شعارات مطاطة!.. بقلم: د.بسام الخالد

شعارات مطاطة!.. بقلم: د.بسام الخالد

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٤ فبراير ٢٠١٥

Bassamk3@gmail.com
بعد حادثة الاعتداء على صحيفة شارلي ايبدو الفرنسية التي نشرت صوراً مسيئة للإسلام تعالت الأصوات في فرنسا والعالم لضمان حرية التعبير وتنادى رؤساء العالم وزعماؤه للاحتجاج والتظاهر تضامناً مع فرنسا في محنتها!
عندما نشر" روجيه غارودي" الفيلسوف والمفكر الفرنسي كتابه: « الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية » والذي شكك فيه بـ "عدد" اليهود الذين أبادهم النازيون ودحض بالوثائق والمستندات كل الأقوال والأسانيد الصهيونية عن أسطورة الإبادة الكاملة، منع كتابه من التداول ووجهت له تهمة "إنكار وقوع جرائم ضد البشرية" وبدأت مضايقات اللوبي اليهودي له كالعادة ولم تُتِح له "الديمقراطية" الغربية التعبير عن آرائه ولوحق وحوكم.. ولولا مكانة غارودي في فرنسا لتعرّض لما تعرض له كاتب فرنسي آخر هو «بول راسينيه» الذي تحدث في كتابه: «غرف الغاز» الصادر في الخمسينيات عن أكذوبة "الهولوكوست " ووصفها بأنها أبشع وأفظع ادّعاء تاريخي عبر العصور ما أدى إلى محاكمته وسجنه مع ناشر الكتاب.. آراء غارودي هذه ممنوعة من النشر لأنها تتعرض للأكاذيب الصهيونية عن الهولوكوست، وهي مقدسات لا يجوز المساس بها في عرف الديمقراطية الغربية!
مع ذلك لم يتجرأ فرد أو مؤسسة أو مسؤول فرنسي أو غربي من اتخاذ موقف متضامن مع روجيه غارودي أو الدعوة لتظاهرة أو وقفة احتجاجية ضد ما لاقاه من تعسف وحملات تشهير.
لقد رصدتُ عدة تحولات للحرية الغربية فيما يتعلق بالثقافة والإعلام- على وجه التخصيص- فاكتشفت كم كنت مضلّلاً وكم كانت نظرتي قاصرة لهذا المفهوم "الديمقراطي" الذي يكيل بمكيالين متباينين تمام التباين، واكتشفت التأثير الذي يمارسه "اللوبي اليهودي" وليس "الصهيوني" فقط، على المفاهيم والممارسات الديمقراطية في الغرب، وخلصت إلى نتيجة مفادها: أنت حرُّ فيما تقول بقدر ابتعادك عن "اليهود" والحقائق التاريخية التي تتعلق بالنظرة الواقعية لليهود، أما عندما يكون الحديث عن العرب والمسلمين, فالساحة الثقافية والإعلامية مفتوحة تحت قاعدة حرية التعبير واحترام الرأي!
هل تذكرون قضية الكاتب "سلمان رشدي" - الهندي الأصل البريطاني الجنسية - الذي كتب رواية (آيات شيطانية) والتي تعرّض فيها بالنقد العنيف لآيات القرآن ومفاهيم الإسلام الأمر الذي أثار الرأي العام المسلم ضده وتمت المطالبة برأسه.. وبالطبع لسنا بصدد مناقشة هذه القضية فقد أُشبعت نقاشاً فيما مضى، لكننا بصدد الاحتضان الغربي لهذا الكاتب بحجّة الديمقراطية والحرية الفكرية، وتمت حماية هذا الكاتب وتغليفه بـ "سلفان" أمني مشدّد حرصاً على حياته!
بالمقابل فإن الممثل العالمي المشهور "مارلون براندو" الذي اشتهر بدفاعه عن الملوّنين في العالم وتحدّى من قلب هوليوود التدخلات السافرة التي يقوم بها اليهود لتحويل وجهة السينما العالمية لصالحهم، فقد تعرض للنقد والتجريح من الأوساط الصهيونية وطالبوه بالاعتذار وإلاّ.. فالنتيجة معروفة !
بعـد صدور كتاب غارودي صدر قانون جديد ينص على التالي: "يعاقب كل من يقلّل علناً أو ينفي أو يسعى إلى تبرير إبادة أو جرائم وقعت بحق الإنسانية".. ولا يخفى ما للبصمات اليهودية من وضوح في استصدار هذا القانون الذي مُنع بموجبه كتاب روجيه غارودي.
وهنا نتساءل: هل رصد هذا القانون الإبادات التي حصلت للعرب على أيدي الصهاينة منذ احتلالهم لفلسطين وما تلاها؟!
إنه تناقض مفضوح في حرية الفكر والمفكرين، فاللوبي اليهودي المسيطر في العالم يعزز، باسم الديمقراطية، صورة العرب والإسلام المشوهة، ويمنع في الوقت نفسه، وباسم الديمقراطية أيضاً، كل كلمة تقال عن اليهود والصهيونية تحت شعار "حرية التعبير".. ويا له من شعار مطاط !!