نظرية المؤامرة... والصهيونية العالمية.. بقلم: ميساء نعامة

نظرية المؤامرة... والصهيونية العالمية.. بقلم: ميساء نعامة

تحليل وآراء

الجمعة، ١ مايو ٢٠١٥

بينما تنشغل شعوب، ما يسمى العالم الثالث، أو العالم الفقي، أو العالم الجنوبي، والوطن العربي ضمناً، بالهموم والمشكلات الحياتية اليومية وأقصى أحلامهم تأمين مستلزمات استهلاكية وإنجاب الأولاد وتركهم للشارع يتكفل بتربيتهم، ينهمك العالم الاستعماري في إبقاء التخلف والجهل وإبقاء المواطن في العالم الثالث يلهث خلف لقمة عيشة فقط.
 وضمن احتكار دول الاستعمار لحق المعرفة يكون أي مجال للتفكير بنهضة عربية اختراقاً ممنوعاً، يتم التعاطي معه من خلال السعي المتواصل لبث الأفكار الهدامة عبر الإعلام المتصهين المتحكم بتقنيات فتحه وإغلاقه وتقنيات برمجته حسب ما يريد تحويل أنظار الرأي العام في الدول التي يريد فتح ثغرات فيها بحيث يسهل اختراقها والانقضاض عليها لاحقاً.
ليس من باب العشوائية أن تعمم قنوات الفتن الدينية ونبش التراث الطائفي من تحت ركام الزمن وبثه في عقول الشباب العربي، وليس مصادفة أن يدخل العنف في الدراما الهوليوودية التي تستقطب الشباب العربي وتسويقها بنسختها الهوليوودية أو العربية المقلدة إلى وطننا العربي.
كما أن انتشار الأفلام الإباحية داخل المجتمعات المغلقة والمتشددة دينياً في وطننا العربي وسورية ضمنها، تعتبر إحدى الثغرات التي فتحت الباب أمام تعاطي المخدرات للهروب من الواقع الذي أصبح متناقضاً وموحشاً إلى سعادة وهمية يبتغيها الشباب العربي.
يضاف إلى ذلك انتشار نظريات تصدير الديمقراطية كحالة أفلاطونية معقمة استهوت الشريحة الكبرى من الشباب الذي ينظر إلى واقعه على أنه استبدادي وقمعي ولا ينظر إلى واقع من يصدّر نظريات الديمقراطية ويرى واقعها الوحشي في سجونها داخل بلدانها أو في الدول التي تستعمرها.
وبعض الشباب العربي وبنسبة كبيرة منه للأسف تنطلي عليه حيلة الديمقراطية الغربية، ويرفض أن يشاهد أو يقرأ كيف تستلب الإدارة الأمريكية مثلاً إرادة شعوبها وتجعلهم ينغمسون في ساعات عمل طويلة ولا يجدون الوقت الكافي للتفكير فيما يجري من العالم حولهم أو من دون أن يدركوا ما تفعله إدارتهم بالشعوب المستضعفة.
إذاً: الدين والانفلات القيمي والجنس والسياسية هي أهم الثغرات التي تسعى الدول الاستعمارية لفتحها داخل وطننا العربي بشكل خاص وداخل البلدان المستضعفة بشكل عام.
وتأسيساً على ما ذكر فإن نظرية المؤامرة على الشعوب تقوم على هذه الأركان التي ذكرنا، ولعل مجريات ما سمي الربيع العربي خير مثال على ذلك.
وطالما نتحدث عن المؤامرة لابد أن نتحدث عن الإرهاب الذي يعتبر الأداة الأمضى "بأيام الربيع العربي" لتحقيق أهداف المؤامرة الكبرى في إعادة رسم خريطة العالم وفق المصالح الاستعمارية.
لا يمكن اليوم أن نستغرب العمليات الإرهابية التي تمارسها عصابات داعش والنصرة وغيرها من المجموعات الإرهابية التي تدعمها تركيا والصهيونية العالمية، وبتمويل سعودي قطري، ولا يمكن أن نستغرب بطش الإرهاب الضارب في منطقتنا العربية لأن إرهاب الأمس هو نفسه بأساليب مكررة أحيانا ومبتكرة أحيانا أخرى، لكن النتيجة واحدة، الإرهاب هو الإرهاب والاستعمار هو الاستعمار وإذا كانت الدول العظمى تتبارى في تدفق الإرهابيين إلى بلادنا العربية، سورية وليبيا واليمن ومصر التي تختبئ خلف إصبع الإرهاب القابع في عقر دارها، فإن محور المقاومة يتصدى ببسالة ويقف سداً منيعاً في وجه الاستعمار الإرهابي.
إلا أن المصيبة الكبيرة هي أغلبية الشعوب الغافية على عسل الراية السوداء، والغريب أن الوعي ما يزال ضعيفاً والإعلام الناطق باسم الدين ما يزال يسيطر على العقول ويفرق بين أبناء المجتمع الواحد على أساس طائفي وعرقي، بينما يذهب اليسار المتنور ويبيع نفسه إلى التيار الديني المتشدد، والغريب أيضاً غياب دور المثقف العربي الذي باع مبادئه وشعاراته الطنانة في حب الوطن والوطنية للشيطان الأخضر.
لا يمكن أن يتم القضاء على الإرهاب الذي بدأ يستشري في ديارنا العربية من دون خطين متوازيين لا ثالث لهما:
الأول: استمرار المقاومة في حربها ضد الإرهاب عبر الجيوش النظامية كالجيش العربي السوري البطل، الذي يخوض ببسالة قل نظيرها معركته في وجه الإرهاب أو عبر المقاومات الشعبية الرافضة للإرهاب وفي مقدمتها المقاومة اللبنانية الشريفة.
أما الطريق الثاني فهو الصحوة من الجهل وتسليم العقول للجهلة والعودة إلى التاريخ وإجراء قراءة متأنية ومن ثم الانتفاضة على حالة الاستلاب التي أرادها لنا الغرب المتصهين، وتكريس الوعي الشامل بما يحصل بالعالم من انقلابات جذرية تدفع ثمنها شعوبنا العربية.