الإعلام الاقتصادي للأزمة.. بقلم: د. سمير صارم

الإعلام الاقتصادي للأزمة.. بقلم: د. سمير صارم

تحليل وآراء

الأربعاء، ٤ فبراير ٢٠١٥

الأزمة تعريفاً هي لحظة حرجة لا تنفع معها الحركة الروتينية المعتادة، وعلى هذا يمكن أن نقيس أي أزمة في أي قطاع أو مجال، ونقدّر الفعل غير المعتاد المطلوب لمواجهتها.
إنّ الأزمة في سورية تستدعي تعاملاً مختلفاً عما كان يمكن أن يكون لو لم تكن، وعليه يمكن القول: إنّ على إعلامنا مهمات لم تكن مطلوبة منه في الماضي، سواء في توجهه نحو الخارج أم الداخل، وربما نستطيع القول إنّه بات أمامه مهمات غير عادية، وعليه أن يواجه تحديات لم تكن قائمة قبل الأزمة.. إنّها مهمات أو ربما تحديات استثنائية في ضوء الحرب الكونية التي تشن ضد سورية في الأرض والفضاء معاً، وقد سخّروا لها من الإمكانات والطاقات ما لم يسبق أن تم تسخيره ضد أي دولة في العالم.
باختصار إنّ إعلامنا قبل الأزمة هو غيره بعدها، لكن شأناً مهماً يجب أن يستوقفنا هنا هو الشأن الاقتصادي في هذا الإعلام، بمعنى هل لدينا إعلام اقتصادي للأزمة؟..
في الإجابة عن هذا التساؤل أجيب بأنني لا أعتقد أننا تعاملنا إعلامياً مع شؤوننا الاقتصادية كما ينبغي أن نتعامل في ظل هذه الأزمة، خاصة أنّ تركيز المتآمرين على القطاعات الاقتصادية والنقدية والمعيشية بات واضحاً، فالمعامل يتم تدميرها، وخطوط النفط يتم تفجيرها، ومحطات التحويل يتم تخريبها، والبنى التحتية يتم استهدافها، والحقول يتم حرقها، والمواد التموينية تتم سرقتها، والليرة يتم التلاعب بسعر صرفها، والمليارات نخسرها!.. إلى غير ذلك من وقائع تقلق الحكومة والمواطن وتخيفهما من الغد!..
لذلك يجب أن يكون لدينا إعلام اقتصادي للأزمة يطمئن المواطن ويرفع معنوياته، وبالتالي صموده.. علينا طمأنته بالحديث عن مكامن القوة في الاقتصاد السوري، والعمل على توظيف هذه المكامن بالفعل، وأن يلمس هذا المواطن أفعالاً إيجابية في حل أزماته اليومية كي يثق بالحكومة وقراراتها، وباقتصاده ومكامن قوته، وهنا أشير إلى أنّ فضائيات ووسائل إعلامية تعادي سورية كثيراً ما أعدت تقارير تحدثت فيها عما وصفته بانهيار الاقتصاد السوري استناداً إلى تصريحات وزراء سوريين ولاسيما وزير النفط السابق، وكما يأتي في بعض تصريحات وزراء ومسؤولين حكوميين حاليين، وهي بذلك ترفع معنويات المسلحين، مقابل إحباط المواطنين!...
إنّ مجرد إشاعة واحدة أو تصريح واحد يمكن أن يؤثر سلباً على الثقة بقدراتنا الاقتصادية وهي عديدة، وبإجراءاتنا الحكومية وأفترض أنّها في الأزمة يجب أن تكون يومية، وهي ليست كذلك، والاقتصاد المتين يدعم القرار السياسي، وهذا ما نريده من اقتصادنا، وهذا ما يستطيعه فيما لو وثقنا به ولم تفعل بنا التصريحات التي تتحدث عن الخسائر فعلها!.. بمعنى أنّ المطلوب التركيز على الجوانب الإيجابية فيه، والتأكيد على مكامن ومصادر قوته التي يختزنها، ونوظفها جيداً لرفع معنويات المواطنين وتجنيبهم الخوف من الغد على صعيد حياتهم ومعيشتهم، وهذا يتطلب أن يكون لدينا إعلام اقتصادي للأزمة.. أو إعلام أزمة اقتصادي، ولهذه الغاية تم تشكيل خلية إعلام اقتصادي للأزمة، أو خلية أزمة للإعلام الاقتصادي، على مستوى وزارة الإعلام ومؤسساتها، توجّه إلى ما يجب أن يُقال ويُنشر ويُبث ويُذاع، وما يحب أن يكون من حوارات أو العكس، وتكون هذه الخلية بمثابة العين الساهرة على الإعلام الاقتصادي في هذه الأزمة.
ركائز الإعلام الاقتصادي خلال الأزمة
وهنا لابد من الإشارة إلى عدد من الركائز التي يجب أن يستند إليها الإعلام الاقتصادي خلال الأزمة وهي:

الهدف:
أ- مناقشة الواقع الاقتصاد السوري وتشخيصه بسلبياته وإيجابياته؛ ببعديه الاقتصادي والاجتماعي بهدف الوصول إلى حلول لبعض المشكلات القائمة ويكون لدينا إعلام أزمة.
ب- نشر وعي اقتصادي وتنموي يناسب الأزمة بجوانبها الاقتصادية والاجتماعية.
ج- الحث على إصدار التشريعات واتخاذ الإجراءات المناسبة للتعامل مع مفرزات الأزمة بجوانبها المختلفة.
د- محاربة الفساد بكل أشكاله ومظاهره.

أفكار أساسية في التوعية:
- التخلي عن عقلية الاتكال على الدولة في كل شيء وتشجيع المبادرات الفردية لاسيما الإنتاجية.
- تعزيز أفكار التشاركية في النشاط الاقتصادي.
- إعلاء قيمة الإبداع الفكري والاقتصاد المعرفي.
- نشر قواعد التنافسية الشرعية بما يخدم الاقتصاد الوطني والمنتج والمستهلك.
- الترويج للاستثمار في مختلف القطاعات الاقتصادية ولاسيما القطاعات ذات القيمة المضافة العالية.
- الحض على حل المشكلات المعوقة في القطاعات الإنتاجية.

مجالات التغطية:
- الفعاليات الاقتصادية (زراعية- صناعية-حرفية).
- الفعاليات العلمية والتعليمية ذات الصلة بالأنشطة الاقتصادية(موارد بشرية).
- عمليات إصلاح الإدارة الاقتصادية في القطاعين العام الخاص وإبراز أهميتها.
- العلاقات الاقتصادية بين سورية والعالم ولاسيما مع الدول التي تقف إلى جانب سورية في هذه الأزمة.
- إعادة الإعمار.

مبادئ في التغطية:
- استلهام مواضيع البرامج الاقتصادية ومجالاتها وأسمائها من متطلبات الحالة الملموسة للاقتصاد السوري خلال الأزمة (أي تحاشي نقل واستعارة الصيغ والقوالب البرامجية التقليدية).
- التركيز على الهمم والمشكلات الحقيقية للدولة والمجتمع والفرد؛ والتأكيد على الاهتمام باحتياجات المواطن المعيشية.
- أن يتواكب الإعلام الاقتصادي مع الأحداث الجارية ويؤكد على حل المشكلات لتعزيز الصمود الاقتصادي.
- مصداقية في أسلوب معالجة المعلومات والأفكار.
- زيادة حصة البرامج التفاعلية على الشاشات الوطنية..
 
مستلزمات:
- تغيير نظرة المخطط الإعلامي في التلفزيون والإذاعة والصحف والإعلام الإلكتروني إلى الإعلام الاقتصادي خلال هذه الأزمة ليكون في أولويات الشاشة على القنوات الوطنية.
- تخصيص البرامج الاقتصادية بمساحة بث ونشر كافية بحيث تتضمن التطلعات التنموية في الهيكل البرامجي للقنوات والصحف.
- إعطاء البرامج الاقتصادية مواعيد بث تفضيلية قدر المستطاع.
- تشكيل فريق إعداد للبرامج الاقتصادية التي تحتاج إلى ذلك (فريق إعداد _ مشاور فكري_ محرر ميداني إلخ).
- الاهتمام بعناصر الجذب الشكلي (ديكور مناسب؛ محسنات بصرية؛ غرافيك؛ خدمات تقنية ملائمة).
- رفع تعرفة أجور الأعمال الأساسية في البرامج الاقتصادية (الإعداد والتحرير؛ التقارير الميدانية وغيرها).
- تخصيص البرامج الاقتصادية التلفزيونية والإذاعية ذات الطبيعة الميدانية والاعتماد بميزانية إنتاجية تسمح بتغطية النشاط الاقتصادي السوري في مواقعه على امتداد البلاد، وإظهار إمكانية إقامة مثل هذا النشاط في مختلف المناطق.
 - إتاحة خيار الاعتماد على خبرات إعلامية واقتصادية من خارج الإعلام الرسمي لإعداد برامج اقتصادية أو الإشراف عليها.
- تشكيل كادر فني للقيام بعملية المتابعة على المواقع الالكترونية وتشكيل أرشيف مرجعي خاص بالإعلام الاقتصادي.
لقد أهملنا الإعلام الاقتصادي للأزمة على الرغم من أهمية الشأن الاقتصادي لقرارنا السياسي ولصمودنا، فهل نتدارك الأمر ولو متأخرين؟..