هل حان يوم القيامة اليمني؟

هل حان يوم القيامة اليمني؟

تحليل وآراء

السبت، ١٨ أبريل ٢٠١٥

حركة مكوكية متسارعة بين عواصم القرار في العالم وأحداث ووقائع متلاحقة واتصالات ولقاءات جمعت وتجمع أضداداً بأضداد في أكثر من عاصمة إقليمية ودولية على خلفية حرب حكم آل سعود على منظومة «أنصار الله» اليمنية.


الأميركي يناور ويخادع ويحارب بالوكالة رامياً الكرة في الملعب العربي.

الروسي يقاول ويبيع ويشتري مع الصديق والخصم منتظراً ساعة الانتقام.

الإيراني الحكومي يرفع ويكبس ويتقدّم ويتأخر على وتر الوجع اليمني.

القوى المقاومة من طهران إلى دمشق إلى الضاحية مروراً ببغداد تشير بإصبعها إلى باب المندب مسجلة مقياس اتجاه الرياح ونوعها.

الجامعة العربية الرسمية تتخبّط وتدخل التيه الثاني بعد سورية وشرح حالتها يكتبه محمود درويش: «عرب أطاعوا رومهم عرب وضاعوا».

ويبرز السؤال الأهمّ والأكثر تداولاً على لسان المتابعين: هل اقتربت نهاية الحكم السعودي للحجاز، وهل مَن سيبقى من الأحفاد من آل سعود سيعود إلى بيت «الدرعية» تاركين البلاد التي وحّدوها بقوة السيف والزيف في أوائل القرن الماضي بحالة أشبه ما تكون بالمرايا المتكسرة؟

سؤال بدأ يطرح نفسه بقوة على المتابعين والمراقبين لما يحصل في الجزيرة العربية على خلفية الحرب المفتوحة التي أطلقتها الرياض ضد اليمن.

هل ستستمرّ الحرب المعلنة من طرف واحد لتصبح أشبه ما تكون بالحرب العراقية الإيرانية التي سُمّيت بحرب الخليج الأولى أم أن نفاد بنك الأهداف الجوية سيجعلها تحاكي الغزو العراقي للكويت؟

هل وقع الفتية من الحكام الجدد في الرياض ضحية خدعة أميركية ستكون نتائجها تقسيم السعودية وتشظيها كما ورد في مخطط برنارد لويس؟

أسئلة جدية باتت تطرح نفسها بقوة بعد أن انقضى ثلاثة أسابيع على الحرب السعودية ـ الأميركية الجوية من طرف واحد على اليمن من دون أن تحقق الغارات التي باتت تقارب الألفين أي هدف واضح.

صحيح أن اليمن تشتعل بنيران الحرب الآن وتستعر النار في كل شبر منها وأن السعودية تبدو هادئة تماماً وبعيدة من أجواء الحرب وتداعياتها النارية. وأن اليمنيين يظهرون وكأنهم عاجزون عن الرد أو القدرة على إيقاف النشوة السعودية باستمرار غاراتهم من دون ردّ من الجانب الآخر.

لكن في المقابل، ماذا يعني هذا الهدوء والصمت القاتل لقيادة أنصار الله؟

وماذا نقرأ في سرّ صمود الشعب اليمني الأسطوري بوجه الآلة التدميرية المغيرة من جهة والتقدم الذي لا ينقطع للجيش واللجان الشعبية الموالية لأنصار الله في بسط سيطرتهم على اليمن كل اليمن، وإلحاق الهزيمة تلو الهزيمة بالقاعدة والتكفيريين الوهابيين وميليشيات هادي الفار من وجه العدالة إلى الرياض؟

وماذا سيفعل أصدقاء أنصار الله وحلفائهم وفي مقدمهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية إذا ما حانت ساعة الحساب للسعودية؟

وهل ستكون المرحلة الثانية من الحرب أو الموجة الثانية كما يفضل أنصار الله تسميتها معركة برية على أرض اليمن تهزم فيها الجيوش الغازية، أم ميدان المعارك سينتقل إلى أرض الجزيرة العربية حيث يكون الهدف الأول لليمنيين فيها استعادة محافظات ثلاث هي جيزان ونجران وعسير التي يقول الشعب اليمني قاطبة بأنها أرض يمنية محتلة منذ بدايات الدولة السعودية الثالثة أي منذ نحو قرن من الزمان ومن ثم ستستمر المعارك حتى يصل اليمنيون إلى مشارف مكة؟

في هذه الأثناء يتساءل مراقبون عن مغزى إعلان القيادة الإيرانية العليا الحرب الإعلامية المفتوحة على الرياض والتكهن لها بالهزيمة الكبرى وأن أنفها سيمرغ بالتراب ولن يكون لها ما تريد، وأن اليمن لا بد سينتصر مهما كانت سيناريوهات العدوان الأميركي السعودي.

وكذلك ما مغزى النبرة العالية جداً والقاطعة والحازمة والواضحة من جانب قيادة حزب الله في لبنان، وهو ما يحصل لأول مرة ضد المملكة وحكامها وفتح النار عليها على كل المستويات ومن دون أي مجاملة أو مواربة وكأن لا عودة عن هذا الأمر إلا بسقوط مملكة آل سعود وبعد انتصار اليمنيين المحتوم.

أخيراً وليس آخراً، ما معنى أن تتحرك لأول مرة ربما في تاريخ العلاقة بين إيران والمملكة السعودية قيادة إيران العليا باتجاه المرجعيات الدينية الكبرى في قم المقدسة، ومن ثم يلحق بها معاون وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية، ومن ثم تصدر عنها تصريحات صريحة لا لبس فيها تطالب الشعوب العربية والإسلامية بما سمته بتحرير إدارة مكة والمدينة من أيدي آل سعود؟ وإن مثل هذا العمل لا يحتاج إلى إذن من الدول، بل هو أمر من واجبات الشعوب التي عليها عدم انتظار أحد والقيام بواجبها الجهادي هذا من دون تلكؤ لإنقاذ المقدسات والمسلمين من أذى هذه العائلة الظالمة.

إنها الحرب العالمية الثالثة التي منعنا سرد فصولها على الطريقة الأنجلو ساكسونية، نحن في محور المقاومة حتى الآن في أكثر من ساحة وميدان، وكأنها تقترب من نهاياتها الحتمية والتي نكتب فصلها الأخير بإذن الله على أرض اليمن السعيد، ومن يدري إذا كانت المقدمة الطبيعية لبداية عصر الظهور؟

هكذا يقرأ العديد من المتابعين والمفسرين والقارئين وقائع ما يجري على أرض الجزيرة العربية منذ أن ظهر قرن الشيطان في نجد وقامت قيامته ضد أرض الإيمان في اليمن.

الجغرافيا والتاريخ وقواعد صناعة مستقبل العالم الجديد يعاد رسمها وتدوينها انطلاقاً من نتائج معركة الأحزاب والقبائل بوجه ما تبقى من مفاعيل الوحي ورواده.

من هو سيد الجزيرة العربية المقبل ومن هم حلفاؤه الذين سيكونون بلا شك «سلاطين» البحرين الأحمر والمتوسط؟ هو بالضبط ما ستتمخض عنه حركة كرة النار الملتهبة في اليمن.