عيشها غير.. سيجار.. وحماية مستهلك!!.. بقلم: إسماعيل مروة

عيشها غير.. سيجار.. وحماية مستهلك!!.. بقلم: إسماعيل مروة

تحليل وآراء

الجمعة، ٣٠ يناير ٢٠١٥

 (بتقدر تعيشها غير) شعار جميل وبرّاق بدأنا نراه مع بداية العام الجديد، بعد أن بقينا على مدى أسابيع في العام المنصرم نطالع رقم العام الذي سندخله مع إشارة استفهام، ثم بدأت الإعلانات البرّاقة تظهر علينا.
فبعد كل ما جرى خلال أربعة أعوام، صار المطلوب منا أن نقلب الصفحة ونصححها لنعيش غير! فهل يمكن أن يكون الأمر بهذه البساطة؟ والتكلفة الإعلانية الكبيرة أليس بوسعها أن تقوم هي بقلب الصفحة ليعيش الإنسان السوري غير؟! كل ما في الحملة الإعلانية هو دعوة للمتلقي، للقارئ، للمواطن، للمعني المعاني أن يحاول أن يعيش غير! هل هذا حقيقة؟ وهل بإمكان المواطن فعلاً أن يعيشها غير بمجرد أن يقرر، وهو لا حول له ولا قوة؟! أما من دور للآخر أو الآخرين؟ ماذا عن دور أولي الأمر؟ ماذا عن دور الوزارات العديدة؟ ماذا عن الدور الفردي الرائد للوزراء الذين جاؤوا في زمن صعب؟ هل يكفي أن يصرّح أحدهم ويرعى ويراهن على الغد؟ هل يكفي أن يتمترس في أماكن محددة لأسباب متعددة؟
كثير من السادة المسؤولين يعيشون حياتهم كما يشاؤون! لا يتخلون عن أي ميزة من المزايا! لا يعانون ما يعانيه المواطن المطلوب منه أن يعيش غير، وربما غير شكل! من يطلع على واقع الحال سيجد أنّ عدداً لا يستهان به من المعنيين يعيش حياته وامتيازاته دون أي انتقاص، بل ربما استفاد أحدهم من الموقع وإغرائه، فوصل إلى قضايا لم يكن ليحلم بها، ولا داعي لذكرها، فهم أي المسؤولون ينتقدون من عنده وسعة من مال عندما يجلس ليستمتع بما له، وها هم يفعلون فعله، فالمشروب قريب في شكله من المازوت الذي افتقده المواطن الطماع الذي يريد أن يحرقه، وهم، أي المسؤولون لا يفعلون فعل المواطن، لا يدخنون اللفائف الأنيقة البيضاء، بل يدخنون الدخان (السيجار) بلونه القاتم شديد القتامة، ويعانون من رائحته والسعال، ولا يصلون إلى ما وصل إليه المواطن من رفاهية السجائر البيضاء والملونة وذات النكهات العديدة!!
هل نتابع جردة الحساب في تحمل السادة المسؤولين مع المواطن، فعلى الرغم من غياب الجو المناسب، وافتقاد المواد، وانهمار الثلج، وانقطاع الطرقات يخرج المسؤول علينا ليقول: لا أزمة في الوقود، ونحن نرسل إلى المحطات، هل جرب هذا المسؤول معرفة المخازن المخفية، ومعرفتها لا تكلف كثيراً؟! هل من الصعب أن يقف أحد المرافقين دون أن يعرفه أحد ليعرف مصير مادة المازوت بين صاحب المحطة، وبين عناصر البلديات التي أوكلت إليهم مهمة التوزيع، وقد انغمسوا في فساد الأزمة فكان مصير مادة المازوت مصير المعونات التي صارت إلى بيوتهم وأحبابهم، والفرق لا وجود له بين الأمرين فالمعونات يبيعون العبوة بثلاثة آلاف ليرة، وتكلفتها أكثر من عشرة آلاف، والمازوت يأخذون حصصاً وجزءاً من الأرباح، وإلا بماذا أفسّر أن تبقى مولدة مسؤول قزم صغير تعمل على أربع وعشرين ساعة، وجاره يمضي ليله يسعل من دخان الحطب الذي لم يتخلص من خضرته؟!
يبدو أنّ السيد وزير التموين وصل إلى ضرورة المشاركة، فصرنا من أسابيع نرى في حملة (عيشها غير) رعاية ومشاركة وزارة التموين وحماية المستهلك، واكتشف السيد الوزير من خلال صيحات المواطنين الفرحة بالتلوين والصفحة المقلوبة، اكتشف طريقة الحل، فقد عرف أنّ الناس في بحبوحة، وأنّها تدفع أضعاف المبالغ المقررة عن وزارته للحصول على المواد، وساعده على ذلك موقع وزارته قرب أفران ابن العميد في معرفة الأسعار الواجب حماية المستهلك من خلالها، فقام رعاه الله بجردة حساب، وقرر حماية المستهلك في أسعار مدروسة للمازوت والغاز والخبز، كلها ثلاث مواد لا تهم..!
فعلاً اقلبها لتعيش غير، ولكن لو كان عند السيد الوزير وزملائه طالب أو أكثر في الجامعة، ويستخدم وسائل النقل العامة سيعرف أنّ مرتب الأب لن يكفي أجرة مواصلات!! وهذا ما يريده السادة المسؤولون: عيشها غير، واركب قدميك!!