بين قديم.. وقديم.. بقلم: سمير عربش

بين قديم.. وقديم.. بقلم: سمير عربش

تحليل وآراء

الخميس، ٢ أبريل ٢٠١٥

بينهما قيد أنملة إن أردنا، وإلا.. فما بينهما إلا مسافات فاصلة تلتهم الزمن ومعه الذاكرة والذكريات.
قبل أيام نشر صديقي – أبو خليل- على صفحة تواصله الاجتماعي، مقالاً لي عنوانه: هل أنت متشائم، منوهاً في تقديمه بالقول: نقلاً عن مجلة الأزمنة، وهنا كانت المفاجأة. فقد اكتشفت أن عدداً كبيراً من إخوتنا وأبنائنا المغتربين يتابعون ما ينشر في الأزمنة من آراء ويعلقون على بعضها، ما يدل على أن التواصل بينهم وبين الوطن الأم لم ولن ينقطع، وبخاصة عبر وسائل الإعلام المختلفة، وما مجلة الأزمنة إلا إحدى هذه الوسائل المتقدمة، دون أي مجاملة أو تقريظ، بل الواقع كما هو.
ومن خلال التعليقات الكثيرة على المقال، اكتشفت مع صديقي "أبو الخل"، كم أن الحنين إلى القديم ما زال يعشش في قلوب مغتربينا رغم السنوات أو العقود الطويلة التي مضت على غربتهم، فقد نشطت ذاكرتهم وعادوا بلحظة إلى تلك الأيام الخوالي.. إلى عهد الوالدة نبيهة وصديقاتها سلطانة وفكتوريا ودلال وملكة وجميلة وحسنية وحليمة وسعدية.. ولاحظوا جمالية هذه الأسماء.
نعم.. عادوا إلى ذلك القديم الذي اتسم بالمحبة والبساطة والصدق والشهامة والوفاء، وكل ما شئتم من كلمات نابعة من منهل القيم التي نشأت عليها أجيالنا القديمة، وغرستها في نفوس ما بعدها. إنه القديم الذي يحلو لنا أن نعود إليه بين حين وآخر، لنعرف منه ما يساعد على إحياء ما كاد أن يموت فينا من تلك القيم.
إلى ذلك، يحق لنا أن نتساءل: أين ذاك القديم الذي نتغنى به ولن نتخلى عنه بأي حال أو ثمن؟ وأين ذلك القديم الذي تحاول جماعات الإرهاب والتكفير والتضليل فرضه على جيلنا وعلى الأخص على الأطفال الذين يجندونهم للقتل وما هم إلا بقاتلي طفولتهم وبراءتهم؟
أيننا من قديم  لعنته البشرية، بعد أن سادت فيه شريعة الغاب، فاندثر إلى غير رجعة، وما عاد سوى مضرب لقوى الشر والظلام.. لكنهم ويا للعنات الناس والتاريخ عليهم، يحاولون نبشه واسترجاعه إلى هذا الزمن المتقدم من الحضارة.
قديم نرفضه ونحاربه.. وقديم نعيشه كلما افتقدنا الأيام الخوالي الحلوة الجميلة.. وبين الاثنين قيد أنملة حيناً، ومسافات ساحقة أحياناً.