“رفع الأسعار” براءة اختراع للفريق الاقتصادي.. بقلم: إيفلين المصطفى

“رفع الأسعار” براءة اختراع للفريق الاقتصادي.. بقلم: إيفلين المصطفى

تحليل وآراء

الأحد، ١٢ أبريل ٢٠١٥

Evlism86@gmail.com
ليس مستغرباً أن نشاهد على قنوات الإعلام المحلية تقارير اقتصادية تنقل معاناة المواطن في حياته المعيشية وخاصة أن الحال لم يعد يطاق في ظل ارتفاع الأسعار المشرعن من قبل الجهات التي تدعي حمايته، في وقت نشاهد أيضاً أصواتاً لبعض المنتجين المحليين تطالب الحكومة بترشيد الاستيراد بحجة حماية المنتج الوطني والحفاظ على القطع الأجنبي، وبالطبع لو عدنا إلى ما قبل الأزمة لوجدنا أن هذا المطلب لم يتغير من قبل المنتجين المحليين متناسيين أن قيام بعض التجار باستيراد بعض أصناف السلع الغذائية جاء رحمةً للعديد من المواطنين الذين كانوا غير قادرين على شراء المنتج المحلي لارتفاع أسعاره مثال على ذلك "البرغل" والذي حين تم استيراده من تركيا أثار موجة استياء لدى بعض المنتجين وبحجة دعم المنتج الوطني طالبوا بمنع استيراد البرغل التركي. حينها تحدثنا عن أن حماية المنتج المحلي والصناعة الوطنية لا تكون بمنع الاستيراد بل يجب أن يكون هناك منافسة وتحسين في النوعية التي يتم تقديمها للمستهلك طالما أنه يدفع سعراً أعلى من السعر الذي يدفعه للمنتج المستورد إضافة إلى مراعاة الأجور التي لا تتناسب مع القدرة الشرائية.
يبدو أن تلك التقارير الإعلامية سواء منها المرئية والمقروءة تأتي نتائجها بعكس ما تشتهي جيوب المواطن، فالحكومة تصرّ بعد كل تقرير على إصدار قرار برفع سعر سلعة ما، وإن تهاونت الحكومة في سلعة معينة نجد أن القطاع الخاص لا يوفر مناسبة إلا ويقوم من خلالها برفع الأسعار مع توجيه رسالة شكر للمواطنين على تفهمهم لقرار رفع سعر السلعة أو الخدمة، فالخدمات أيضاً المقدمة للمواطن تم رفع أجورها على مبدأ " ما حدا أحسن من حدا" والتي كان آخرها رفع أجور المكالمات الخلوية، الذي ما أن تم تطبيقه بداية الشهر الحالي حتى بدأت الإشاعات تزداد حول توجه الحكومة لرفع سعر الخبز ورفع أجور النقل الأمر الذي نفته المصادر الرسمية جملة وتفصيلاً ليكون هذا النفي القاطع يحمل انعكاساً سلبياً على المواطن الذي اعتاد أن النفي يتبعه تحقيق للشائعة.
لكن في ظل فوضى الأسواق والأسعار واختلاط الأمور على المواطن في حياته المعيشية نجد أن بعض الجهات تقوم برفع الأسعار من دون إشهار كغيرها من المؤسسات التي تفاخر بإنجازاتها حين ترفع سعر خدمة أو سلعة، ليكون عنصر المفاجئة بانتظار المواطن، من بين هذه الجهات وزارة الكهرباء التي قامت برفع سعر الكيلو واط للمستهلكين من دون أن تعلن ذلك عبر وسائل الإعلام عدا أن بعض المواطنين يفاجؤون بكلفة فواتيرهم الكهربائية حين التسديد متسائلين في الوقت ذاته إنه كيف تتضاعف فواتيرهم ثلاثة أضعاف في حين أن التقنين الكهربائي لم يتغير بمعنى أن استخدامهم للكهرباء انخفض، وهنا نشير إلى أن بعض العاملين في مؤسسات الوزارة ليس لديه علم بهذه الزيادة، لكن وبحسب عدة مصادر إعلامية تحققت من الأمر وثبت بالوثائق وجود زيادة في أسعار الكهرباء، حيث تمّت على ثلاث شرائح وهي:
- سعر الكـ. و.سا لشريحة 601 – 800 ك.و.سا 5 ليرات بدل 2 ليرة
- سعر الكـ. و.سا لشريحة 800 – 1000 ك.و.سا 6 ليرات بدل 3 ليرات
- سعر الكـ. و.سا لشريحة 1001 – 2000 ك.و.سا 10 ليرات بدل 3.5 ليرات
وهنا نتوجه بالسؤال للمعنيين هل الحل الوحيد لتوفير أي سلعة أو تحسين أي خدمة من خلال رفع الأسعار؟؟!! ولماذا دائماً تكون جيوب المواطن هي الحل الأسهل للجهات التي تدعي حمايته وتدعي أن تأمين احتياجاته أولوية في سياساتها.
رفع سعر الكهرباء لم يكن الخدمة الأخيرة التي يتم رفعها، بل كذلك عبوات المياه المعدنية تم رفع سعرها أيضاً ولا نغفل هنا أزمة المياه في العديد من المحافظات والأرياف التي دفعت بأغلبية المواطنين لشراء المياه وهذه فاتورة إضافية تضاف إلى فواتيره الشهرية التي لا تعد ولا تحصى.
وبذلك نجد أن سياسة رفع الأسعار أصبحت إنجازاً اقتصادياً تميز به مسؤولو الاقتصاد في الجهات الحكومية ويعد براءة اختراع يمكن إضافته إلى النظريات والمبادئ الاقتصادية المتعارف عليها في العالم مع تجاهل الفجوة الكبيرة بين الأسعار والأجور وتناسي من لا عمل له لتتحول النقود بيد المواطن إلى نقمة بدل أن تكون نعمة لعدم قدرتها على تأمين أبسط مستلزماته اليومية.