سرّ الخلطة الأمريكية لاستهداف الجيوش العربية!!.. بقلم: د.بسام الخالد

سرّ الخلطة الأمريكية لاستهداف الجيوش العربية!!.. بقلم: د.بسام الخالد

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٣١ مارس ٢٠١٥

Bassamk3gmail.com
السؤال الذي يطرح نفسه الآن: لماذا لم تنه الولايات المتحدة الأمريكية بؤر الإرهاب في العالم وهي التي أخذت على عاتقها محاربة الإرهاب في كل مكان والقضاء على الجماعات الإرهابية في عقر دارها كما يقولون؟
القاعدة وطالبان في أفغانستان واليمن، والدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" مروراً بليبيا ومصر، التي كانت في منأى عن النشاطات الإرهابية " القاعدية" بشكل معلن، قبل الإطاحة بمرسي.
الولايات المتحدة الأمريكية تعرف تماماً أن المرحلة الراهنة من التهديدات الإرهابية لم يعد يحدّها نموذج، كما حدث في اعتداءات 11/9/2001، لأن العدو طور نفسه من حيث التكتيك، ما يدفع بها إلى تطوير قدراتها، ليس بداعي الخوف، وإنما على نحو متزن يعزز أمنها وبخاصة في منطقة "الشرق الأوسط" التي تشمل "إسرائيل" لأن أمن إسرائيل يعدّ من الاهتمامات الرئيسية للولايات المتحدة، وهذا ما حددته صراحة وثيقة الأمن القومي الأمريكي للشرق الأوسط.
ما الجديد إذاً؟!
الجديد أن الولايات المتحدة تدير حروبها بالوكالة وتستخدم القوة الناعمة والقفازات الحريرية لتخفي أصابعها الملطخة بالدماء، أليست هي من صنع القاعدة وسمح لها بالتمدد في كل البلدان التي تعاني من جحيمها الآن، وإن اختلفت التسميات؟!
القاعدة وأخواتها أدوات أمريكية حادة لتقليم أظافر الجيوش العربية التي تتطلع لبناء الذات، بغض النظر عن الإخفاقات والأخطاء في السياسة العربية، بالطبع هو منظور استراتيجي أمريكي بعيد المدى للحفاظ على قوة "إسرائيل" وتفوقها، وهل أفضل من هكذا فرصة لإطالة أمد الصراع تحت مسميات الطائفية والمذهبية والعرقية التي ابتلع طعمها قصار النظر ونسوا الهدف الأساس!
 فـي هذا الإطار، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» فـي 25 أيار 2010، قبل يومين من صدور الوثيقة الأمريكية للشرق الأوسط، عن خطة وضعها قائد القيادة الأمريكية الوسطى ديفـيد بتريوس، تطالب بتوسيع النشاط العسكري السري فـي دول الشرق الأوسط، بغية القضاء على الجماعات المسلحة، ومواجهة التهديدات فـي إيران والسعودية والصومال واليمن وغيرها من دول المنطقة، ونقلاً عن مسؤولين عسكريين، تضيف الصحيفة أن الخطة التي وقعها بتريوس فـي أيلول عام 2009، تسمح بإرسال قوات أمريكية خاصة إلى دول صديقة وعدوة فـي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والقرن الإفريقي لجمع المعلومات الاستخبارية وبناء علاقات مع القوى المحلية، وتتابع "نيويورك تايمز": إن الأعمال الاستخبارية قد تفتح الطريق أمام هجمات عسكرية محتملة ضد إيران على خلفـية ملفها النووي، بدليل أن الخطة تهدف إلى بناء شبكات قادرة على إضعاف القاعدة وتدميرها وغيرها من الجماعات المتشددة، وتحضير البيئة لهجمات مستقبلية قد تشنها القوات الأمريكية أو القوات المحلية الموالية.
لكن شيئاً من هذا لم يحدث، لأن الولايات المتحدة فكرت بأقل الأساليب كلفة، ألا وهو "الضد الطبيعي" أن صحت التسمية، فالمنطقة مهيأة لصراع طائفي إسلامي –إسلامي وهو ما عملت عليه أمريكا جاهدة في العراق، وعند قيام " الربيع العربي" وجدت الفرصة ملائمة لإطلاقه، وهو سر الإبقاء على القاعدة ومثيلاتها من التنظيمات المتشددة لاستخدامها في هذه الحرب، ولا يغرّنا إعلان الولايات المتحدة حربها على داعش لأن اللعبة باتت مكشوفة، ولا مجال لتقديم التفاصيل هنا.
إن خطة بتريوس، التي تشكل الوجه غير المعلن للاستراتيجية الأوبامية فـي المنطقة، هي التي سمحت، ولا تزال، للقوات الأمريكية بأن تنشط فـي اليمن بعد ثلاثة أشهر من بدء العمل بها، تحت عنوان تفكيك تنظيم القاعدة، فـي شبه الجزيرة العربية ويسعى بتريوس إلى الاعتماد على فرق صغيرة من رجال المخابرات لسد الثغرات الاستخبارية، حول المنظمات الإرهابية وغيرها، من التهديدات فـي الشرق الأوسط وجواره، لكن الأحداث على الأرض في اليمن وغيرها خدمت استراتيجية الولايات المتحدة، خصوصاً فـيما يتعلق بالجماعات الصاعدة التي تخطط لشن هجمات ضد الولايات المتحدة، إذ حولت وجهتها إلى البلد التي تعيش فيه، الأمر الذي أدى إلى مزيد من التطرف، وتعززت العلاقة بين "القاعدة" والحركات المنضوية تحت لوائها، ما أدى إلى رفع أسهم "القاعدة" فـي العالم الإسلامي، وما زالت "القاعدة" المركزية تلعب دوراً مهماً فـي توجيه وتشكيل وتسليح جبهات الجهاديين.
الولايات المتحدة تدرك هذه الحقيقة وتعمل لتكريسها، فهي باتت تملك أطول ذراع تمدّه إلى أي مكان من دون أن تكلف نفسها عناء السفر، وما محاولاتها المكشوفة في ضرب داعش ومثيلاتها من تنظيمات تكفيرية، إلا لإعادة هذه التنظيمات إلى الطريق المرسوم لها سلفا، وداعش انفردت ببعض التصرفات وعملت لحساب إستراتيجيتها ما تطلب شدّ أنها وإعادتها لخارطة الطريق الأمريكية.
التفكير الاستراتيجي الأمريكي للشرق الأوسط هو إطالة مدى الحرب عشرين سنة وربما أكثر، مادام هذا الاستنزاف للجيوش العربية والمجتمعات العربية والبنية التحتية لدولها هو الذي يطيل بعمر "إسرائيل" ويحقق ما عجزت عنه كل الحروب السابقة على مدى أكثر من ستين عاماً!!