إشارات تنتظر الالتقاط.. بقلم: صالح صالح

إشارات تنتظر الالتقاط.. بقلم: صالح صالح

تحليل وآراء

الخميس، ٢٦ مارس ٢٠١٥

كثرة الوفود القادمة الى دمشق تؤكد شيئاً واحداً فقط، وهو أن سورية على أبواب النصر، وقد بدأت بشائر التعافي من المحنة تلوح في الأفق، حزمة إشارات أرسلت لمن يجيد التقاطها ويستفيد منها، أوروبا بحكوماتها وأحزابها وقواها السياسية باتت تعرف ذلك وتعي ما يعنيه بدقة، فلولا صمود سورية وتماسك جيشها وتضحياته لكانت أوروبا اليوم ملعباً رحباً للتكفيريين يصولون به كما يحلو لهم.
يبدو أن أوروبا وعت الآن هذه الحقيقة الواضحة وعرفت أهمية ما قامت به سورية، بعد أن اكتوت بنار الإرهاب التي  لسعتها بقسوة في أكثر من مكان، فتحركت وبدأت تتصرف بواقعية مع ما يحدث على الأرض من باب المصلحة الشخصية لها، إن لم نقل من باب الاعتراف بالحقائق وبصوابية النهج السوري، الذي كان واضحاً منذ البداية في تحديد منابع الخطر وحجمه وقوة تأثيره وانتشاره وقدرته على العبث بعقول الكثيرين ممن يعانون خواءً فكرياً، كان من السهل ملؤه بالفكر الظلامي والفتاوى السطحية لتصبح منهجاً بل ايديولوجيا يمارسونها بحياتهم اليومية، تكفيراً وقتلاً وتخريباً.
الجميع بات يعرف أن الوفود ـ والأوروبية خاصة منها ـ لا  تأتي عادة بدون موافقة حكوماتها، فهي لا تخالف المصالح العليا لدولها، مهما كان مستوى الديمقراطيةفيها، لأنها جزء من عجلة المؤسسات، حتى وإن كانت صفوف المعارضة بهذا البلد أو ذاك.
حتى الولايات المتحدة الأمريكية، المسؤول الأول عن كل ما حل بدول المنطقة من مصائب نتيجة مؤامراتها وتدخلاتها العسكرية ودعمها للإرهابيين الذين تلطوا وراء مسمى “المعارضة” في سورية وليبيا والعراق وباقي الدول العربية، بدأت بالبحث عن أبواب مفتوحة تدخل منها الى دهاليز التسويات تحت أي مسمى علها تغطي إخفاقاتها المتكررة، في فرض ما تريد وفق المخططات التي رسمتها وعملت عليها طوال السنوات الأربع الماضية.
وحده أمير “داعش” الحقيقي، ونقصد رجب طيب أردوغان، لم يلتقط الإشارات ولم يفهم المغزى العميق للتطورات الخارجية ومازال راكباً رأسه بغباء وتعنت رجل انكشاري يعيش في القرن السابع عشر، لا يرى أبعد من أنفه، ويظن أنه مركز الكون، ويستطيع أن يفعل ما يشاء دون حساب ودون أن يدفع ثمن أفعاله.
يجاريه في ذلك حلفاؤه في مشيخات الخليج الذين لا يعون ما ينتظرهم من وباء الإرهاب المنتشر، والذي صنعوه بأيديهم، وهم بالتأكيد يرتكبون خطأ فادحاً سيندمون عليه في الوقت الذي لن ينفعهم الندم، فالأفعى عندما تشعر بالدفئ ستتحرك وتلدغ من احتضنها وغذاها وحماها..!