فرنجة وليسوا صليبيين.. بقلم: د. اسكندر لوقــا

فرنجة وليسوا صليبيين.. بقلم: د. اسكندر لوقــا

تحليل وآراء

الأحد، ٢٩ مارس ٢٠١٥

في صفحات التاريخ الحديث نسبياً، أو القديم نسبياً، نقرأ أحياناً عن الحملات التي شنت ضد منطقتنا منذ أواخر القرن الحادي عشر حتى الثلث الأخير من القرن الثالث عشر [ 1096 – 1291 ]، نقرأ عن أن تلك الحملات كانت حملات صليبية، بينما ثمة قراءات أخرى، تؤكد أن تلك الحملات كانت لغايات سياسية استعمارية – تجارية، وسميت حملات الفرنجة، لأن قول السيد المسيح في هذا الشأن لا يحتمل        أي تفسير.
السيد المسيح قال للقديس بطرس كما نعلم " يا بطرس رد سيفك إلى غمده، لأن من أخذ بالسيف بالسيف يؤخذ ". وفي السياق عينه، كان المسلمون في تلك الحقبة يتمتعون بلياقة أخاذة، فسمّوا القوات الغازية لمنطقتنا بأنهم فرنجة، وليسوا صليبيين لعلمهم بأن المسيحيين لا يقتلون. وما يدور الآن في بلادنا، لا يعبر سوى عن وصول قوات من الهمج، لا هم من المسلمين الأصيلين، ولا من المسيحيين الأصيلين، لأن أفراد كل طرف منهما هم من أتباع سادتهم الذين لا يؤمنون بالنبي العربي المبجل ولا بالسيد المسيح محب السلام.
من هنا وجب على مؤسسات التربية والثقافة والإعلام خصوصاً في الوقت الراهن، وجب عليهم بذل الجهد لتوضيح أن مسند ما تتعرض له سورية، ليس سببه الخلاف بين الإسلام والمسيحية، بل بين المسيحية والإسلام معاً من جهة، ومن جهة ثانية بين الخوارج عن هذين الدينين السمحين الذين جاؤونا من أكثر من تسعين دولة في العالم، أخذوا على عاتقهم تنفيذ ما طلب إليهم وهو محو معالم الحضارة في بلاد الشام مروراً بسورية والعراق وصولاً إلى ترجمة القول بإسرائيل من الفرات إلى النيل، واقعاً على الأرض.
هذه المعادلة، يتجاهلها بعض المثقفين أحيانا، بحكم الاعتياد على تردادها أو ورودها في بعض المؤلفات المدرسية والكتب السياسية المتداولة بين هواة القراءة والبحث عن المعرفة. وفي سياق تجاهل الحقيقة التي تتحدث عن دوافع الاستعمار بتبعاته المختلفة، وبالتالي البحث عن مشجب الصليبية لتبرير القول بأن الحملات كانت بدوافع دينية لا استعمارية سياسية - تجارية بحتة، في سياق هذا التجاهل لا يجد أحدنا، ونحن نعيش تداعيات المحنة في بيوتنا ومكاتبنا وأسواقنا، لا يجد سوى السعي لإيجاد فوهة في النفق المظلم الذي نمر فيه بحثاً عن مخرج، قبل أن يحل الظلام ويبتلع كل ما تبقى من شعاع الأمل الذي بات يبشرنا بقرب خروجنا من نفق الغدر والتآمر علينا.
iskandarlouka@yahoo.com