فعّالية البعث في الأزمة السورية.. بقلم: كميل العيد

فعّالية البعث في الأزمة السورية.. بقلم: كميل العيد

تحليل وآراء

الأربعاء، ٤ مارس ٢٠١٥

كثر الحديث داخل العديد من الدوائر والمراكز البحثية والسياسية والحزبية عن فعّالية حزب البعث العربي الاشتراكي أثناء الأزمة السورية. ويتهم البعض الحزب أنه لم يكن على مستوى الأزمة وتداعياتها, وأن البعثيين مارسوا سياسة النأي عن النفس منذ بداية الأزمة.
 ولكوني ممن ساهموا في قيادة العمل الحزبي والوطني في دمشق القديمة قبل وأثناء اندلاع الأزمة, وعايشت المرحلة بتفاصيلها, فإني أقول: إن القيادة القطرية السابقة تسببت بانكفاء الكوادر البعثية وابتعاد الكثير منها عن المساهمة في التصدي للهجمة التي تتعرض لها سورية. فمنذ اندلاع الأزمة تداعت كوادر الحزب وقواعده في دمشق, واستنفرت للدفاع عن الدولة الوطنية السورية. والتحقت بمؤسسات الحزب الآلاف من البعثيين القدامى ممن ابتعدوا عنه بسبب الترهل الذي كان سائداً. وتجمع حول مؤسسات الحزب آلاف المؤيدين لفكره والمؤمنين بقدرته على تجاوز الأزمة.
 وبدأنا في الكثير من القيادات القاعدية نعدّ‘ الشارع وقواعد الحزب للمرحلة المقبلة. ولم نطالب القيادة بإمكانيات, ولا مال, وعملنا مع القامات الوطنية ولاسيما في دمشق القديمة على إجهاض حالة الهستيريا التي أصابت بعض قطاعات الشعب. وبدأنا السعي لتقوية الحزام الشعبي حول حزبنا ونظامنا السياسي. ولكن للأسف بدأت عمليات التيئيس, وعرقلة العمل, بسبب أخطاء مقصودة أو غير مقصودة تأتي من القيادة التي أجهضت روح الاندفاع عند الآلاف من قواعد الحزب وقياداته القاعدية. فلم تكن تلك القيادة على مستوى الحدث, ولا على مستوى حركة القواعد, ولم تقرأ التاريخ, ولم تسعَ للاستفادة من تجارب الحزب السابقة. فخسرنا آلاف القواعد والكوادر القيادية الذين أصابهم الإحباط والاكتئاب واليأس من الممارسات المتتالية لسياسة التكاذب التي مارستها بعض القيادات الحزبية. فعلى سبيل المثال عندما التحق الآلاف من قواعد الحزب ومناصريه في مدينة دمشق بدورات كتائب حماية الوطن، لم يكن أحد منهم ينتظر مكافأة مالية, أو راتباً شهرياً, وكل ما كانت تريده هذه القواعد هو إعطاؤها الدور وتنظيمها وقيادتها وتوجيهها وفق استراتيجيات محسوبة النتائج, تؤدي إلى الانتصار على الأزمة. ولكن الطامة الكبرى كانت عندما مارست القيادة على القواعد لعبة التكاذب, ووعدتها بأجور ورواتب شهرية رمزية مقابل تفرغها للعمل الميداني. ولم تفِ القيادة السابقة بوعدها فأصيبت القواعد بالإحباط واليأس, وتراجع الحزب وكاد أن يحتضر كما يؤكد على ذلك الأمين القطري المساعد للحزب الرفيق هلال هلال الذي تحدث في العديد من المؤتمرات عن الحالة التي كانت سائدة والتي ورثت فيه القيادة القطرية الحالية قيادة الحزب.
 وجاءت القيادة القطرية الحالية لتعمل في جو من الترهل واليأس داخل قواعد الحزب بسبب أخطاء وقعت فيها القيادات السابقة. وأخذت القيادة الحالية على عاتقها العمل للخروج من الحالة السائدة فبدأت بإعادة هيكلة الحزب وفق معايير جديدة ومتجددة. ورغم أنها حققت الكثير من الإنجازات, إلا أنها ما زالت تصطدم إلى اليوم بإرث من عقلية التكاذب التي سادت في عهد القيادات السابقة. فما زال الكثير ممن امتهنوا العهر السياسي والأخلاقي موجودين بيننا, همهم الاسترزاق ولو على حساب أمن وأمان الوطن. إنهم الدواعش المسيطرون على بعض مفاصل الحزب والدولة, والذي تحدث عنهم رئيس مكتب التنظيم القطري الرفيق يوسف الأحمد في العديد من اللقاءات التي أجراها مع القواعد الحزبية. فداعش وكما يعبر عن ذلك الرفيق يوسف الأحمد ليست فقط تلك الجماعة الإرهابية الإجرامية التي تقتل وتنتهك الحرمات، بل إضافة لذلك هي تلك الفئة التي تسعى للنمو بيننا, والتي تحمل المعاول لتخريب حزبنا ومؤسسات دولتنا, والقضاء على الإنجازات التي تحققت خلال عقود من العمل الجاد والدؤوب. والتي أصبحت سورية بفضله دولة تمتلك مقومات مواكبة العصر.
 إن الإنجازات على صعيد الحزب التي تحققت في عهد القيادة القطرية الجديدة, ورغم أهميتها واتساعها, لا بد من تعزيزها وتطوير تجربتها من خلال تهيئة وتأهيل واستيعاب القيادات القادرة على العمل والتي تمتلك طاقات التطوير والتأثير في الرأي العام والمزاج العام من خلال سلوكيتها وفهمها لمنطق التاريخ.

----
هوامش
.. خسرنا آلاف القواعد والكوادر القيادية التي أصابها الإحباط والاكتئاب واليأس من الممارسات المتتالية لسياسة التكاذب التي مارسها بعض القيادات الحزبية.