فوضى المعرفة.. بقلم: إسماعيل مروة

فوضى المعرفة.. بقلم: إسماعيل مروة

تحليل وآراء

الاثنين، ٣٠ مارس ٢٠١٥

أتحاور مع أصدقائي دوماً في قضايا كثيرة، وألزم نفسي دوماً جانب المعرفة والاستزادة مما لديهم، فأنا مقتنع بأن ما لدي من بضاعة المعرفة قليل للغاية، خاصة إذا ما قيس بما لدى الآخرين الذين أحبهم وأتحاور معهم في قضايا كثيرة تحتاج إلى عمق ودراسة وبحث، ولا يكفي أن تتم معالجتها بعبارات إنشائية أو مجتزأة أو مسروقة من هنا وهناك..!
يؤلم كثيراً أن يعمل أحدهم في قضايا كثيرة، وأن يبذل جهداً وسهراً للوصول إلى نتائج مهمة نتيجة الاستقصاء والبحث، ومن ثم يأتي أحدهم ليختلس عبارة من هنا، ويأخذ خلاصة من هناك، ومن ثم ينبري متجاهلاً صاحب الفكرة الأصيل الباحث، فيبدو للناس والعامة صاحب فكر وفكرة! والمشكلة الكبرى أن من يحاور هؤلاء لا يملك الدراية، مع أنه في حال الصحة يمكن أن يكتشف السطو على الأفكار ببعض أسئلة وحوار!
نصّاب ارتدى ثوب الواعظ تحوّل إلى سيد يسترضيه الآخرون..!
لصّ سرق ما تيسّر له يتحدث من النزاهة وضرورة الأمانة، ونحن نتمسح به..!
جاهل يرتدي عمامة، ويلبس جبة، ويمسّد لحية ليتحدث عن الدين والرحمن، وهو نفسه لا يستطيع أن يقرأ آية من دون لحن!
قارئ المانشيت لا يتم قراءة المانشيت، ويجد نفسه مخولاً للحديث عن الآخر ووطنيته وانتمائه..!
جاهل لا يقرأ كتاباً أو جريدة يحكم على متعمق بالتسطح، لا لشيء، إلا لأنه غير قادر على اللحاق به وبقامته!
في كل أمر من أمور حياتنا وصلنا الدرك الأسفل، وفي كل حين نلصق الأمر بألوهة لا ندرك أبعادها! ثقافة لم نعد قادرين على قراءة ما يستحق القراءة، ولم نعد قادرين على إنتاج أي نوع من الفكر الذي يستحق القراءة! وشرعاً أصبحنا بلا شرع، وبلا مقدرة على فهم أو تطبيق أو عيش، ومع ذلك نجد أنفسنا أقطاباً مهمين ولا أحد يداني معارفنا!
نغط في جهل مقيم وندّعي لهذا الجهل أن الآخر يحسدنا على جهلنا! نعم هو يحسدنا، ولكن يحسد نفسه أكثر لوجود خصوم من مرتبتنا لا يحتاجون لأي نوع من الخصام، هم وحدهم سيسقطون من تلقاء ذواتهم دون أي فعل!
 هل نتخيل المريض الذي يظن السليم حاسداً له؟
لا أحد يظن أن الأمر خطر
لا أحد يعرف ما يدور، وإن عرف تجاهل، وإن تجاهل دار حول ذاته التي تحولت إلى محور الكون!
وحيدين نحيا، لسنا أكثر من بقايا
غاب عنا فكر، ضاعت عنا السياسة، هربت منا الكياسة!
ونحن نفرح بذواتنا التي صارت محور كون لا أحد فيه سوانا!
كم من القرون مرت ونحن نعيش وهماً كاذباً وغير جميل؟
هل نحن قادرون على معرفة حقائقنا؟!
عندما ندرك أننا جزء من كل، وأن جهلنا لا يعطينا التميز، سنبدأ حتماً في تلمس الطريق الطويلة التي تنتظرنا، وما انتظرناها يوماً..!
ألوب بحثاً عنك أيتها الذات
لا تميز فيك سوى أنك على الأرض
لا شيء فيك سوى أنك تريدين الحياة
لا شيء إلا مع الآخر وبالآخر
صوّبي نظرك إلى الشمال البعيد
اعرفي ذاتك وما لديك.