"الأتراك مرّوا من هنا فكلّ شيء خراب" .. بقلم : غسان يوسف

"الأتراك مرّوا من هنا فكلّ شيء خراب" .. بقلم : غسان يوسف

تحليل وآراء

الاثنين، ٤ مايو ٢٠١٥

في الذكرى المئوية للإبادة الأرمنية لابدّ لنا أن نطرح أسئلة منطقية قد تحرك النقاش في ذهن كل عاقل؟ لنتساءل: لماذا حدثت هذه الإبادة ؟ وما مسبباتها؟ وهل فعلاً أن دولة مثل الدولة العثمانية - والتي كانت تسمى -الرجل المريض - كانت قادرة على تنفيذ ما حدث لولا تغاضي المجتمع الدولي عنها؟ وماذا كان موقف حلفائها كألمانيا والنمسا؟ وكيف لم تحرك الولايات المتحدة ساكناً، وهي التي كانت تتبنى إعلان ويلسون لحقوق الإنسان؟ وما دور كل من فرنسا وبريطانيا القوتين العظميين في ذلك الحين؟
الثابت أن الدول الكبرى لم تهتم يوماً بمصائر الشعوب، فالهم الأول بالنسبة لها هو مصالحها، وما الثمن الذي ستقبضه جراء سكوتها! ألم تنقلب هذه الدول على معاهدة سان ستيفانو 1878 التي وقعها الروس مع الأتراك - كانت تضمن حقوق الأرمن وبعض شعوب البلقان – لكونها لا تلبي مصالحها فتداعت إلى عقد مؤتمر برلين لتأخذ حصتها من الكعكة وتشرعن الإبادة التركية للأرمن من خلال إجبار الروس على الانسحاب من المناطق الأرمينية التي كانوا يسيطرون عليها ليبقى الأرمن وشعوب المنطقة فريسة بيد الأتراك!
اليوم التاريخ يعيد نفسه وفرق الموت تدخل إلينا من الجانب التركي لتقوم هذه الفرق الداعشية وغيرها من العصابات الإرهابية في كل من سورية والعراق بما قامت به فرق الموت العثمانية قبل مئة عام! يقول الصحافي روبرت فيسك في كتابه (الحرب الكبرى تحت ذريعة الحضارة) صفحة / 367 /: إن الأتراك هم أول من اخترعوا غرف الغاز، حيث قاموا بوضع خمسة آلاف أرمني في كهف على بعد ثمانين كيلو متراً من قرية الشدادة وأشعلوا النار وتركوهم يموتون بغاز ثاني أوكسيد الكربون.. الشدادة التي تعرضت العام الماضي لغزو داعشي قادم من تركيا وكأن التاريخ يعيد نفسه!
اليوم وأمام العالم كله وبعد إصدار مجلس الأمن ثلاثة قرارات دولية لمحاربة الإرهاب نرى الدول المنضوية فيما يسمى التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب هي من تدعم كلاً من داعش والنصرة وعصابات الإجرام الأخرى وتمدهم بالسلاح والمال لاحتلال مدن سورية من دون خجل! ألم يلاحظ العالم كله كيف يتصور أعضاء فرق الموت من الشيشان والأفغان وغيرهم من جنسيات أخرى في إدلب وجسر الشغور! من دون أن يتحرك أحد ممن يدّعي محاربة الإرهاب!
هل رفّ جفن لهذا العالم لما حدث في كسب وقرى اللاذقية وجسر الشغور والمبعوجة واشتبرق ودير الزور وعين العرب والموصل.. الخ! وهو الذي أصدر ثلاثة قرارات أممية لمحاربة الإرهاب ؟
لكن السؤال : من أين أتى هؤلاء؟ ألم يأتوا من تركيا نفسها حليفة الولايات المتحدة؟ ألم تفتح تركيا مطاراتها وموانئها لدخول هؤلاء؟ هل سيصدق أحد في هذا العالم أن المخابرات العالمية وعلى رأسها الـCIA  بغافلة عما تقوم بها حليفتها العثمانية الجديدة إن لم تكن هي من تخطط وتوجه!.. وهل سيصدق عاقل كذبة ما يسمى محاربة الإرهاب؟
أليس حزب العدالة والتنمية نسخة جديدة عن حزب الاتحاد والترقي الذي نفذ هذه المجازر؟ وهل فرق الموت التي يرسلها أردوغان لسورية تختلف عن فرق القتل الحامدية التي كان يرسلها السلطان عبد الحميد الثاني.. التاريخ يعيد نفسه وصدق فيكتور هوغو عندما قال : "الأتراك مروا من هنا فكل شيء خراب"!