.
أما الأباطرة من الصناعيين الذين لا يتوقفون عن مناشدة الحكومة بوقف الاستيراد فنقول: إذا كنتم غير قادرين على المنافسة ولا يمكنكم العمل في مصانعكم إلا في ظل الحماية يتوجب عليكم وفقاً لقواعد السوق التي ترفعون لواءها أن تتوقفوا عن العمل وتفسحوا المجال لمن يتمتع بالكفاءة، أليست حججكم التي تطالبون من خلالها حماية المنتج المحلي وحماية الصناعة الوطنية هي ذاتها التي استندتم إليها لتفكيك المعامل والآلات ونقلها لخارج البلد؟؟ واليوم تصرون على حرمان المواطن من اختيار السلع التي تتناسب مع دخله وذوقه الاستهلاكي؟ وإذا كانت المصانع رغم قلة إنتاجها نتيجة الأحداث الراهنة غير قادرة على مواجهة المنتجات المستوردة فكيف كان وضعها لو صدر قرار بدخولها لأسواق التجارة الحرة. إن من واجب من يطالب بوقف الاستيراد العمل على رفع مستوى أدائه لأن منع الاستيراد يسهل على التجار وضع السعر الذي يرغبون به وبالتالي يفترض على الفريق الاقتصادي الأخذ بعين الاعتبار مصلحة المستهلك وعدم محاباة المحتكرين من رجال الأعمال الذين يبحثون عن أبواب تحقق لهم عوائد أكبر، ولابد من تطبيق سياسة منع الاحتكار التي تساهم في أزمة غلاء عدد من المنتجات؟ وأتوجه لكل صناعي أن يسأل نفسه:  كيف استطاعت المعامل في دول الجوار أن تحقق ربحاً وتشكل باب خطر في المنافسة على منتجاتنا المحلية ؟ نأمل أن تتضمن الإجابة دافعاً للصناعيين بالعمل لتحسين إدارة إنتاجهم وتقليص نفقاتهم وتخفيض أسعارهم مع العلم أن التجارب أثبتت بأن السياسة الحمائية للصناعة المحلية تلعب دوراً كبيراً في غلاء السلع المصنعة محلياً مع جودة تقل عن منافسيها الخارجيين.. وهنا نختتم مقالتنا بكلمة للصناعيين وللتجار وللقائمين عليهم بنصيحة نأمل أن تلقى صدى عندهم وهي بالابتعاد عن العلاج الذي يبدو أنه أسهل وأوفر في حين أن النتائج ستبوء بالفشل، فمنع الاستيراد لا يحل المشكلة ومهما طال النقاش وتعددت الاجتماعات بين الصناعيين والتجار والمصدرين والجمارك يبقَ المواطن هو المقياس وصاحب القرار في تحديد مدى رضاه عن سعر وجودة المنتج المحلي.