الغطاء الديني... وبوابة جهنم...بقلم: ميساء نعامة

الغطاء الديني... وبوابة جهنم...بقلم: ميساء نعامة

تحليل وآراء

السبت، ٢٥ أبريل ٢٠١٥

لطالما استخدم الغطاء الديني ضد الدين بشكل عام والإسلامي بشكل خاص، ولطالما حمل هذا الغطاء الأهوال والدمار والقتل لأبناء الأمتين العربية والإسلامية، وكم حمل الغطاء الديني الكثير من المفاسد والاستغلال والقتل والإجرام.
سأنطلق من تفاصيل صغيرة في حياتنا اليومية، عندما تركب سيارة أجرة ويضع السائق شريط أناشيد دينية أو درس ديني لأحد الدعاة أو المشايخ، تحدث نفسك قائلا "أخ هل الشوفير ابن حلال" وعندما تعطية النقود حسب العداد يهب في وجهك ويطلب ضعف العداد، هي ليست حادثة وحيدة أو يتيمة بل الأكيد أنها حصلت مع أغلبنا.
وما حصل مع سائق الأجرة يحصل في أكثر من مكان خصوصا مع الباعة الذين لديهم تماس مباشر مع المواطنين.
ننتقل إلى الوظائف الحكومية، ونرى موظفاً يقتني سبحة أو "عدادة" تقول في نفسك الحمد لله المعاملة ستسير بهدوء ودون رشوة، ما تلبث أن تصدم بأن ثمن السبحة أغلى بكثير من عدم وجودها.
تكثر هذه الأيام أن الرجال لا يسلمون باليد على النساء حسب أي مذهب لا أريد أن أعرف لكن ما أعرفه أن بعض هؤلاء ينصبون ويغشون ويرشون ويرتشون ولا يحترمون المذهب الذي لأجله يتمسكون بالقشور ولا يهتمون بالجوهر.
حالة من النفاق والكذب يقوم بها البعض باسم الدين والدين منهم براء لأن الصدق والأمانة والأخلاق هي الناظم الجوهري والحقيقي لجميع الأديان بينما نلاحظ بعض المتشددين يظهرون التمسك بالدين الظاهر بينما يهملون الجوهر الديني.
وعندما نقترح إبدال مادة التربية الدينية " المسيحية والإسلامية"، بمادة الأخلاق يهب في وجهنا بعض المتشددين حتى في وزارة التربية المعنية الأساسية في الاشتغال على التربية والأخلاق لأنها الأساس الحقيقي لجميع الأديان ولأنها المقياس الحقيقي لارتقاء المجتمعات.
يصادفك عزيزي القارئ كثرة من يتبرعون بإعطاء الدورس بالقيم والأخلاق ومحاربة الفساد بجميع أشكاله والتواءاته وتلوناته وكثيرا ما يستشهد هؤلاء الأشخاص بآيات قرآنية أو أحاديث عن النبي العظيم محمد صلوات الله عليه، ونراهم يحفظون ويتقنون فن الإقناع بالكلام حتى تحسب بأنك عثرت على القدوة المثلى وتفجع بهؤلاء الأشخاص عندما ترى كلامهم لا يتطابق مع أفعالهم أو أنهم يسردون قصص الأنبياء دون أن يتمثلوا سلوكهم متخذين من ألسنتهم تجارة رابحة.
باختصار يمكن تلخيص ما يحصل من تفاصيل حياتنا اليومية أيام الحرب الجائرة على سوريتنا، زيادة النفاق والكذب والتجارة باسم الدين.
أما على مستوى الأوطان فقد كان الدين وما زال نقطة ضعف بدل أن يكون أهم مكامن قوة العرب والمسلمين، والشواهد التاريخية زاخرة بالأمثلة التي تبين كيف استغل الاستعمار حديثة وقديمه الدين من أجل إثارة الفتن واستعمار الأوطان من أيام نابليون بونابرت الذي بدأ حملته على مصر من بوابة الإسلام ووزع منشوراً افتتحه بالبسملة مشيراً إلى أن انتصاره هو حكم «رب العالمين القادر على كل شيء»، وفي عصرنا الحالي جميعنا يذكر الشعار الذي رفعه الرئيس الأمريكي بارك أوباما "التغيير" وبدأ مشروعه تغيير الشرق الأوسط بكلمة السلام عليكم في الرابع من حزيران 2009 بجامعة القاهرة.
الصهيونية العالمية والدول الاستعمارية تدخل بلادنا من بوابة داعش، أحد أخطر امتدادات القاعدة، ومن ينظر إلى داعش من باب ما تمارسه من قتل وذبح باسم الدين يرتكب مغالطة كبيرة لأن الموضوع أكبر بكثير من مجرد إرهاب تمارسه داعش وأخواتها بحق العرب والمسلمين.
الدول الكبرى غالبا ما تسعى إلى تحويل صراعاتها وأطماعها على أرضنا العربية والإسلامية وتدخل علينا من بوابات الدين فتارة تريد التدخل لحماية الأقليات وتارة تريد التدخل لحماية الشعوب من وحوش صنعتها وأفلتتها لتعبث بحياة الشعوب.
وبعد! هل نبقى ندور في دوامة القشور ونترك الجوهر الديني ؟
الاستمرار في التمسك بالقشور سيجعلنا ندور في حلقة مفرغة وسنصنع بأيدينا جداراً يفصلنا عن اللحاق بركب الحضارة الإنسانية، أما إذا عدنا إلى جوهر الأديان التي تدعو في مجملها إلى العلم والتطور والتفكر والتفكير والارتقاء بحياتنا الإنسانية لما فيه خير المجتمعات الإنسانية، سنعيد أمجاد الماضي ونبني عليها.
إذاً: المطلوب العودة إلى الدين من كونه مصدر قوة وحضارة للشعوب وتمثل سلوك الأنبياء بدل نقل الأحاديث عنهم بشكل ببغائي، ولنعطي الدين تلك الخصوصية بيننا وبين الخالق التي تصل بنا إلى الخشية من الله والتقرب منه، ولنعطي الحياة ما تستحق من العمل الصادق والجاد عندها فقط ستتم الولادة الطبيعية لسورية الجديدة بوابة الشرق ومنارة العروبة.