داعش على خطا طالبان والحبل جرّار!! .. بقلم: غسان يوسف

داعش على خطا طالبان والحبل جرّار!! .. بقلم: غسان يوسف

تحليل وآراء

الأربعاء، ١١ مارس ٢٠١٥

لم تخرج داعش عن إرث حركة طالبان الأفغانية، فالأولى دمرت تماثيل بوذا من دون مراعاة لمشاعر أحد أو للقيمة الفنية لتلك التماثيل، والثانية دمرت مجموعة كبيرة من التماثيل والآثار والتحف الفنية التي تعود للحضارة الآشورية التي سادت في العراق لآلاف خلت قبل الميلاد.
لقد كان البعض محقاً عندما وصف ما حدث بـ " الجريمة الصادمة والمروعة " لتاريخ الإنسانية كلها.. جريمة يراد منها تهشيم ذاكرة حضارة موغلة في القدم تعود لآلاف السنين!
وعلى عادة الظلاميين الذين يكرهون الفن والإبداع فإنهم يلصقون بهذه التحف الفنية صفة الأصنام الواجب تحطيمها، ويتهمون مبدعيها بأنهم كفرة ملحدون وعبدة أوثان، تلك أفكار لا ترد لإنسان عاقل على مرّ العصور، لكنهم للأسف مازالوا لا يدركون قيمة التاريخ وآثاره.
ما يحز في النفس أكثر تلك الفتاوى المحرضة من جانب بعض المشايخ التي تحض على بيع الآثار المصرية أو هدم الأهرامات وأبي الهول باعتبارها بقايا حضارة وثنية وكأن رجال الفتح المسلمين لم يدخلوا مصر ويبقوا على هذه الآثار ذات القيمة الفنية والتاريخية ؟!
لا بل يذكر البعض أن السبب في تسمية مدينة الأقصر المصرية بهذا الاسم إنما يرجع إلى أن العرب انبهروا بكثرة المعابد والتماثيل الموجودة في المدينة.
تنظيم داعش الإرهابي الذي حطم متحف الموصل وما يحويه من تراث وحضارة وفن هو نفسه من حطّم كنائس وأديرة وأضرحة ومقامات لها خصوصيتها عند مواطنين سوريين وعراقيين، فهذان البلدان كانا مسرحاً لأهم الحضارات العالمية وأقدمها.
شرائط داعش السينمائية وتدمير متحف الموصل جاءت لتذكرنا بسرقة وتدمير متحف الرقة الذي كان أول المتاحف الذي سيطر عليها داعش والذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1861 ويضم مئات القطع الخزفية والأواني والزخارف الجصيّة والعقود الحجرية التي ترجع إلى العصور الرومانية والبيزنطية والإسلامية.
ولعل الوصف الدقيق لهذه الأفعال هو ما قالته بوني برنهام رئيسة جمعية الروائع النحتية العالمية التي تعنى بالحفاظ على المواقع التاريخية في العام 2001 بأن " ما قامت به طالبان من تدمير لتماثيل بوذا إنما هو جرائم لا تختلف عن جرائمها الأخرى بحق الإنسان نفسه " والكلام نفسه ينطبق اليوم على داعش.
نعم، هكذا يتوافق الفكر الداعشي الوهابي في العراق وسورية مع الفكر الإخواني السلفي في مصر، ليتحد الجميع على هدف واحد هو هدم الحضارة الإنسانية الممتدة من الفرات إلى النيل، لا لشيء إلا ليحققوا رغبة الصهاينة في إقامة دولتهم واثبات كذبهم بأن لهم حقاً في هذه المنطقة ! أليس حلم الصهاينة يتمثل بإقامة دولة تمتد من الفرات إلى النيل ؟ هل يمكن لعاقل أن ينكر أن ما يجري في هذه المنطقة يخدم الصهاينة في فكرهم وعقيدتهم ؟ للأسف هم يزوّرون كل شيء للحصول على تاريخ ولو كان كذباً ! ونحن نهدم لهم بأيدينا حضارة أجدادنا التي تقف شاهدة على عمق حضارة شعبنا وتجذّره في هذه المنطقة !!!