صحافية سوريّة شابة تعشق صحافياً سورياً شيخاً!!بقلم: عبد الرحمن الحلبي

صحافية سوريّة شابة تعشق صحافياً سورياً شيخاً!!بقلم: عبد الرحمن الحلبي

تحليل وآراء

الأربعاء، ٨ أبريل ٢٠١٥

 ضابطا الأحوال المدنيّة في كلّ من محافظتي حمص وحماة يعرفان جيداً أن الفارق الزماني بين ميلاد العاشقة وميلاد معشوقها ليس أكثر من سبع وسبعين سنة فقط لا غير، والنفسانيون الاجتماعيون – الثعالبي والسيوطي منهم – يقرون أن العشق مرتبة متقدّمة من مراتب الحب، تسبق مرتبة "الكلَف" وترادف مرتبة "الشغف" الصحافية السورية الشابة غرقت في مرتبة "العشق" حتى شحمتي أذنيها، وها هي تتأبط ذراع الصحافي السوري الشيخ وتنطلق معه في رحلة طويلة تبدأ سورياً "من الانتداب إلى الانقلاب" عبر ذاكرة وممارسة ومواقف معشوقها الأثير لديها في هذا الباب من المدوّنات الفائتة على كثرتها !
 العاشقة هي سعاد جروس بنت قصير حمص، والمعشوق هو نجيب الريّس ابن نواعير حماة؛ والبنت الشابة والابن الشيخ – أعني العاشقة والمعشوق – سيأخذان بأيدينا على مدى ربع قرن من الزمن لنسير معهما حيث يسيران ونجلس حيثما يجلسان ونحن نقرأ ما كتب الشيخ وما تكتب عنه الشابة؛ ولاسيما أنها ستخبرنا منذ البدء بأن "التاريخ كالصحافة، الحياد فيها محض ادّعاء مضلّل" ! ثم ستخبرنا العاشقة أن معشوقها سئل ذات مرة: لقد خبرت الصحافة وجرّبت النيابة فأيهما أحبّ إليك ؟. أجاب "الصحافة طبعاً.. فلولاها لما سجنت ولولا السجن لما صرت نائباً". ولنا أن نضيف إلى قوله قولنا: ولولا السجن لما أبدع نشيده الخالد "يا ظلام السجن خيّمْ" الذي حفظناه صغاراً وحفظه أبناؤنا وسيحفظه أحفادنا... وهلمّ جرّا.
 نجيب الريس عند هذه العاشقة هو "صقر الصحافة السورية وأحد أعلام الحركة الوطنية" وهو الذي أعاد سعاد –باعترافها- إلى زمانه فأطلعها على نقاشات النوّاب الساخنة في البرلمان حول قضايا صياغة الدستور والإقطاعية وتحديد الملكية والتأميم وتعيين دين الدولة والموقف من المعسكرين الشرقي والغربي و... لهذا اختارت سعاد نجيباً بوصفه "الصحافي الأكثر تأثيراً، كاتب أقوى الافتتاحيات في عصره" ليروي لها قبل أن يروي للقارئ "ما طُمس من تاريخ وطننا الدامي، لا ردّاً لاعتبار هذا التاريخ وهذه الشخصية الفذة، ولا للصحافة السورية المأسوف على شبابها، بل هي مساهمة بسيطة، لعل وعسى أن تقدم بعض أدوات تصويب قراراتنا للحاضر؛ فلا شيء مما نعيشه اليوم لا يتصل بهذا الماضي". ثم تضع بين أيدينا (574) صفحة وتقول :ها كم كتابي؛ انظروا فيه خيراً من تاريخكم وقارنوه بما سبق من حرية في القول والعمل، وبما لحق من فردانية لا تبصر إلا نفسها ولا تسمع إلا صوتها.
 سعاد جروس كما نعرفها قبل لقائها معشوقها هي صحافية في صحف عدة، وهي شاعرة أصدرت مجموعتين شعريتين كانت الأولى بعنوان "رمّان" والثانية بعنوان "هكذا أحبّه" ثم أردفتهما بقراءة صحافية في حواري دمشق وأزقتها الشعبية ومعالمها العمرانية والآثارية وحيواتها المجتمعية أصدرته بعنوان "زقاقيات دمشقية ". أما كتابها عن معشوقها النجيب (الريس) فقد سارت فيه على نهج المؤرخين المرموقين، بادئة بمقدمة اختارت لها عنوان "رحلة في الزمان الصعب" أعلنت فيها أن نجيب الريس الذي عاش وتوفي قبل ميلادها بعدة عقود أخذها في رحلة استكشافية في ردهات الصحافة السورية منذ تخرجها وزملائها في كلية الإعلام بجامعة دمشق وهم يجترحون الأحلام بصحافة حرّة تنْفتح على صفحاتها أقلامهم ! ومن يومها، أي منذ التسعينيات من القرن العشرين "لم نكن نعمل (سعاد وزملاؤها) سوى أن نزرع الأرض اليباب في الآمال". حينها قرأت سعاد عن صحافي ثائر ومناضل وعنيد وقلم لاذع اسمه نجيب الريس.
    (يتبع...)