سورية تحارب الفكر الصهيوني المدمِّر.. بقلم: ميساء نعامة

سورية تحارب الفكر الصهيوني المدمِّر.. بقلم: ميساء نعامة

تحليل وآراء

السبت، ٧ مارس ٢٠١٥

قبل أربع سنوات من الآن، كانت سورية تنعم بأمان تحسدنا عليه جميع دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية التي تنتشر فيها الجريمة بوتيرة مرعبة.
والسؤال: من أين كان سيتوفر الأمن والأمان لولا توافر الظروف المؤدية إليهما؟
خلال العقود الأربعة الماضية وضعت سورية حجر الأساس لقاعدة الاكتفاء الذاتي، وبدأت عجلة المصانع والسدود والنهضة العمرانية والفكرية تؤسس لمرحلة سورية الحديثة.
 وفي العقد الماضي مع تسلم الرئيس بشار الأسد كادت سورية تتحول إلى دولة رائدة في منطقة الشرق الأوسط من حيث قوة الاقتصاد، ومن حيث الخطط الطموحة لنهضة متكاملة تعزز الاستقرار وتسير بالدولة السورية إلى مصافّ الدول الكبرى، بحيث تتحول من دولة موجودة بقوة على خريطة العالم إلى دولة مؤثرة بالعالم.
فالمخطط النهضوي كان يسعى إلى جعل سورية عقدة  اتصال و ربط بين العالم ومنطقة الشرق الأوسط، ولا يخفى على أحد المنافع المادية والمعنوية التي كانت ستعمّ على الدولة السورية.
 وبعد! الدولة التي تخطط وتضع برامجها حيّز التنفيذ الإنعاشي والتطويري، لا يمكن أن يقبل عقل بشري بأن تهدّ كل ما تمّ إنجازه خلال خمسة عقود. وإذا ما قمنا بمقاربة للمشهد السوري قبل السنوات الأربع الماضية بالمشهد اليوم، نجد بأن كل مكان دخلته العصابات الإرهابية تحول إلى دمار مرعب، بينما المناطق التي لم تقاربها يد الإرهاب استمرت في إنتاج الحياة السورية وفق الطموح الكبير في إعادة الحياة السورية أفضل مما كانت عليه.
من اللحظة الأولى لتمدد ما سمّته الصهيونية العالمية " الربيع العربي" وإعطاء الفيزا الصهيونية للمجموعات الإرهابية متعددة التسميات والجنسيات والإيديولوجيات، بدخول البلاد العربية على أمل تحقيق ما عجزت عن تحقيقه الجيوش الاستعمارية، كانت الدولة السورية تعي تماماً أنها تتعرض لعدوان حقيقي من الصهيونية العالمية.
واليوم مع توافد الزوار الأجانب الى سورية سواء كانت تلك الزيارات، سرية أم علنية، لابد من توجيه السؤال الذي يفضح حكومات تلك الوفود، هل محاربة الحكومات الغربية للإرهاب وهم أم حقيقة ؟ وعلينا أن نردف السؤال بآخر: ما سرّ العدو الوهمي الذي أسس لقيام الدولة العظمى الولايات المتحدة الأمريكية وهيمنتها على العالم ؟ ومع توالي الأسئلة؟ ما سرّ التبعية العمياء للقارة الأوروبية العريقة بحضارتها للولايات المتحدة الأمريكية التي خضعت لقانون التطور في محاولة منها لصناعة حضارة خاصة بها على أنقاض الحضارات البشرية المتراكمة؟
العالم كله يلوذ بالصمت أمام فاجعة إلغاء التراث في مكتبة الموصل، وحرق التراث الإنساني ببعده الحضاري، وتحطيم التماثيل في متحف الموصل في محاولة من الصهاينة الذين ارتدوا لبوس داعش لإلغاء أو إمحاء أو تصفية الامتداد الوجودي لحضارة الرافدين. دعونا نتذكر هنا المصطلح الأكثر شيوعاً في القرن الماضي "صراع الحضارات" وقد روجت له مراكز الأبحاث الأمريكية التي يسيطر عليها الفكر الصهيوني، في حينها قال الرئيس بشار الأسد: إن الحضارات لا يمكن أن تتصارع بل تتحاور، والصراع الحقيقي هو بين من لا يمتلكون حضارة ضد أصحاب الحضارات في محاولة منهم لطمس الحضارات وهو بالضبط ما يحصل اليوم.
الصهيونية العالمية تشتغل على تفعيل مصطلح صراع الحضارات وتحاول واهمة إقناع العالم أن الحضارة الإسلامية هي من تقضي على الحضارات الإنسانية . لكن داعش الصهيونية لا تمت للإسلام بصلة، لأن حضارة الإسلام الأولى بدأت بكلمة اقرأ، ولا تمت للمسيحية بصلة لأن الحضارة المسيحية الأولى بدأت بجملة بالبدء كانت الكلمة، ولا تمت للحضارات الأولى الأشورية والكنعانية والكلدانية وغيرها من الحضارات البشرية التي ما زالت موجودة بآثارها التي تعود لآلاف السنين .
 وتأسيساً على ما ذكرنا فإن الحقد الذي تمارسه داعش الصهيونية على وجود البقاء الحضاري يأتي في سياق نظرية صراع الحضارات وبالتالي القضاء على أثرها.
 فهل تعي الوفود الغربية التي تتقاطر لزيارة دمشق أقدم مدن العالم المأهولة وأعرقها، حقيقة نظرية العدو الوهمي التي تتوافق إلى حدّ كبير مع نظرية صراع الحضارات؟
الرؤية الأوضح لتلك الوفود أن الدولة التي وضعت خططاً تنموية لبناء سورية المتجددة، قادرة على وضع الخطط لإعادة الإعمار وتمتين الاقتصاد السوري الذي صمد طوال أربع سنوات وأسس لصمود الشعب السوري.
وإن بقاء المؤسسات السورية وعلى رأسها المؤسسة العسكرية، بكامل جهوزيتها وقدرتها على الصمود والانتصار على الارهاب بكافة أنواعه وتلوناته، أسس لقلب جميع المعادلات لمصلحة الدولة السورية القوية بشعبها وجيشها ومؤسساتها وقيادتها.