لماذا "مسلمون" وليسوا "عرباً"؟!.. بقلم:د.بسام الخالد

لماذا "مسلمون" وليسوا "عرباً"؟!.. بقلم:د.بسام الخالد

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١٧ فبراير ٢٠١٥

Bassamk3@gmail.com

يقول الخبر: مقتل عائلة مكونة من ثلاثة (مسلمين)  تم إطلاق النار عليهم في مبنى سكني، بالقرب من جامعة كارولينا الشمالية في "تشابل هيل" بدوافع "كره الإسلام"..!
وحددت الشرطة أسماء الضحايا وهم ضياء شادي بركات (23 عاماً - سوري أميركي)، وزوجته يسر محمد أبو صالحة (21 عاماً فلسطينية أميركية)، وشقيقتها رزان محمد أبو صالحة (19 عاماً).
وأعلنت الشرطة القبض على شخص يدعى كريج ستيفين هيكس (46) عاماً للاشتباه في وقوفه وراء جريمة القتل، وَوُصف هيكس بأنه "ملحد" وعبّر عن كرهه للأديان سابقاً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي..!
 وتسببت الجريمة بموجة من الغضب العارم في مواقع التواصل الاجتماعي حيث بث البعض صوراً للضحايا مع عبارات تصف الحادث بالجريمة العنصرية، وقارن البعض الجريمة بالهجوم وإطلاق النار في مقر صحيفة شارلي إيبدو في فرنسا، ودعوا الرئيس باراك أوباما وكبار الشخصيات الدينية إلى إدانة الهجوم.
(انتهى الخبر).
دققوا معي في المصطلح: (مقتل عائلة مكونة من ثلاثة مسلمين)، وليس (عرباً)، وكأن الذين قتلوا لا قومية أو جنسية لهم سوى أنهم "مسلمون"، مع أنّ الضحايا يحملون الجنسية الأميركية، وهم في المحصلة مواطنون أميركيون، الأمر الذي يظهر عقدة "الإسلاموفوبيا" لدى الأميركيين والغرب عموماً، ويعطي تبريراً ضمنياً لأسباب الجريمة، بعد التطرف والأعمال الإرهابية التي مارستها مجموعات وأفراد باسم الإسلام وقد يخفف هذا التبرير من عقوبة الجريمة لتتحول إلى فعل جنائي من مهووس مع أنها جريمة عنصرية بامتياز!! 

في وصف القاتل قيل: (وَوُصف هيكس بأنه "ملحد" ويكره الأديان)، هنا إشارة أخرى لتعميق خبر الجريمة بأنها موجهة ضد الإسلام، وقد يخفف ذلك من وقعها لدى الرأي العام على أنها ردود فعل طبيعية للعداء المتنامي ضد الإسلام، مع موجة الإرهاب التي يُتهم بها المسلمون هذه الأيام، وطالما القاتل "ملحد" فلديه دوافعه ضد جميع الأديان وليس الإسلام وحده.. وهنا يتبادر سؤال: لماذا لم يقتل عائلة يهودية إذا كان الأمر كذلك؟!
الإعلام الأميركي لم يتناول خبر الجريمة كما تناول حادثة شارلي إيبدو في فرنسا،
واكتفى بنشر خبر مقتضب، وأشارت بعض المصادر إلى أن الشرطة الأميركية تتحفظ على الإعلان عن الجريمة ومنعت، بقرار قضائي، نشر الخبر في وسائل الإعلام الأميركية، بينما تتصدر أخبار "المسلمين" العناوين الرئيسة في جميع وسائل الإعلام الأميركية عندما "يضغطون على الزناد" أما عندما يصبحون ضحايا فالأمر مختلف!!
في نظرة تاريخية إلى الإعلام الأميركي، نجد أن العرب نالوا من الظلم والإهانة، ما لم تنله أي أقلّية على أرض الولايات المتحدة كـ"السود والإيرلنديين"، حتى إن الكثير من شباب الأقليات الأخرى قالوا بعد ما شاهدوا رسوم الكاريكاتير التي تتناول صورة العرب بالتحقير والتشويه: "يا إلهي إننا لا نستطيع تحمّل مثل هذا"!!
لقد أطلق رسامو الكاريكاتير العنان لمخيلاتهم من أجل تصوير العرب في الصحف والمطبوعات الإعلامية بأشكال وهيئات وحالات مقززة، من دون أن تثير تلك الرسوم استياءً أو اعتراضاً على ما ترمي إليه من دلالات ومعان، سواء من الحكومة الأميركية أو من الجاليات العربية التي لا حول لها ولا قوة، مع أن أميركا تسوّق نمطها الفريد عالمياً في الديمقراطية وحقوق الإنسان!
 ولعل أهم العوامل التي تبقي على الصورة المشوهة للعرب، في العقل الجمعي الأميركي، حرص اللوبي الصهيوني في أميركا على الإبقاء على هذه الصورة واستغلالها لصالح تأييد الرؤية الصهيونية للصراع العربي– الإسرائيلي واستقطاب الدعم المالي والمعنوي والعسكري لإسرائيل باعتبارها "المخفر الأمامي الحامي للغرب في تلك الصحراء المتوحشة الحمقاء" بحسب رأيهم!!
ذلك يوضح أن الإعلام الأميركي يتبع السياسة الأميركية، وليس حقلاً محايداً مفتوحاً للسجال الديمقراطي، وإن هذا الإعلام لا يتمتع بالحرية التي يتشدقون بها.
بالطبع لن أتحدث عن دور عرب البترول، ولا عن أموال النفط المودعة في البنوك الأميركية وقدرتها على صنع (لوبي عربي) ضاغط يمكن أن يغيّر- ليس السياسة الأميركية تجاه العرب والمسلمين فحسب- بل هو قادر على تغيير النمط الأميركي برمّته وإحداث انقلاب جذري لصالح العرب والمسلمين أيضاً واستبدال صورتهم المشوهة بأجمل الصور.. لكن لا حياة لمن تنادي!!