غزالاتُ دمشقْ؟!.. بقلم: حسين عبد الكريم

غزالاتُ دمشقْ؟!.. بقلم: حسين عبد الكريم

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٨ أبريل ٢٠١٥

في زمن المأساة ألا يحق للعاشق أن يرمقَ الغزالة بعين القصيدة؟!
في زمن العطش، هل تتوقف الكروم عن مهنة الثمار؟!
وفي لحظات العطر، ماذا تفعل بأحوالها أوراق الورد؟!
العصفور، الذي يُرتب كل صوته على التغريد.. يبقى بلا صوته، حين تصرخ الهمجيات الغربية والبربريات؟؟!
لابد للقلب الجميل أن ينتصر على وحشية البشاعات، المعصرنة والقديمة قِدم الهلاك؟!
ولابد لعينيك الحنونتين، يا حبيبتي أن تنظرا بحب وألفة وحنان جميل إلى زهرة، وهي تتمرد على اليأس، وإلى الوردة وهي (تُضيف) للمعجبين والمتعبين والحزينين ألوانها وألحانها وعطرها.. ولابد للفقراء المتأملين أن يكونوا أكبر من الأموال الوسخة؟!
حبيبتي غزالة دمشقية: تتشبث أعصابها بالشروق، وأنوثتها لا تعلن الانزواء، رغم كثافة الأمطار الزائفة.. وتتعطر بصباحات الزهرة الصعبة، وتمضي إلى قلبها، لتسر له، أو تنتخيه:
أليس لديك باقة عشق وبعض قُبلة: وكِسرة عناق، وشفاعة لهفة وتنغيمات مدينة تحتضن حاراتها، كما تحتضن الحقول الغيمات، حين تتعب وتود النوم بين الحيطان والأغصان!؟
دمشق لا يمكنها أن تكون عاشقة عادية أو تنوس روحها، كما تفعل الأمكنة المغلقة على علاتها وأنات ذاتها الضيقة!
دمشق أم من أجمل الأمهات.. وطفلة في غاية الطفولة وغاية اللعب، وغاية الشراسة الذكية.. وحبيبة بكامل أبهة الورد والعطر والصيف والبرد، والبرق والرعد والفأل والسعد.. امرأة نسيج وجدها ووعدها، تؤلف وقتاً مترفاً مكتظاً بالأزمنة، حتى لا يمكن لعاشق مهما كان عاشقاً وشغوفاً وشاعراً أن ينتزع لحظة من زمانها، من دون امتلائه بآلاف اللحظات العظيمة والحميمة.. دمشق غزالة نفسها وكل نسائها وعشاقها، وكل أفراد عائلاتها، وكل أطفالها وشيوخها، وكل حدائقها وبحراتها وجداولها وأنهارها..
دمشق يا أعجب الأعاجيب: كيف لقلبك أن يتسع لكل هذي النجوم، التي تسهر على راحة الليل؟ وكيف لدروس أشواقكم أن تستوعب كل الغزالات والشرود وكل الرشاءات؟!
كحلهن أيتها الدمشق الأنيسة يرتشي كحلاً أو نظرات حالمة؟!
يا أجمل الأمهات، والعاشقات والنبيات يا دمشق!!
منذ شوقين ونيفْ أعرف (رشا) دمشقية تُعلم صيفي الشتاء، وتعلم قلبي الفصول، وتعلم الظهيرة فقه العصفور والأغصان والغناءْ..
دمشق كأمها سورية، بألف اشتياقها المديدة أو بتائها السديدة الشديدة!!
من أين لنا أن نخاف وعندنا هذه الأمهات النبيات، وهذه الألفات والتاءات وهذي الغزالات السارحات إلى عناد القلوب والدروب والجريان والضفات؟!
نحبك مرة أولى وأخرى وألفاً وكل المرات، لأنك العشق والنبوءات والعطر والوردات والغصن والزهرات والطائر والغيمات والعزف والنغمات.. وتسقط تحت قدميك وأسفل أحلامك المأساةْ!؟
نحبك لأنك الحياة!!
مثقل صدرك بالتواريخ واللغات، ونحن المفرداتْ والشروحاتْ..
ألست تفهمين أيتها البربريات: كيف تنبت الفصاحات وتكبر المحكيات حول الشفاه الجميلاتْ!!
قد لا تفهم الهمجيات!؟
لأنها الجهلُ في جميع اللهجات!؟