مُغامرة العرب ضد العرب !

مُغامرة العرب ضد العرب !

تحليل وآراء

الأربعاء، ١ أبريل ٢٠١٥

نبيه البرجي

لتكن جثثنا سجادة حمراء وتختال عليها السيدة كوندوليزا رايس. هوذا الشرق الاوسط الجديد. العرب يحطمون عظام العرب. ألم يقل زئيف جابوتنسكي، وهو المرشد الروحي لليمين في اسرائيل، منذ نحو قرن من الزمان، بتحويل المنطقة الى مقبرة؟ مقبرة للعرب (الاعراب) تحديداً؟
منذ اليوم الاول قلنا انها الحرب الكبرى، وانها الفتنة الكبرى. واذ كنا نقول اننا ضد الاحتلال الايراني، وضد التدخل الايراني، وضد الوصاية الايرانية، كما كنا نقول اننا ضد توظيف الايديولوجيا لاغراض جيوسياسية، لا بد ان نسأل اليوم: لماذا باكستان؟ ولماذا تركيا التي تناور لدور اكثر فظاعة، وفي سوريا بالذات؟
اذاً، ليس التحالف العربي بل التحالف المذهبي، وقد دعا اليه من دعا حتى على صفحات الجرائد بعض كتّاب البلاط حين قالوا علنا ان الشرق هو شرق طائفة بعينها. الآخرون إما في العالم الآخر او يعاملون كفتات بشري ما دام منطق اهل الذمة لا يزال صالحا للاستعمال...
لا بل اننا قرأنا ما هو اشد هولاً: الشيعة الى ايران، ان بقيت، والا الى الجحيم. اما المسيحيون فلا مكان لاهل الشرك فوق هذه الارض المقدسة. على الغرب ان يتدبر امره من الان ويبعث بسفنه لنقلهم اليه...
باكستانيون لماذا؟ أليست لدينا جحافل جرارة، وقد رأينا جنرالاتنا العظام امام الخرائط واجهزة الكمبيوتر يخططون ويتابعون المعارك. المعارك ضد من؟ ضد ذلك الحطام البشري الذي يدعى...اليمن؟
بخيلاء قال ديبلوماسي عربي أن القنبلة النووية باتت بأيدينا. الايرانيون حمقى، كما قال، عندما يفكرون بالقنبلة. اذا تحركوا الآن فالقنبلة الباكستانية ستزيل بلدهم من الوجود. هي قنبلة بأموال العرب وللعرب. اين ادمغة العرب؟
اسألوا ديفيد بولوك، الباحث في معهد واشنطن لشؤون الشرق الادنى والذي يرتبط بالايباك، دون ان ندري لماذا استضافته قناة الميادين المرة تلو المرة ليغسل يدي الولايات المتحدة واسرائيل من كل ما يجري، وليتحدث الينا بتلك اللغة العرجاء، وبالتهكم وبالغطرسة وبالهشاشة...
في كل الاحوال، لا بد ان نشكر الديبلوماسي العربي لانه تحدث عن القنبلة الباكستانية الشقيقة، ولم يتحدث عن القنبلة الاسرائيلية الشقيقة ايضا والتي ابلغ موشي يعالون من ابلغ انها تحت تصرف العرب...
هل يمكن لمشهد الجحيم ان يكون اقل هولا، او اقل سريالية، من المشهد الآن؟ العاصفة آتية الينا لا محالة، وفي الاروقة الديبلوماسية حديث عن السيناريو الذي وضع لسوريا، وبالتنسيق بين انقرة وتل ابيب، هل كانت البداية من ادلب وبصرى الشام؟
ثمة سائل يسأل عن مصدر الاسلحة المتطورة جدا التي هبطت على «جبهة النصرة». واذا اردتم ان تعرفوا ما يدور في بلاط زعيم لبناني، فهو يعتبر ان ايران باتت الان بين فكي الكماشة (باكستان وتركيا)، وان اسرائيل في حالة استنفار للمساعدة اذا اقتضى الامر...
اما مقاتلو «النصرة» فهم جيش العرب وجيش المسلمين الذين ما ان يفرغوا من سوريا حتى تبدأ مهمتهم المقدسة في لبنان. لن يكون هناك «حزب الله» ولن يكون هناك من حاضنة له في بلاد الارز. كما تم ترحيل ياسر عرفات ومقاتليه يتم ترحيل حسن نصرالله ومقاتليه. هذا اذا بقي هناك من طريق لهم الى البحر، واذ وجد من ينقلهم الى «جمهورية فارس الاسلامية».
هي ليلة السواطير في الشرق الاوسط. بنا يثأر بنيامين نتنياهو من ليلة الكريستال في برلين، ودون ان يبقى خفيا ما يتردد في اوساط «جبهة النصرة» التي تتقدم الصفوف الان في سوريا، بالمال وبالسلاح، من ان هناك قيادات في تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) ابدت جاهزيتها للالتحاق بالركب العربي الكبير، بل وبالركب المذهبي الكبير ما دامت قد تمت تعرية الاقليات من اصولها العربية، ومن دمها العربي، ومن ثقافتها العربية....
سوريا ولبنان بعد اليمن الذي تكاد القاذفات تزيله من الوجود. لماذا الباكستانيون اذاً؟ لحماية الحدود ام لحماية العروش ام لقتل الحفاة في اليمن السعيد؟ هذه هي الكوميديا الدموية الآن. حرب لا تبقي ولا تذر. لسنا ابطالها بل الاخرون، كل الاخرين، اما نحن فدول تنفجر، مجتمعات تنفجر، مقابر تنوء بأهلها وبالطارئين عليها...
الذي يحدث مغامرة كبرى. اكبر بكثير من خيال العرب ومن واقع العرب. الهاوية تبدأ بخطوة واحدة!!