يا ريت ما حبّيت.. بقلم: إسماعيل مروة

يا ريت ما حبّيت.. بقلم: إسماعيل مروة

تحليل وآراء

الأحد، ١٩ أبريل ٢٠١٥

يؤلم الذات والروح عند التأمل ادعاء الحب، فالمحب يخاطب حبيبه بأنه هو المحب الذي يحب أكثر، ويدّعي أن حبه أنقى وأصفى، وهو يدري أن حبه ليس الأكبر، وليس الأنقى، وهو يعلم إلى درجة اليقين أن الحب حالة تتلبس المرء ذات لحظة، قد تطول هذه اللحظة من ألوهة وجنون وقد تقصر! والأب يدّعي حب أبنائه، والأم تفعل ذلك وهذا الحب بحد ذاته ليس ادعاء، ولكن الادعاء في زعم درجة الحب، كأن يرى أحدهما نفسه محباً أكثر من الآخر، وهذا محض ادعاء..!
وفي مفهوم الوطن والوطنية يكثر هذا الادعاء، فكل واحد منا، والمتحدث ضمناً، يدعي أنه محب، وكل واحد يرى أنه أكثر حباً من الآخرين، وأن ما لديه من الحب لا يصل إليه أحد، فهو يحب التراب، يحب شام، يحب كل المدائن، هو سوري أكثر من السوري الأول:
يسرق الخيرات ويدّعي أنه النبيل الحريص
يغتصب الفرح، ويدعي أنه راسم الفرح الأول الذي لا يشبه غيره، ولا يشبهه أحد ولا يصل إلى مدى حبه أحد من الناس!
ومع بداية الأزمة في الوطن العربي من محيطه إلى خليجه، وسنرى ذلك مع استمرار الأزمة التي لن تنتهي كما يشتهي المشتهون رأينا هذه النماذج، فقد خرجت الشخصيات من الواجهات، ومن القماقم لتقول: نحن نحب بلدنا أكثر!
تدمر المدائن تحت عنوان الحب!
تنهار الحضارة والحضارات والحب هو السبب!
يقتل الأخ أخاه والسبب هو حبه له!
ويذبح الطفل حرصاً على مستقبله العظيم وحباً له وبه!
دوماً هناك ادعاء الحب!
ترى لو لم يكن أحدهم محباً فماذا كان سيفعل؟
ما النتيجة التي سيصل إليها الوطن؟
بالإمكان أن نقول إنهم محبون حقاً، ولكن كل واحد يحب الوطن بقرة حلوباً له وله وحده، وكلهم يحاربون الفساد، وهم أس الفساد، فالفساد أن يسرق سواهم ويستفيد، ولكن هم إن فعلوا فإنما يفعلون من أجل غيرهم، وحتى لا يسرق الآخرون!
من رحم الفساد خرج جميع هؤلاء المحبين، مشيمتهم فساد، دمهم فساد، الكره عنوانهم، غادروا من دون أسف، سرقوا من دون رادع، شاركوا في كل المراحل، واليوم رأوا أنه يجب أن يأخذوا كل شيء وحدهم!
لا بأس من إحراق وطن وإنسان تحت عنوان الحب!
لا بأس من قتل أم وأب وأخ ومستقبل من أجل الحب!
ألا يمكن أن تقتل الهرة وليدها وهي تحمله بفمها هرباً من الخطر؟!
رحماكم بهذا الوطن المسكين الذي يرفض حبنا رفضاً قاطعاً
كل صباح يجيبنا: رفقاً بي من حبكم
يا ريت ما أحببتموني