المكتوب مبين من عنوانه..بقلم: إيفلين المصطفى

المكتوب مبين من عنوانه..بقلم: إيفلين المصطفى

تحليل وآراء

الأحد، ١ فبراير ٢٠١٥

Evlism86@gmail.com
لم يكن يخطر في بال المواطن السوري أن يستقبل عامه الجديد بقرارات اقتصادية خانقة لحياته المعيشية وخاصة أنّ نهاية العام الماضي كانت تدل بمؤشراتها الاقتصادية على أنّ الفريق الاقتصادي يسير باتجاه سياسة تحرير الأسعار وتقييد أمعاء المواطن الذي بات التقشف سمة أساسية في حياته اليومية.
قرارات الفريق الاقتصادي الأخيرة برفع سعر المازوت والخبز والغاز والتي بذلت الحكومة عبر مسؤوليها جهوداً لإقناع المواطنين أنّها قرارات صائبة إلا أنّ المواطن السوري يبدو أنّه اعتاد أن يعتاد على كل ما تنتجه الحكومة من قرارات محطمة وقاتلة للأمل والتفاؤل بأنّ الغد القادم أجمل ومن المفارقات أن تبقى تصريحات المسؤولين وتبريراتهم بعيدة كلّ البعد عن الواقع لنسمع أحدهم يقول وبالفم الملآن أن رفع أسعار السلع مطلب جماهيري، والسؤال هنا هل يعقل لمواطن يعيش أزمة خانقة أن يزيد الخناق على حياته ويطالب برفع الأسعار في حين لا يجد عملاً يحقق له أجراً يسد به رمق حياته، وهذا إن دلّ على شيء فإنّه يدل على أنّ المسؤولين مازالوا يتبعون سياسة استغباء العقول، وعلى المقلب الآخر نجد أحدهم يكتب ويبرر ويثني على صوابية القرار بأنّ الحكومة اتخذت هذه الإجراءات لضبط سياسة عقلنة الدعم وإيصال الدعم لمستحقيه، وكأن الطبقة الغنية كانت تنتظر خبر رفع الأسعار لتخسر الدعم المقدم من الحكومة على السلع التي كانت تؤمنها للمواطن بسعر مدعوم مثل الخبز ومادة المازوت، والسؤال إن كان التبرير هو بعقلنة الدعم فيتوجب على الحكومة أن تقدم برنامجها الاقتصادي الواضح فيما يخص الإجراءات التي ستعوض بها أصحاب الدخل المحدود والطبقة الفقيرة مقابل رفعها للأسعار، وإن كان البعض يجد بأنّ منح تعويض معيشي للموظفين في القطاع العام هو البديل يتوجب على الفريق الاقتصادي أن يأخذ بالاعتبار أنّ عدد غير الموظفين يتجاوز عدد الموظفين في القطاع العام، وعلى الرغم من قيام وزير العمل بفرض قرار يلزم القطاع الخاص على منح العاملين لديه تعويضاً معيشياً إلا أنّ الجميع يدرك بأنّ القطاع الخاص ومنذ بداية الأزمة اتجه لتقليص عدد الموظفين نتيجة الأزمة وانخفاض إيراداته وبالطبع فإنّ إلزامه بمنح العاملين لديه تعويضاً معيشياً سيدفعه لتقليص عدد العاملين واتباع سياسة "من دهنه سقيله" وبالتالي فإنّ التعويض المعيشي انعكس سلباً على جيوب غير العاملين علماً أنّه تبخر أيضاً في جيوب أصحاب الدخل المحدود نتيجة استغلال التجار لكل قرار بزيادة الأجور والذي يساهم بزيادة نسبة التضخم وتآكل القدرة الشرائية لليرة السورية التي بلغ سعر صرفها أمام الدولار بحدود 215 ليرة سورية.
ومن المفارقات نجد أنّ المدافعين عن قرارات الفريق الاقتصادي والقائمة على رفع الأسعار وتطبيق سياسة تحرير الأسعار هم نفسهم من كانوا يناقضون سياسة المستشار الاقتصادي السابق "الدردري" ويرفضونها رفضاً شديداً باعتبارها سياسة تحابي قرارات المؤسسات المالية الدولية المانحة للقروض، واليوم نجدهم يبررون ويدافعون عن ذات السياسة ويجدون لها الحجج الكافية والوافية لتطبيقها ليصبح ما كان يحلم بتطبيقه المستشار السابق واقعاً مريراً يعيشه المواطن السوري ولم يعد ينفعه أي حملات دعائية لتغيير مزاجه أو لخلق تفاؤل لديه بأنّ القادم أجمل نتيجة فقدانه الثقة بالمؤسسات الاقتصادية المعنية بحياته المعيشية وعلى قائمتها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك التي أثبتت خلال الأزمة عجزها وقصورها في كبح الأسعار وتأمين المواد والسلع وخاصة المشتقات النفطية من غاز ومازوت وكأن فصل الشتاء يأتي على غفلة دون موعد مسبق، ولتكتمل سعادته باتخاذ قرار رفع الأسعار في وقت تجمدت فيه الأجساد والعقول والجيوب.
من هنا نجد أنّ مقولة عيشها غير ينطبق عليه المثل القائل"المكتوب مبين من عنوانه "وبالفعل فقد بدأ المواطن السوري عامه الجديد بطريقة حياة مختلفة كلياً عن السنوات السابقة وبدأ يعيشها بشكل آخر مع ارتفاع الأسعار وتحليقها عالياً وأصبح قادراً على أن يعيشها مستغنياً عن أبسط لوازم حياته المعيشية بدءاً من الكهرباء وليس انتهاء بمادة الغاز والمازوت وهو مؤشر أنّه قادر على أن يكمل حياته دون وجود وزارات ومؤسسات تدعي مسؤوليتها تجاهه.